احتفاء بصفوح النعماني... موسوعة بصرية توثق تاريخ السعودية

مدينة جدة في الخمسينات بعدسة النعماني (واس)
مدينة جدة في الخمسينات بعدسة النعماني (واس)
TT

احتفاء بصفوح النعماني... موسوعة بصرية توثق تاريخ السعودية

مدينة جدة في الخمسينات بعدسة النعماني (واس)
مدينة جدة في الخمسينات بعدسة النعماني (واس)

سلسلة تاريخية من التصوير الفوتوغرافي عرضت تحت عنوان «الحفاظ على زمن مضى»، جسدها الفنان الراحل، صفُّوح النعماني (1926 - 2016) جمعت مشاهد ولحظات نقلها من خلال رحلة استكشافه التوثيقية حول السعودية في منتصف القرن العشرين.
نشأ النعمانيّ، في العاصمة اللبنانيّة بيروت. بدأ هاوياً للتصوير الفوتوغرافي في عام 1941. وتعمّق في مهنة التصوير بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لينتج عمله الأول في الصحافة «بيروت في الليل».
أراد النعماني من خلال أعماله وبرغبة ملحة منه، في إيصال مفهومه عن الماضي إلى فهم طبيعة الحياة العابرة، والحفاظ على قيمة وقت ثمين قد مضى.
واستطاع في 6 مارس (آذار) من عام 1951، التوجه إلى مدينة جدة في غرب السعودية، ليحترف مهنة التصوير ويفتتح «ستوديو صفُّوح» ليستقبل الزائرين، وليحصل بعد فترة من الزمن على موافقة شفوية من الأمير عبد الله الفيصل، وزير الداخلية السعودي آنذاك، لتصوير أول صور ملونة عن مكة المكرمة، والمسجد الحرام وموسم الحج.
الاحتفاء بالنعماني كأحد أهم المساهمين في التوثيق المرئي لتاريخ السعودية في عرض أعماله والتعريف بها، جاء ضمن المعرض الفني المصاحب لـ«أسبوع مسك للفنون 2020» بالتعاون بين معهد مسك للفنون ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، عرضت فيه أعمال النعماني صوراً سينمائية عن مدينة جدة. إضافة إلى فيلمه «الحج إلى مكة» من سنة 1963. الذي يعد توثيقاً بصرياً تاريخياً نادراً للشعائر المقدسة، إذ جمعت مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، إنتاجه السينمائي لأول مرة ورممت خمس بكرات من الفيلم الخام، في معمل ترميم الأفلام في مدينة ميونيخ الألمانية.
وظهرت مشاعر النعماني تجاه تاريخ السعودية من خلال تقديمه للنقلات النوعية التي مرت بها المدينتان الغربيتان جدة ومكة، في تركيزه على دقة إظهاره لمعالمهما، في محاولة لتسليط الأهمية عليهما وعلى تاريخهما في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».