الحكومة عالقة تحت وطأة التأزم وباسيل يطالب بـ«معايير واضحة»

عشية انعقاد مؤتمر دعم إنساني للبنان تستضيفه فرنسا

بري مستقبلاً السفيرة الأميركية (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً السفيرة الأميركية (الوكالة الوطنية)
TT

الحكومة عالقة تحت وطأة التأزم وباسيل يطالب بـ«معايير واضحة»

بري مستقبلاً السفيرة الأميركية (الوكالة الوطنية)
بري مستقبلاً السفيرة الأميركية (الوكالة الوطنية)

تراوح جهود تشكيل الحكومة اللبنانية تحت وطأة التأزم، حيث لم يسجل أي تقدم يعيد تفعيل المشاورات بين الرئيس اللبناني ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وسط تأكيد عون بأن التشكيل يتم بالاتفاق بينه والحريري و«لا دور لأي طرف ثالث فيه»، في إشارة إلى الاتهامات الموجهة إلى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بعرقلة التشكيل، علما بأنه يطالب بـ«معايير واضحة» في عملية تأليف الحكومة ليبني «التيار» موقفه على أساسها.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن «لا جديد على ملف تشكيل الحكومة حتى إشعار آخر»، لافتة إلى التزام «تيار المستقبل» بالصمت الكامل، ومؤكدة أن «لا خرق طرأ على الجمود القائم منذ أسابيع، أي منذ تشدد باسيل بموقفه بعد فرض العقوبات الأميركية عليه». وقالت إن «المبادرة الفرنسية اصطدمت، حتى الآن، بحائط مسدود».
في غضون ذلك، نفت رئاسة الجمهورية أي دور لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في تشكيل الحكومة، مؤكدة أن تشكيل الحكومة يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ولا دور لأي طرف ثالث فيه».
بدوره، أكد المكتب الإعلامي لباسيل أن رئيس التيار الوطني الحر «حتى تاريخه لم يضع شرطاً ولم يحدد مطلباً أو يفرض معادلة، بل إن كل ما طالب به التيار تحديد مبادئ ومعايير واحدة يعتمدها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لكي يحدد التيار الوطني الحر ‏على أساسها موقفه من هذه الحكومة مشاركة أو رفضاً، دعماً أو معارضة».
> ري - شيا
وإثر الجمود في الملف الحكومة، زارت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا رئيس مجلس النواب نبيه بري بناء على طلبها. وقالت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء عُقد بناء على طلب شيا التي «طرحت ملف الجمود الحكومي القائم»، لافتة إلى أن السفيرة الأميركية «أرادت الاطلاع على وجهة نظر بري حيال الملف، وأسباب المراوحة القائمة ودوران الاتصالات في حلقة مفرغة»، خصوصاً بعد إعلان الأطراف اللبنانية التي حضرت اجتماع قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي التزامها بالمبادرة الفرنسية.
وقالت المصادر إن «بري لا يزال على موقفه الداعم للرئيس الحريري، ويؤيد تشكيل الحكومة اليوم قبل غد، وأثار مع السفيرة الأميركية ملف العقوبات الأميركية التي فرضتها واشنطن على شخصيات سياسية لبنانية، معتبراً أن العقوبات أدت إلى تأخير تشكيل الحكومة». وعلى صعيد المواقف، أكدت «حركة أمل» التي يترأسها بري أن «كل يوم تأخير في عدم إنجاز تأليف الحكومة يضع لبنان واللبنانيين في مواجهة تحديات ومخاطر على مختلف المستويات لا يمكن لأحد التنبؤ بعواقبها الكارثية على الجميع من دون استثناء». ودعت «المعنيين بالتأليف إلى المبادرة فوراً اليوم قبل الغد، إلى تنحية كل المصالح الشخصية جانباً والعمل في أقصى سرعة بأن يكون للبنانيين حكومة قادرة على إنقاذ لبنان وتحصين سلمه الأهلي وأمنه الصحي والاجتماعي، واتخاذ كل الإجراءات لوقف انهياره وإعادة إعمار وترميم ما تهدم بفعل انفجار مرفأ بيروت».
> اجتماع باريس
وفي مقابل المراوحة في الاتصالات الحكومية، لا يزال التشدد الدولي على حاله لجهة الإحجام عن تقديم المساعدات المالية للبنان لإنقاذه من الأزمتين الاقتصادية والمالية، من غير تشكيل حكومة، وقالت المصادر إن «الدعم المالي يرتبط بتشكيل حكومة تلتزم الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي». وأكدت المصادر أن المؤتمر الذي يعقد غداً الأربعاء يشارك فيه ممثلون عن المجتمع المدني والجمعيات لتوفير دعم عيني لإغاثة الشعب اللبناني، وليس مرتبطاً بتاتاً بالدعم المالي للبنان الذي لا يمكن أن يتم من دون تشكيل حكومة تلتزم بتنفيذ الإصلاحات.
وتستضيف فرنسا غداً مؤتمراً عبر الفيديو مع شركاء دوليين للبحث في سبل تقديم مساعدات إنسانية للبنان. ويهدف المؤتمر الذي يعقد بالتعاون مع الأمم المتحدة إلى جذب أرفع تمثيل ممكن بهدف التشجيع على تقديم مساعدات للبنان.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.