معدل الفقر في مصر تحت 30 % للمرة الأولى منذ 20 عاماً

أكدت الحكومة المصرية تراجع معدل الفقر لأقل من 30 % للمرة الأولى منذ عام 1999 (رويترز)
أكدت الحكومة المصرية تراجع معدل الفقر لأقل من 30 % للمرة الأولى منذ عام 1999 (رويترز)
TT

معدل الفقر في مصر تحت 30 % للمرة الأولى منذ 20 عاماً

أكدت الحكومة المصرية تراجع معدل الفقر لأقل من 30 % للمرة الأولى منذ عام 1999 (رويترز)
أكدت الحكومة المصرية تراجع معدل الفقر لأقل من 30 % للمرة الأولى منذ عام 1999 (رويترز)

كشف رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الخميس عن أن معدل الفقر في مصر انخفض لأول مرة منذ قرابة 20 عاما، ليسجل 29.7 في المائة.
وقال مدبولي خلال مؤتمر الإعلان عن نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك2020 - 2019 ، إن هذا «يعكس أن الحكومة جادة في محاربة الفقر، لأننا نستهدف الوصول إلى أقل من ذلك بكثير، ولولا جائحة (كورونا) لكنا وصلنا إلى نسبة منخفضة للغاية في معدلات الفقر». وأضاف أنه «رغم جائحة (كورونا) لم تتوقف الدولة عن دعم الشريحة التي تحتاج إلى دعم، لأننا متمسكون بمواجهة الفقر وتخفيف العبء على المواطنين، لكن يجب ألا ننسى تأثير الزيادة السكانية المضطردة على معدلات الفقر والتضخم.
وكشف رئيس الوزراء أن «الحكومة ماضية من دون توقف في خفض معدلات الفقر بجميع المناطق الأكثر احتياجا، شمالا وجنوبا، وشرقا وغربا، ولولا المشروعات القومية لما كنا وصلنا لهذا التحسن غير المسبوق في رفع معدلات الفقر، ونحن مستمرون في نفس التوجه بخطوات سريعة للغاية». وأشار إلى أن الدولة نجحت في كبح جماح التضخم، وما بعد عام 2011 كانت هناك مطالبات برفع الأجور، وبالفعل جرى رفعها، مضيفا أنه «حدثت طفرة كبيرة في مطالب المواطنين في الأجور، وارتفعت بصورة كبيرة جدا، ولم يكن هناك إنتاج بعد 2011 فحدث التضخم... والآن بدأ المواطن يشعر بتحسن حقيقي في دخله لزيادة الإنتاج».
ومن جانبها قالت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر، إن «بحث الدخل والإنفاق» أشار إلى ارتفاع متوسط الدخل السنوي الصافي للأسرة على مستوى مصر من 60.4 ألف جنيه (3.85 ألف دولار) في عام 2017 - 2018، إلى 69.1 ألف (4.4 ألف دولار) في عام 2019 -2020 بنسبة زيادة نحو 15 في المائة. موضحة أن هذا التحسن النسبي يؤكد أنه مع السعي لتحقيق الإصلاح الاقتصادي لم تغفل الدولة عن دورها الواجب في التخفيف من آثار إجراءات هذا الإصلاح على الفئات الأقل دخلا، فقد تزامن مع جهود الحكومة لتطبيق البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي تنفيذ حزمة واسعة من برامج الحماية الاجتماعية هي الأكبر في تاريخ مصر، حيث استهدفت الدولة زيادة الاستثمارات العامة في خطة العام المالي الحالي 2020 - 2021 بنسبة 70 في المائة لتبلغ 595 مليار جنيه (38 مليار دولار).
وفي شأن منفصل، قال البنك المركزي المصري الخميس إنه يعتزم طرح أذون خزانة مقومة بالدولار بقيمة مليار دولار لأجل عام واحد في مزاد يوم الاثنين السابع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وكان وزير المالية المصري محمد معيط قال الأربعاء إن استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية تتجاوز 23 مليار دولار حاليا.


مقالات ذات صلة

مصر: العام الجديد سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد الكلي

الاقتصاد وزيرة التخطيط المصرية خلال لقائها الملحقين العسكريين المرشحين للعمل بالخارج (وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية)

مصر: العام الجديد سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد الكلي

قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في مصر، رانيا المشاط، إن عام 2026 سيشكّل نقطة تحول مهمة للاقتصاد المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سائحون يتفقدون «المتحف المصري الكبير» الذي ساهم في زيادة أعداد السياح منذ افتتاحه مؤخراً (أ.ب)

دراسة تتوقع ارتفاع الإيرادات السياحية في مصر إلى 30 مليار دولار بحلول 2030

توقعت دراسة حديثة ارتفاع مساهمة قطاع السياحة المصري في الناتج المحلي، من 8.5 في المائة حالياً إلى 15 في المائة (نحو 25-30 مليار دولار) بحلول عام 2030.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر تنتظر 3.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال أسابيع

تنتظر مصر أن يصرف صندوق النقد الدولي نحو 3.8 مليار دولار ضمن برنامج القرض الممتد بجانب جزء آخر من صندوق الاستدامة والصلابة.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

صندوق النقد يتوصل لاتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

قال صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين إنه توصل ‌إلى ‌اتفاق ‌على ⁠مستوى الخبراء ​بشأن ‌المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر ضمن تسهيل الصندوق ⁠الممدد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً).

رحاب عليوة (القاهرة)

النساء يقدن 46.8 % من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية

سيدات يعملن في إحدى الجهات بالسعودية (واس)
سيدات يعملن في إحدى الجهات بالسعودية (واس)
TT

النساء يقدن 46.8 % من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية

سيدات يعملن في إحدى الجهات بالسعودية (واس)
سيدات يعملن في إحدى الجهات بالسعودية (واس)

أسهمت زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل بشكل إيجابي في الاقتصاد السعودي ومناخ الاستثمار، من خلال توفير قاعدة أوسع من الكفاءات، وتقليص فجوة الأجور بين الجنسين، وتعزيز التنوع والشمولية، ورفع الإنتاجية العامة؛ حيث تُمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للنساء في جميع أنحاء المملكة نسبة 46.8 في المائة.

وحسب تقرير حديث صادر عن وزارة الاقتصاد والتخطيط، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بلغت مشاركة المرأة في القوى العاملة بالسعودية 33.5 في المائة، أي ما يُقارب ضعف النسبة المسجلة في عام 2015. وتشغل النساء الآن أدواراً إدارية متوسطة وعليا بـ44.1 في المائة، وهذه المكاسب تعكس تحولاً أوسع نحو الفرص والشمولية والديناميكية الاقتصادية.

وبلغ إجمالي عدد النساء العاملات في الربع الأول من العام الماضي 3.4 مليون امرأة، مقارنةً بـ1.2 مليون امرأة في الربع الأخير من عام 2021.

مجموعة العشرين

وقفزت نسبة تمثيل المرأة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من 7 في المائة خلال 2018 إلى 35 في المائة مع نهاية العام الماضي، متجاوزة بذلك المتوسطات المسجلة في الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة العشرين و«وادي السيليكون».

ونمت مشاركة النساء في قطاع السياحة 65.6 في المائة خلال الفترة من 2020 إلى 2023، متجاوزة بشكل كبير نمو توظيف الذكور الذي بلغ 31.8 في المائة في الفترة نفسها.

وبلغت نسبة المعلمات في وزارة التعليم 51.8 في المائة عام 2021، ما يشير إلى أن النساء يُشكلن الأغلبية الطفيفة بين الكادر التدريسي.

ويُشير التقرير إلى بلوغ النسبة في الخدمة المدنية 42 في المائة بنهاية الربع الثالث من 2022، وارتفاع ملكيتهم للسجلات التجارية إلى 40 في المائة.

إصلاحات قانونية

وفي إطار «رؤية 2030»، تهدف المملكة إلى بناء مجتمع شامل تستطيع فيه النساء المشاركة الكاملة والإسهامات الفاعلة في تنمية البلاد. وتشمل الأولويات الرئيسية تعزيز جودة التعليم والتدريب والتعلم للفتيات والنساء، وتحسين الخدمات الصحية، وضمان حق العمل، ودعم ريادة الأعمال النسائية، وتمكين المرأة في مجالات التكنولوجيا الرقمية والخدمات المالية.

وتلتزم المملكة بمعالجة الحواجز الاجتماعية والثقافية والتشريعية التي تعوق المشاركة الكاملة للمرأة في صنع القرار والتمكين الاقتصادي، وذلك من خلال جهود منسقة بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية.

وتشمل المبادرات الرئيسية إجراء البحوث لتحديد التحديات، وتنفيذ إصلاحات قانونية وتنظيمية، وتطوير برامج القيادة النسائية، والتعاون مع أصحاب المصلحة لترويج السياسات المستجيبة للنوع الاجتماعي، والمشاركة المجتمعية لرفع الوعي ورصد التقدم المحرز بانتظام.

الشمولية الجندرية

وحسب التقرير، حققت المملكة تقدماً كبيراً في تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، ومن خلال إصلاحات تشريعية ومبادرات مستهدفة، زادت مشاركة المرأة في مختلف المجالات، فعلى المستوى السياسي، تشغل النساء حالياً نسبة 20 في المائة من مقاعد مجلس الشورى، في انعكاس لالتزام المملكة بالشمولية الجندرية في مواقع السلطة.

وتمتد مشاركة المرأة إلى المناصب القيادية في الوزارات والمؤسسات الحكومية. وقد تقدمت المملكة إلى المرتبة الـ13 عالمياً في مؤشر المساواة في الأجور بين الجنسين لعام 2024، وهي من أعلى النسب عالمياً.

وطبقاً للتقرير، في العام الماضي، شغلت النساء نسبة 44.1 في المائة من المناصب الإدارية العليا والمتوسطة، متجاوزة بذلك المستهدف الوطني البالغ 40 في المائة.

وقد أسهمت هذه الجهود في تحول سوق العمل؛ حيث ارتفع عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص من 1.7 مليون في 2019 إلى أكثر من 2.3 مليون خلال العام الماضي، وانخفض معدل البطالة إلى 7 في المائة في الفصل الأخير من 2024.


2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
TT

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

مع إسدال الستار على عام 2025، يتضح أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تجاوزت بكثير كونها نزاعاً حول الرسوم الجمركية أو فائض الميزان التجاري، لتتحول إلى صراع طويل الأمد على إعادة هندسة النظام الاقتصادي العالمي. فقد مثَّل هذا العام محطة مفصلية رسَّخت انتقال المواجهة من أدوات تقليدية إلى سباق شامل يشمل التكنولوجيا، وسلاسل الإمداد، والمعايير الدولية، والتحالفات الجيوسياسية.

وعلى امتداد أشهَرَ عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظ الطرفان على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، وسط إدراك متبادل بأن كلفة الانفصال الاقتصادي الكامل ستكون باهظة على الاقتصاد العالمي برمته.

* من نزاع تجاري إلى مسار استراتيجي طويل

عند مراجعة المسار الزمني للصراع، يظهر أن جذوره تعود إلى عام 2018، غير أن حصيلة السنوات اللاحقة، وخصوصاً خلال 2025، تؤكد أن الحرب التجارية باتت تعبيراً عن تنافس استراتيجي شامل.

فمع تمسّك بكين بخططها لتوطين الصناعات المتقدمة ضمن رؤية «صنع في الصين 2025»، ازداد القلق الأميركي من تآكل التفوق التكنولوجي الغربي في قطاعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والتكنولوجيا الحيوية.

علم صيني بجوار علامة «صنع في الصين» على لوحة دوائر وقد استهدفها ترمب بعقوبات تجارية (رويترز)

وقد أسهمت جائحة «كوفيد - 19»، ثم تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، في ترسيخ قناعة غربية بأن الاعتماد الاقتصادي المفرط على الصين يحمل مخاطر استراتيجية، ما مهَّد لاعتماد سياسات «إزالة المخاطر» بدلاً من «فك الارتباط» الكامل.

* السياسة الأميركية والبعد الانتخابي

أحد أبرز ملامح 2025 كان تداخل الاعتبارات الاقتصادية مع الحسابات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة. فمع دخول البلاد مرحلة تحضيرية انتخابية للكونغرس، تحوّل التشدد تجاه الصين إلى ملف شبه توافقي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وخلال العام، استُخدمت أدوات التجارة والتكنولوجيا لإرسال رسائل مزدوجة: للخارج عبر كبح الطموحات الصينية، وللداخل عبر طمأنة الناخب الأميركي وحماية الوظائف في قطاعات التصنيع والتكنولوجيا، مما أضفى على الحرب التجارية بعداً سياسياً لا يقل وزناً عن بعدها الاقتصادي.

* حصيلة عام العقوبات والقيود المتبادلة

تميَّز عام 2025 بتكريس منطق العقوبات والضوابط المتبادلة. فمن الجانب الأميركي، توسّعت القيود على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقائق الدقيقة المتطورة، خصوصاً تلك المرتبطة بالحوسبة الفائقة والتطبيقات العسكرية، مع إضافة عشرات الكيانات الصينية إلى القوائم المقيدة.

ترمب يستعرض الرسوم المفروضة على الصين ودول أخرى في البيت الأبيض 2 أبريل 2025 (رويترز)

أما بكين، فجاء ردّها عبر مسارين متوازيين:

الأول، تعزيز الدعم الحكومي للشركات الوطنية في قطاعات استراتيجية، مثل الرقائق والبطاريات والسيارات الكهربائية والطائرات التجارية.

والثاني، استخدام المعادن النادرة كورقة ضغط، عبر فرض قيود على تصدير بعض المواد الأساسية لصناعة الشرائح الإلكترونية.

وحصيلة هذه الإجراءات كانت تعميق حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، ودفع الشركات متعددة الجنسيات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الاستثمارية والإنتاجية.

* إعادة رسم سلاسل التوريد

أحد أبرز دروس عام 2025 تمثّل في أن سلاسل التوريد العالمية لم تنهَر، لكنها خضعت لإعادة تموضع واسعة. فقد أدت القيود المتبادلة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في قطاعات الإلكترونيات والسيارات، مما انعكس على أسعار المستهلكين في عدد من الاقتصادات الكبرى.

في المقابل، خرجت دول آسيوية وأميركية لاتينية رابحة نسبياً من هذا التحول، مع انتقال جزء من خطوط الإنتاج إليها. وبرزت الهند وفيتنام وماليزيا والمكسيك بوصفها محطات بديلة ضمن استراتيجية «تنويع مصادر التصنيع»، من دون أن يعني ذلك تراجعاً حاداً لدور الصين، التي حافظت على مكانتها كمركز صناعي يصعب الاستغناء عنه.

ورغم المخاوف، فإن الاقتصاد العالمي لم يشهد صدمة كبرى خلال 2025، غير أن الضغوط التراكمية كانت واضحة. فقد أسهم نقص الشرائح المتوسطة في رفع أسعار الهواتف والسيارات، كما أبقى الصراع التجاري على مستويات تضخم مرتفعة نسبياً في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

وسجَّل العام تراجعاً ملحوظاً في الاستثمارات الغربية المباشرة داخل الصين، مقابل توسّع لافت في الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية، في بحث واضح عن أسواق أقل حساسية من الناحية الجيوسياسية.

وبحسب تقديرات مؤسسات مالية دولية، فإن استمرار هذه المواجهة قد يقتطع ما بين 0.3 و0.5 في المائة من النمو العالمي على المدى المتوسط، إذا تحوّلت القيود الحالية إلى واقع دائم.

* أدوات نفوذ جديدة

وبرزت المعادن النادرة خلال 2025 كأحد أهم ميادين الصراع غير المعلنة. فالصين، التي تهيمن على إنتاج ومعالجة هذه المعادن، استخدمتها كورقة تفاوضية، بينما كثّفت الولايات المتحدة وحلفاؤها جهودهم لتأمين بدائل عبر الاستثمار في مشروعات الليثيوم والنيكل والكوبالت خارج النفوذ الصيني.

وتحوّلت هذه المعركة الصامتة إلى عنصر حاسم في سباق التحول الطاقي العالمي، حيث بات تأمين المواد الخام لا يقل أهمية عن تطوير التكنولوجيا نفسها.

ويبقى قطاع الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات ساحة المعركة الحقيقية. فعلى مدار 2025، حافظت الشركات الأميركية على تفوقها في تصميم الشرائح عالية الأداء، بينما واصلت الصين سباقها لتقليص الفجوة عبر بناء قدرات تصنيع محلية.

تُظهر هذه الصورة الجوية حاويات في ميناء شنغهاي الدولي بالصين (أ.ف.ب)

غير أن الضغوط الأميركية على الموردين الأوروبيين واليابانيين حالت دون حصول بكين على أحدث معدات تصنيع الرقائق، مما أبقى مسألة الاكتفاء الذاتي الصيني رهناً بتطورات تقنية وسياسية معقّدة.

وفي هذا السياق، تعكس الفجوة بين البلدين اختلافاً أعمق في الرؤية؛ إذ تدفع واشنطن نحو نموذج ابتكار تقوده السوق، بينما تعتمد بكين نموذجاً مركزياً يدمج الذكاء الاصطناعي في التخطيط الحكومي، مما ساهم في بروز نظامين تقنيين عالميين ومعايير رقمية متباينة.

* تحالفات وتوازنات نهاية العام

لم يكن الجنوب العالمي خارج مشهد 2025، بل تحوّل إلى ساحة تنافس نشطة. فبينما استفادت دول عدة من انتقال الاستثمارات والمصانع، وجدت نفسها في الوقت ذاته أمام ضغوط غير مباشرة للاصطفاف أو الالتزام بمعايير تقنية وتجارية مختلفة، مما فرض تحديات على استقلال قراراتها الاقتصادية.

وعلى المستوى الجيوسياسي، كثَّفت واشنطن جهودها لتعزيز تحالفاتها في آسيا، ولا سيما عبر الشراكة الرباعية «كواد»، واتفاقيات تكنولوجية ودفاعية جديدة.

وفي المقابل، واصلت الصين توسيع حضورها الاقتصادي في آسيا وأميركا اللاتينية والخليج، مع إعادة ضبط مبادرة «الحزام والطريق» والتركيز على المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية.

* من حصاد 2025 إلى أسئلة 2026

ورغم التصعيد، تتجنب واشنطن وبكين الانزلاق إلى مواجهة كاملة؛ فكلاهما يدرك أن الانفصال الاقتصادي الشامل (Decoupling) غير ممكن عملياً.

لكن بحسب الخبراء والمراقبين، فسيظل المشهد المقبل متوتراً، مع مجموعة من السيناريوهات المحتملة، ويأتي على رأسها:

1. استمرار سياسة «نزع المخاطر»:

من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها تقليص اعتمادهم على الصين في المعادن والرقائق، مما سيؤدي إلى إعادة أحد أكبر التحولات في سلاسل الإمداد منذ عقدين.

2. تسريع الصين تصنيع الرقائق محلياً:

ستكثف بكين استثماراتها في تكنولوجيا ومعدات تصنيع الرقائق، مع احتمال إطلاق جيل جديد من الشرائح محلية الصنع يقترب من المستوى الغربي، مما قد يغيّر معادلة القوة التقنية.

3. مفاوضات محدودة لتخفيف الاحتقان:

قد تشهد 2026 محاولات لإعادة قنوات الحوار التجاري، خصوصاً في ظل تخوّف الأسواق العالمية من تباطؤ النمو. غير أن هذه المفاوضات -إن حدثت- ستكون جزئية ولن تعالج جذور الأزمة.

4. ازدياد الحضور الآسيوي في المشهد العالمي:

ستستفيد دول آسيا الناشئة من إعادة التمركز الصناعي، ما يمنحها ثقلاً اقتصادياً أكبر ويجعلها طرفاً مساهماً في تشكيل ملامح نظام اقتصادي عالمي جديد.

وفي المحصلة، يكشف حصاد عام 2025 أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة لم تعد حدثاً ظرفياً، بل مساراً طويلاً لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

ومع أن الطرفين حرصا على إدارة الصراع دون كسر الخطوط الحمراء، فإن العام المقبل مرشح لحمل استمرار التوتر، مع مفاوضات محدودة لا تمس جذور الخلاف.

والسؤال الذي سيرافق العالم إلى 2026 هو ما إذا كان هذا السباق سينتهي إلى توازن جديد يعيد تعريف العولمة، أم إلى انقسام طويل الأمد يفرض نظاماً اقتصادياً أكثر تسييساً وتعدداً في الأقطاب، حيث تصبح التكنولوجيا والتجارة أدوات نفوذ لا تقل شأناً عن القوة العسكرية.

متداولون يعملون في بورصة نيويورك خلال يوم تداول مختصر قبل عطلة عيد الميلاد في 24 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)


تشيلي تنشئ شركة عملاقة لاستعادة ريادتها العالمية في إنتاج الليثيوم

برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
TT

تشيلي تنشئ شركة عملاقة لاستعادة ريادتها العالمية في إنتاج الليثيوم

برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)
برك المياه المالحة في منجم الليثيوم على مسطح أتاكاما الملحي شمال تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم (رويترز)

أعلنت شركة «كوديلكو» الرائدة في إنتاج النحاس والمملوكة للدولة في تشيلي، تحالفها مع شركة التعدين الخاصة «إس كيو إم» المدعومة برأس مال صيني، لإنشاء شركة عملاقة لاستخراج معدن الليثيوم، أو «الذهب الأبيض» كما يسمى.

وتملك تشيلي التي تعد ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم -وهو عنصر أساسي في صناعة السيارات الكهربائية- نحو 40 في المائة من احتياطيات الليثيوم العالمية.

وسيمكن هذا التحالف بين القطاعين العام والخاص من زيادة استكشاف الليثيوم واستخراجه، بشكل مشترك في منطقة أتاكاما، شمال تشيلي.

وستحمل الشركة الجديدة اسم «نوفا أندينو ليتيو إس بي إيه»، وفقاً لما ذكرته «كوديلكو» التي وصفت الصفقة بأنها «من الأهم في تاريخ الأعمال التجارية التشيلية».

وتملك شركة «تيانكي» الصينية حصة 22 في المائة في شركة «إس كيو إم».

وأوضحت «كوديلكو» في بيان لها أن الشركة الجديدة «ستجري عمليات استكشاف واستخراج وإنتاج وتسويق الليثيوم، في سهل أتاكاما الملحي حتى عام 2060».

وحظيت هذه الشراكة بموافقة أكثر من 20 هيئة تنظيمية وطنية ودولية، بما في ذلك هيئات في الصين والبرازيل والسعودية والاتحاد الأوروبي.

وكانت تشيلي آخر الدول التي وافقت على الصفقة. والشهر الماضي، أعطت الصين الضوء الأخضر للشراكة المزمعة بين «كوديلكو» و«إس كيو إم».

وتهدف هذه الشراكة إلى استعادة ريادة تشيلي في إنتاج الليثيوم، بعد أن تجاوزتها أستراليا قبل نحو عقد.

وتسعى الشركة الجديدة إلى زيادة الإنتاج بنحو 300 ألف طن سنوياً في منطقة أتاكاما. وفي عام 2022 أنتجت تشيلي 243100 طن من الليثيوم.

وهذه الشراكة هي جزء من الاستراتيجية الوطنية لليثيوم التي أعلنتها حكومة غابرييل بوريتش اليسارية عام 2023، بهدف استعادة تشيلي ريادتها العالمية.