9 قتلى مدنيين بنيران حوثية في الحديدة... والبعثة الأممية تندد

مشهد عام لمدينة الحديدة - أرشيفية
مشهد عام لمدينة الحديدة - أرشيفية
TT

9 قتلى مدنيين بنيران حوثية في الحديدة... والبعثة الأممية تندد

مشهد عام لمدينة الحديدة - أرشيفية
مشهد عام لمدينة الحديدة - أرشيفية

لم تمر سوى خمسة أيام فقط، على آخر مجزرة ارتكبتها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في محافظة الحديدة حيث الساحل الغربي لليمن، حتى أقدمت مساء الخميس على ارتكاب مجزرة أخرى ذهب ضحيتها 15 مدنياً بين قتيل وجريح كانوا يعملون في أحد المجمعات الصناعية شرقي مدينة الحديدة.
وفيما لاقى الهجوم الحوثي الجديد تنديداً من الحكومة الشرعية وبعثة الأمم المتحدة الخاصة بالحديدة، أفادت المصادر الميدانية والطبية بأن الجماعة جددت قصف «مجمع إخوان ثابت الصناعي» بقذائف المدفعية، في انتهاك آخر للهدنة الأممية الهشة.
وذكرت المصادر أن الهجوم خلّف تسعة قتلى وسبعة جرحى من عمال المجمع الصناعي، حيث نُقل الجرحى إلى مستشفى الدريهمي الميداني لتلقي الإسعافات الأولية، في وقت تعرضت أجزاء واسعة من المجمع للتدمير بفعل القذائف التي انهمرت على المنطقة.
وكانت الميليشيات الحوثية قد استهدفت الأحد الماضي قرية القازة في مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة بالقذائف، ما تسبب في قتل أربع نساء وأربعة أطفال وإصابة سبعة آخرين.
وأدان وزير الإعلام وتصريف الأعمال اليمنية معمر الإرياني، الهجوم في أول رد حكومي، وقال إنه «يستنكر بأشد العبارات الجريمة الإرهابية البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، باستهدافها مجمع إخوان ثابت التجاري جنوب مدينة الحديدة بعدد من قذائف الهاون».
ووصف الوزير اليمني الاعتداء الحوثي بـ«الجريمة النكراء» التي قال إنها «تأتي في ظل رفض ميليشيا الحوثي السماح لنائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة دانييلا كروسلاك، بزيارة المجمع التجاري، رغم وساطة المبعوث الأممي، في تحدٍّ واستهتار غير مسبوق بالمنظمات والقرارات الدولية واتفاق استوكهولم».
وطالب الإرياني الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمبعوث الخاص لليمن وبعثة الأمم المتحدة لدعم تنفيذ اتفاق الحديدة، بـ«موقف واضح وحازم من هذه الجريمة النكراء التي تضاف إلى مسلسل جرائم ميليشيا الحوثي الإرهابية، واستمرار خروقاتها لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة»، حسب تعبيره.
في السياق نفسه، أدانت البعثة الأممية الخاصة بالحديدة (أونمها) الهجوم الحوثي على «مجمع إخوان ثابت»، والذي أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين، وقالت البعثة في بيان: «يجب أن يتوقف قتل المدنيين، ونحض الأطراف على استخدام الآليات التي تمّ وضعها في استوكهولم قبل عامين للحفاظ على وقف إطلاق النار وتجنّب المزيد من المعاناة للشعب».
وأشار البيان إلى أن «الخسائر في أرواح المدنيين تُظهر مرة أخرى عدم جدوى المعارك في محافظة الحُديدة، وتوضح أنه يجب احترام القانون الإنساني من جميع أطراف النزاع لتجنيب المدنيين الوقوع في دائرة العنف المميت».
وأضافت البعثة: «بالإضافة إلى كونه مصنعاً عاملاً يخدم السُكان ويوفّر فرص العمل، يُنظر إلى موقع المجمع الصناعي كأحد المواقع المُحتملة لمكتبٍ لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) لتعزيز خفض التصعيد والحفاظ على وقف إطلاق النار».
وفيما لم يحمّل البيان الحوثيين المسؤولية عن القصف، وصفه بـ«الحادث» الذي قال إنه يوضح «الحاجة الملحة لدفع عملية تجرّد الخطوط الأمامية من الصفة العسكرية».
إلى ذلك وفي سياق متصل أفاد الإعلام العسكري للقوات اليمنية المشتركة بأن الجماعة جددت أمس، خروقها للهدنة الأممية في مناطق متفرقة من الساحل الغربي جنوب الحديدة.
وقال المركز الإعلامي لألوية العمالقة الحكومية: «إن الميليشيات عادت (الجمعة) لاستهداف الأحياء السكنية في مدينة حيس جنوب محافظة الحديدة بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والقناصة».
ونقل المركز عن مصادر محلية قولها: «إن ميليشيات الحوثي أطلقت نيران أسلحتها صوب منازل المواطنين في أحياء سكنية متفرقة من المدينة، باستخدام أسلحة معدل البيكا والأسلحة الرشاشة المتوسطة عيار 14.5 وعيار 12.7، كما أطلقت النار من الأسلحة القناصة بصورة كثيفة».
وخلال الأسبوعين الأخيرين صعّدت الميليشيات الحوثية من خروقها في الحديدة، إذ أسفرت عن مقتل أكثر من 50 مدنياً -حسب الإعلام العسكري للقوات المشتركة- سواء عن طريق القنص أو قذائف المدفعية أو من خلال العبوات الناسفة أو الهجمات العشوائية.
وعلى الرغم من الهدنة الأممية الهشة القائمة بموجب اتفاق استوكهولم بين الشرعية والحوثيين المبرم في ديسمبر (كانون الأول) 2018، فإن ذلك لم يَحُل دون استمرار المواجهات والخروق، إذ أحصت القوات المشتركة خلال عامين سقوط مئات القتلى والجرحى من المدنيين جراء الهجمات الحوثية.
وفيما كان المجتمع الدولي يراهن على دور البعثة الأممية الخاصة بالحديدة، إلا أن هذه الأخيرة التي تَعاقَب على رئاستها ثلاثة جنرالات أمميين حتى الآن لم تحرز أي تقدم في تنفيذ اتفاق استوكهولم الخاص بإعادة الانتشار وانسحاب الميليشيات من الحديدة وموانئها.
ودفعت الهجمات الحوثية الأخيرة في الساحل الغربي الكثير من الأصوات اليمنية المؤيدة للشرعية إلى المطالبة بتجميد اتفاق «استوكهولم» الخاص بالحديدة، واستئناف عملية تحرير الحديدة وموانئها من قبضة الميليشيات الحوثية.
وتتهم الحكومة الشرعية من جهتها الجماعة الانقلابية بأنها مستمرة في استغلال سيطرتها على الحديدة وموانئها لجني عائدات شحنات الوقود والتحكم بالإغاثة الإنسانية، فضلاً عن تسخير المياه اليمنية في البحر الأحمر لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى جانب تهديد الملاحة الدولية.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.