السيسي: التعاون مع اليونان وقبرص هدفه استقرار شرق المتوسط وأمنه

السيسي خلال استقباله وزير الدفاع اليوناني أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله وزير الدفاع اليوناني أمس (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: التعاون مع اليونان وقبرص هدفه استقرار شرق المتوسط وأمنه

السيسي خلال استقباله وزير الدفاع اليوناني أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله وزير الدفاع اليوناني أمس (الرئاسة المصرية)

وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التعاون الثلاثي لبلاده مع اليونان وقبرص، أمس، بكونه «نموذجاً متزناً لحسن الجوار وفق الأعراف الدولية من أجل أمن واستقرار منطقة شرق المتوسط».
ولمصر علاقات وثيقة مع اليونان وقبرص. وتعقد الدول الثلاث قمماً بشكل منتظم في إطار تعاونها في مجال الطاقة بالمتوسط، في مواجهة تركيا، التي تعد «خصما مشتركاً للدول الثلاث».
واستقبل السيسي، أمس، نيكولاوس باناجيوتوبولوس وزير الدفاع اليوناني، والذي يزور القاهرة، بالتزامن مع تدريب بحري - جوي (مصري - يوناني - قبرصي)، يجري حالياً بنطاق مسرح عمليات البحر المتوسط، تحت اسم (ميدوزا - 10)، بمشاركة عناصر من القوات الفرنسية والإماراتية، وكل من السعودية وأميركا والبحرين والسودان والأردن وإيطاليا وألمانيا بصفة مراقب. ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أعرب السيسي عن التطلع لتطوير التعاون العسكري والتدريبات المشتركة بين البلدين، مشيداً بالمستوى الذي وصل له هذا التعاون في المرحلة الحالية، سواء على المستوى الثنائي أو الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص.
وأكد السيسي أن «التعاون الثلاثي يأتي من منطلق التعاون المثمر في إطار مشترك نموذجي من الرؤية والمواقف المتزنة القائمة على الاحترام وحسن الجوار والمصالح المتبادلة وفق الأعراف الدولية من أجل أمن واستقرار منطقة شرق المتوسط، وبعيداً عن نهج التوترات والمشاكل». وتسببت مساعي أنقرة للتنقيب عن الغاز في مناطق بحرية متنازع عليها، مع اليونان وقبرص، في توترات إقليمية متصاعدة. علما بأن الدولتين موقعتان اتفاقيات مع مصر لتعيين الحدود البحرية، ترفضها تركيا. من جانبه، نقل المتحدث المصري عن الوزير اليوناني، تأكيده أن زيارته إلى مصر تعكس التنامي المتزايد الذي تشهده العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتي تحركها المصالح المشتركة والاحترام المتبادل ورغبة البلدين في العمل على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، على حد قوله. شهد اللقاء التباحث حول سبل تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، بالإضافة إلى تبادل الرؤى بشأن آخر تطورات القضايا الإقليمية والدولية خاصةً سبل مكافحة الإرهاب، وقال المتحدث إنه تم التوافق على تعزيز برامج التدريبات العسكرية المشتركة بين الجانبين، وكذلك على المستوى الثلاثي مع قبرص.
وفي السياق ذاته، نفذت القوات المصرية، من جميع الأسلحة المقاتلة والمعاونة والقوات الخاصة تدريبات على الاتجاه الاستراتيجي الغربي للبلاد، على الحدود مع ليبيا، بحضور الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الذي شهد المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي «بدر - 6» بالرماية بالذخيرة الحية، ونفذته إحدى وحدات الاتجاه الاستراتيجي الغربي بالتعاون مع الأفرع الرئيسية.
من جهة أخرى، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، اتصالاً هاتفياً أمس بوزير خارجية ألمانيا هايكو ماس، أكد فيه الجانبان - بحسب بيان للخارجية المصرية - «ضرورة الحفاظ على استقرار ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها ورفض التدخلات الخارجية في شئونها، فضلاً عن أهمية التوصل لحل سياسي شامل استناداً لمخرجات مسار برلين وإعلان القاهرة، وكذا الدعم لإعادة بناء الدولة الليبية ومؤسساتها». كما تطرق الاتصال إلى المستجدات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وبحث الوزيران جهود إحياء عملية السلام.



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».