خلاف على زعامة التحالف الوطني بين «دولة القانون» والمجلس الأعلى

عمار الحكيم وعلي الأديب يتنافسان على المنصب

خلاف على زعامة التحالف الوطني  بين «دولة القانون» والمجلس الأعلى
TT

خلاف على زعامة التحالف الوطني بين «دولة القانون» والمجلس الأعلى

خلاف على زعامة التحالف الوطني  بين «دولة القانون» والمجلس الأعلى

في الوقت الذي يصر فيه ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق وأحد نواب رئيس الجمهورية حاليا، على ترشيح علي الأديب، القيادي البارز في حزب الدعوة، لمنصب رئيس التحالف الوطني خلفا لإبراهيم الجعفري الذي أصبح وزيرا للخارجية في حكومة حيدر العبادي، فإن المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم يرفض تسليم منصبي رئاسة الوزراء والتحالف الوطني لجهة واحدة.
وفي هذا السياق، جددت الهيئة السياسية لائتلاف دولة القانون تمسك الائتلاف بمرشحه النائب علي الأديب لرئاسة التحالف الوطني. وقال الناطق الرسمي باسم الائتلاف خالد الأسدي في بيان له إنه «في الوقت الذي يعلن فيه ائتلاف دولة القانون عن الترتيبات الجديدة داخل الائتلاف وتمسكه بالثوابت الوطنية وخدمة أبناء الشعب العراقي والعمل على إنجاح العملية السياسية والبرنامج الحكومي، نعلن عن تمسكنا بالتحالف الوطني وانسجامنا مع القوى الوطنية المنضوية فيه». وأضاف البيان: «ومن أجل إنجاح التحالف وتعزيز دوره الريادي في مسار العملية الديمقراطية اجتمعت الهيئة العامة لدولة القانون في وقت سابق وقد أعلنت عن ترشيح السيد علي الأديب لرئاسة التحالف الوطني وتجدد الهيئة السياسية لدولة القانون تمسكها بترشيح السيد الأديب لرئاسة التحالف الوطني». وتابع الأسدي: «نتطلع لأن تمارس بقية قوى التحالف حقها في تسمية مرشحيها والابتعاد عن أي تصريحات تسيء إلى العلاقات بين أطراف التحالف الوطني الذي تقع عليه مسؤولية حفظ العملية السياسية واتجاهها». ومضى قائلا: «نأمل أن تشهد الأيام القليلة القادمة الإعلان عن الرئاسات الجديدة للتحالف في جو من الانسجام والعمل المشترك مع جميع القوى».
من جهته، أكد فادي الشمري، القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المجلس الأعلى يرفض أن تكون المسألة هي معركة تنافس كما أن المسألة هي ليست مسألة أسماء بقدر ما هي ثبات على المبادئ التي قام عليها التحالف الوطني والتي من بين ما يقوم عليه إنه في حال أعطيت رئاسة الوزراء لجهة في التحالف فإن الجهة الأخرى تأخذ رئاسة التحالف الوطني وبما أن التحالف الوطني يتكون من ركنين أساسيين هما دولة القانون والائتلاف الوطني (المجلس الأعلى والأحرار الصدرية) وأصبحت رئاسة الوزراء من حصة دولة القانون، فإن كلا من المجلس الأعلى والتيار الصدري رشحا السيد عمار الحكيم لهذا المنصب».
في السياق نفسه، أكد السياسي المستقل عزت الشابندر وعضو البرلمان السابق عن دولة القانون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التنافس على زعامة الساحة السياسية بين أطراف الإسلام السياسي خاصة المجلس الأعلى الإسلامي وحزب الدعوة ليس جديدا»، مشيرا إلى أن «حالة الصراع المحموم بدأت منذ تأسيس المجلس الأعلى الإسلامي عام 1982 في طهران، حيث كان يتنافس السيد محمد باقر الحكيم مع الدعوة، وهو حزب قديم وله تاريخ وخبرة، في وقت حظي فيه المجلس الأعلى بدعم إيراني لحسم هذا الصراع سابقا». وأوضح الشابندر أن «المعطيات تغيرت بعد سقوط النظام السابق عام 2003، إذ جاءت هذه الأحزاب للحكم بما فيها الدعوة الذي له رصيد من الضحايا ضد نظام صدام وقد استفاد من هذا الرصيد، وبالتالي بقيت كفته راجحة وبقي يحتفظ بمواقع الصدارة كرئاسة الوزراء وزعامة التحالف الوطني».
وتابع الشابندر قائلا إن «نقطة الضعف في التنافس اليوم هي أولا حالة التشظي التي أعقبت تشكيل الحكومة بين جناح يقوده المالكي وجناح يقوده منافسوه داخل الدعوة، وثانيا أن الشخص الذي طرح الدعوة لرئاسة التحالف الوطني ليس كفؤا للتنافس مع عمار الحكيم، إذ إن علي الأديب لم يحظ بثقة البرلمان حتى كوزير للسياحة». ولم يستبعد الشابندر أن «يتقدم المالكي نفسه لمنصب رئيس التحالف الوطني وبالتالي يصبح منافسا نوعيا للسيد الحكيم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم