القضاء اللبناني يلاحق قائد الجيش السابق و7 جنرالات

بعد اتهامهم بـ«الإثراء غير المشروع»

قائد الجيش السابق جان قهوجي (أ.ف.ب)
قائد الجيش السابق جان قهوجي (أ.ف.ب)
TT

القضاء اللبناني يلاحق قائد الجيش السابق و7 جنرالات

قائد الجيش السابق جان قهوجي (أ.ف.ب)
قائد الجيش السابق جان قهوجي (أ.ف.ب)

حدّد القضاء اللبناني يوم الخميس المقبل موعداً لاستجواب قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، و7 من كبار الضباط المقربين منه، غداة ادعاء النيابة العامة في بيروت عليهم، بجرم «الإثراء غير المشروع».
وشكل قرار ملاحقة قهوجي ورفاقه مفاجأة لدى الأوساط اللبنانية، باعتبار أنها المرة الأولى التي يلاحق فيها قائد جيش وضباطاً برتب عالية في قضايا فساد، كما طرحت هذه الملاحقة علامات استفهام حول توقيتها وظروفها، ولا سيما أن عدداً من هؤلاء الضباط محسوبون على قوى نافذة في السلطة، وكانوا يحظون بحماية سياسية.
فقد ادعى النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر، أمس (الأربعاء)، على العماد قهوجي، ومدير مكتبه (عندما كان قائداً للجيش) العميد المتقاعد محمد جعفر الحسيني، واللواء المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي، ومدير المخابرات السابق كميل ضاهر، ومدير المخابرات الأسبق العميد إدمون فاضل، ومدير مخابرات بيروت السابق العميد المتقاعد جورج خميس، ومدير مخابرات الشمال السابق العميد المتقاعد عامر الحسن والمقدم المتقاعد في الأمن العام أحمد الجمل.
ونسب المدعي العام الاستئنافي إلى هؤلاء الضباط تهمة «ارتكابهم جرائم الإثراء غير المشروع، واستغلال مناصبهم الرسمية لجني ثروات وأموال طائلة وعقارات، من خلال صرف النفوذ، وإدخال تلامذة ضباط إلى الكلية الحربية لقاء مبالغ مالية طائلة، وتقديم خدمات لنافذين مقابل منافع شخصية». وأحال الملف مع المدعى عليهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة القاضي شربل أبو سمرا، وطلب استجوابهم واتخاذ القرارات التي يقتضيها التحقيق، ويعكف القاضي أبو سمرا على دراسة الملف، تمهيداً لتحديد موعد لاستجواب الضباط المدعى عليهم، واتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن.
وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن ادعاء النيابة العامة في بيروت على القادة العسكريين السابقين «استند إلى إحالة النيابة العامة التمييزية، التي طلبت تحريك الدعوى العامة بحقهم، بناء على معلومات أدلى بها سياسيون، وتقارير نشرتها وسائل إعلام مرئية ومكتوبة، وفيديوهات تحدثت عن ثروات طائلة يملكها المدعى عليهم، تمكنوا من جنيها خلال توليهم مناصبهم الرسمية، وبعد تحقيقات أولية أجرتها النيابة التمييزية، وفرت الشبهات الكافية لتحريك الدعوى العامة والادعاء عليهم بمواد قانونية، أبرزها المادة 14 من القانون رقم 198. الخاصة بالإثراء غير المشروع».
واللافت أن الادعاء حصل من دون استجواب الضباط في إطار تحقيقات أولية تجريها عادة النيابة العامة التمييزية قبل تحريك الدعوى العامة، إلا أن المصدر القضائي المطلع على مضمون هذا الملف، كشف أن «القانون لا يمنع الشروع في الادعاء من دون تحقيق أولي؛ خصوصاً إذا توفرت المعطيات الكافية لذلك». وأكد أنه «غداة نشر المعلومات التي تتهمهم بالفساد وجني الأموال، طلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من المحكمة العسكرية إجراء التحريات والاستقصاءات للتثبت من صحة هذه التقارير المشار إليها». وشدد المصدر القضائي على أن «المعلومات المتوفرة والموثقة، أثبتت أن كلاً من المدعى عليهم، يملك حسابات مصرفية بأرقام عالية جداً، بالإضافة إلى عدة عقارات ومنازل وسيارات فخمة، بما لا يأتلف مع الراتب الوظيفي الذي كانوا يتقاضونه، ولا مع التعويضات المالية التي قبضوها إثر إحالتهم على التقاعد».
وأثار قرار ملاحقة هؤلاء على القضاء العدلي علامات استفهام؛ خصوصاً أن الجرم المدعى به حصل أثناء ممارستهم للوظيفة، إلا أن المصدر القضائي لفت إلى أن «القانون يحصر جريمة (الإثراء غير المشروع) بقاضي التحقيق الأول في بيروت، وبمحاكم العاصمة بيروت دون سواها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.