على أعتاب فصل الشتاء الذي تنذر المنظمة العالمية للأرصاد الجويّة بأنه سيكون قاسياً هذه السنة في أوروبا، ومع تلبّد مشهد اللقاحات بضباب المنافسة المحمومة بين الشركات المنتجة والحكومات المتسارعة لتوزيعها وعمليات القرصنة السيبرانية التي تحاول عرقلة وصولها أو تعطيله، عادت منظمة الصحة العالمية لتدقّ ناقوس الخطر مجدداً وتحذّر من أن الموجة الوبائية الثانية لم تبلغ ذروتها بعد، وأن الفيروس ما زال قادراً على إحداث أضرار تتجاوز تلك التي أوقعها حتى اليوم، وأن بلدانا كثيرة قد تكون على أبواب موجة ثالثة فتّاكة قبل المباشرة بتوزيع اللقاحات وتعميمها.
وتأتي تحذيرات منظمة الصحة في الوقت الذي سجّلت فيه الولايات المتحدة رقماً قياسياً جديداً في عدد الإصابات والوفيّات اليومية تجاوز 2800 فيما كان المركز الوطني لمكافحة الأمراض السارية يتوقع أن تكون الأشهر الثلاثة المقبلة أصعب فترة في تاريخ الصحة العامة الأمريكية، وبعد أن أعلنت إيطاليا يوم الخميس عن 993 وفاة متجاوزة بذلك ذروة الوباء في الموجة الأولى. وكانت المنظمة الدولية قد وجّهت تنبيهاً مباشراً إلى الحكومة البرازيلية تدعوها فيه إلى تشديد تدابير الوقاية والاحتواء وإلى تنسيقها على المستوى الفيدرالي إثر الارتفاع الهائل في عدد الإصابات الجديدة خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة .
وكان رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي، الذي كان العالم يرى في بلاده منذ أقلّ من شهرين قدوة في إدارة الجائحة والسيطرة على الوباء، قد أعلن مساء الخميس عن حزمة من التدابير القاسية خلال فترة الأعياد المقبلة تكاد توازي الإقفال التام حتى نهاية الأسبوع الأول من العام المقبل، وقال: «أرقام الأيام الأخيرة تجعلنا نرتعد ولا تترك أي مجال للابتهاج، ولا ننسى أن عدد ضحايا الجائحة يقترب من 60 الفاً وأن موجة ثالثة ستكون في انتظارنا مطلع السنة المقبلة إذا لم نتصرّف بمسؤولية». ومن التدابير التي تتضمنها الحزمة حظر الانتقال خارج مدينة أو بلدة الإقامة خلال الأعياد، وفرض الحجر الصحي على جميع الوافدين من الخارج وإقفال المطاعم ابتداء من السادسة مساءً، بما في ذلك مطاعم الفنادق، وحظر التجوّل الليلي حتى السابعة صباحاً.
وأعلن وزير الصحة الإيطالي روبرتر سبيرانزا أن 33 ألفاً من أفراد القوات المسلّحة سيؤازرون الشرطة والأجهزة الأمنية في مراقبة إنفاذ التدابير التي اعترضت عليها معظم السلطات الإقليمية في أجواء غير مسبوقة من الانقسام الحاد في المشهد السياسي وصل أمس إلى اعتصام المعارضة في البرلمان احتجاجاً على تهميش الحكومة لها في إدارة الأزمة.
وفي موازاة ذلك، أفادت بيانات منظمة الصحة بأن إسبانيا، التي كانت أولى الدول الأوروبية التي ضربتها الموجة الثانية بقسوة، قد تراجعت فيها أعداد الإصابات الجديدة والحالات الخطرة التي تستدعي العلاج في المستشفيات، وأصبحت ضمن فئة البلدان التي تراجعت فيها معدّلات الانتشار دون 300 لكل 100 ألف مواطن مثل ألمانيا وفرنسا، بينما لا تزال هذه المعدلات تتجاوز 650 في بلجيكا والجمهورية التشيكية وبولندا والسويد والبرتغال .
وعلى جبهة اللقاحات ما زال إعلان الحكومة البريطانية عن المباشرة بتوزيع لقاح «فايزر» ابتداء من الأسبوع المقبل بعد الموافقة النهائية عليه يتفاعل في الأوساط الأوروبية التي حاولت التقليل من أهميته لكن من غير أن تخفي استياءها من هذه الخطوة التي وصفها مسؤول أوروبي بأنها (مناورة سياسية من الدرجة الثالثة) لا تستحق كل هذا الاهتمام الذي أثير حولها.
{الصحة العالمية} تحذّر من موجة ثالثة فتّاكة
تريّث أوروبي في توزيع اللقاحات
{الصحة العالمية} تحذّر من موجة ثالثة فتّاكة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة