انقسام نيابي لبناني حول استمرار دعم السلع

TT

انقسام نيابي لبناني حول استمرار دعم السلع

انقسم المجلس النيابي اللبناني أمس حول دعم المواد الاستهلاكية والمشتقات النفطية والاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان، في جلسة لم يحضرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومثله فيها نائبه الثالث، وسط تحذيرات مع عجز «المركزي» عن توفير الأموال اللازمة لدعم السلع الأساسية مع تراجع الاحتياطي الموجود لديه من العملات الصعبة.
ولم تخرج جلسة اللجان المشتركة التي انعقدت أمس بحضور المدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومار جاه بأي توصيات، بفعل الانقسامات حول استمرار الدعم، وحول استخدام الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان للاستمرار به. والاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان هو الأموال التي يفرض المصرف المركزي على المصارف إيداعها لديه لدى افتتاح المصرف، كضمانة للمودعين. واكتفى نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي بالقول إن النواب «أوصوا خلال الجلسة بتقديم الحكومة لمقترحات عملية مرفقة بمعطيات واضحة حول الدعم والاحتياطي لمناقشته في الجلسة المقبلة».
وشهدت الجلسة سجالات ونقاشات حول موضوع الدعم والاحتياط الإلزامي. وتفاوتت وجهات النظر حول رفع الدعم أو عدمه وحول موضوع الاحتياط الإلزامي، وهل هو من ودائع الناس، وأكد نواب أنها من أموال الناس في المصارف. وطالب آخرون بترشيد الدعم ووقف التهريب وتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن من أجل وضع خطة اقتصادية مالية شاملة. ودعا نواب إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال والإتيان بخطة لمناقشتها في جلسة اللجان.
وأعلن أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن، أن «المطلوب تشكيل حكومة، والتشديد على الإصلاحات، ومن ثم استقدام المساعدات، لكن في ظل التعثر السياسي الحاصل، ندعو حكومة تصريف الأعمال إلى تحمل المسؤولية والالتئام واتخاذ القرارات». ورأى أبو الحسن أن «لبنان في حوزته احتياطي محدود، فإما يتم استخدام جزء منه خلال شهرين ومن ثم الوصول إلى المحظور، أو إطالة أمد استخدام هذا المبلغ، إلى حين إيجاد الحلول السياسية، وولادة الحكومة وتنفيذ الإصلاحات». وحذر أبو الحسن من أن «عملية ترشيد الدعم وحدها لا تكفي، بل المطلوب ضبط عملية التهريب».
من جهته سأل عضو «كتلة المستقبل» النائب محمد الحجار «من أين يجب تأمين الأموال اللازمة لاستمرار الدعم؟» وتطرق إلى ملف الاحتياط الإلزامي، موضحا أنه «احتياط بالعملة الوطنية يطلبه البنك المركزي من المصارف المحلية»، مؤكدا أن هذه الأموال «ليست ملك المصرف المركزي كما أنها ليست ملك الدولة»، مضيفا أن «هذه الأموال هي ملك الناس، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يصادر هذه الودائع». وقال: «النقاش يجب أن يكون ضمن خطة كاملة نتفق من خلالها مع صندوق النقد، والأولوية تبقى في تشكيل الحكومة، وسياسة الدعم المرشد لا يمكن أن تنفع إذا لم يترافق معها وقف التهريب».
وقال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب فريد البستاني إن «الاحتياطي هو ملك المودعين، فلا يجوز المس به. ولأننا بحاجة لقرارات سريعة وليس لخطط قد يستغرق تنفيذها وقتا ثمينا لا نملكه». واقترح الاستمرار بدعم بعض المواد الرئيسية مباشرة، مثل الطحين وأدوية الأمراض المزمنة وحليب الأطفال، على ألا يتخطى عددها العشر مواد، ودعم تدريجي للكهرباء، وإصدار «بطاقة دعم مالية بمبلغ مدروس للعائلات الأكثر حاجة».
وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل أن «مجمل ما تستفيد منه الطبقات الفقيرة والمتوسطة من الدعم لا يتعدى الـ25 في المائة، والدعم لا يطال بغالبيته الأسر الأكثر فقرا، فهناك 155 ألف أسرة تحت السقف الأعلى للفقر و260 ألف أسرة تحت خط الفقر الأدنى، وبالتالي لدينا نصف الشعب اللبناني مصنف من الفقراء غير المقتدرين على تأمين معيشتهم في الظروف الحالية». وقال: «واجبنا الدفع باتجاه دعم الطبقات الفقيرة مباشرة بشكل لا يضيع 75 في المائة من الدعم إلى الأجانب أو الطبقات الميسورة التي يمكن أن تتحمل هذا الفرض»، مشددا على أن «هذا الأمر بالنسبة لنا لا يمكن أن يتأمن إلا من خلال تشريعات قانونية ضامنة لحماية العوائل الفقيرة».
وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص إن «الحكومة مسؤولة عن الخطط وعن تعريف معنى ترشيد الدعم وعن الخطوات التنفيذية لهذا الترشيد»، وأضاف أن على حكومة تصريف الأعمال أن تصرف الأعمال بما يناسب المصلحة العامة، داعيا إياها إلى «جمع أفكار الكتل النيابية، وتصوغها بخطة تتقدم بها إلى مجلس النواب خلال أسبوع كحد أقصى؛ لأن ليس لدينا ترف الوقت، وساعتئذ الكتل النيابية تتحمل مسؤولياتها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.