«قاعدة اليمن» تتبنى «غزوة» باريس

مصدر يمني لـ («الشرق الأوسط») : نحن متضررون من الإرهاب ولسنا مصدرين له

زعيم «القاعدة في اليمن» كما ظهر في تسجيل يتبنى فيه هجوم باريس (رويترز)
زعيم «القاعدة في اليمن» كما ظهر في تسجيل يتبنى فيه هجوم باريس (رويترز)
TT

«قاعدة اليمن» تتبنى «غزوة» باريس

زعيم «القاعدة في اليمن» كما ظهر في تسجيل يتبنى فيه هجوم باريس (رويترز)
زعيم «القاعدة في اليمن» كما ظهر في تسجيل يتبنى فيه هجوم باريس (رويترز)

تبنى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، والذي يتخذ من اليمن مقرا له، الهجوم الذي استهدف مؤخرا مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية في قلب العاصمة باريس، والذي أسفر عن سقوط نحو 16 قتيلا من محرري وعمال المجلة. وحسب تسجيل مصور للمتحدث باسم التنظيم، ناصر بن علي الآنسي، فقد وصف عملية باريس بـ«الغزوة» التي جاءت ردا على الرسوم التي اعتبرت مسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم).
وتقول مصادر فرنسية إن الإخوين كواشي زارا اليمن، وتلقيا تدريبات على استخدام السلاح، والتقيا بالمتشدد الأميركي من أصل يمني الصريع أنور العولقي، غير أن مصادر رسمية يمنية تقلل من أهمية هذه المعلومات، وتعتقد أن الفترة التي قضاها الأخوان كواشي في اليمن غير كافية لتعلم استخدام السلاح وتنفيذ هجمات من هذا النوع. وقال مصدر رسمي يمني لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك محاولة لجعل اليمن منبعا ومصدرا للإرهاب، في الوقت الذي يعاني فيه اليمن من العمليات الإرهابية». وأشار المصدر إلى أنه «في اليوم نفسه الذي تمت فيه عملية باريس، جرت عملية إرهابية كبيرة في صنعاء راح ضحيتها 41 خريجا جامعيا كانوا يقفون في طوابير للتسجيل في كلية الشرطة فرع الجامعيين».
وتطرق المصدر إلى سلسلة الأعمال الإرهابية التي شهدها اليمن، والتي بدأت بشكل قوي في أواخر عام 1998، باختطاف عدد كبير من السياح الأجانب في محافظة أبين على يد «القاعدة» ومقتل عدد منهم أثناء عملية تحريرهم من قبل قوات الجيش اليمني. كما تطرق المصدر إلى سلسلة العمليات التي تلت ذلك كاستهداف السفينة الحربية الأميركية «يو إس إس كول» في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000، في ميناء عدن، وتفجير ناقلة النفط الفرنسية «ليمبورغ» في أكتوبر عام 2002، في ميناء الضبة بمحافظة حضرموت، وغيرهما من الأعمال الإرهابية، مؤكدا أن الاقتصاد اليمني ما زال يعاني حتى اليوم جراء هذه الأعمال.
في وقت لاحق أمس قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تعتقد بصحة الفيديو. وقالت المتحدثة ماري هارف إن من المعتقد أن يكون الفيديو صحيحا لكن المسؤولين ما زالوا يسعون للتحقق من جوانب معينة في مزاعم «القاعدة في جزيرة العرب» فيه. وقالت: «نعتقد أن الفيديو جاء من الجناح الإعلامي لـ(القاعدة في جزيرة العرب)». وأضافت: «نفحص بوضوح كل جزء من ذلك... هل كان هناك توجيه آيديولوجي؟.. هل كانت هناك أموال؟.. هل كان هناك تدريب؟.. تلك هي المزاعم المحددة التي نفحصها ومن ثم فأنا لا أؤكد حقيقة كل جزء من ذلك الفيديو».
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها جماعة رسميا مسؤوليتها عن الهجوم على الصحيفة الذي نفذه شقيقان زارا اليمن عام 2011. والشقيقان سعيد وشريف كواشي مولودان في فرنسا، وهما من أصل جزائري.
وقال نصر بن علي الانسي في التسجيل: «نوضح للأمة أن الذي اختار الهدف ورسم الخطة وموّل العملية وانتدب قائدها هم قيادة تنظيم القاعدة استجابة لأمر الله ونصرة لرسول الله ثم تنفيذا لأمر أميرنا العام الشيخ المناضل أيمن بن محمد الظواهري وتنفيذا لوصية الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله». ونسب الفضل أيضا إلى أنور العولقي القيادي في تنظيم القاعدة بجزيرة العرب الذي اغتيل في ضربة أميركية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.