المركز الإعلامي لـ«قمة العشرين»... أدوات تمكينية تتجاوز التغطية الاقتصادية

يصاحب القمم والمؤتمرات الكبرى التي تكون غالباً على مستويات قادة دول، والتي تناقش قضايا ذات أهمية عالية، تغطيات إعلامية تتواكب مع مستوى الحدث. وفي العادة أيضاً أن تكون نقطة التقاء التغطيات الإعلامية في المراكز الإعلامية لها، التي تتحول إلى «مطابخ» صحافية ضخمة، تبث من خلالها آلاف الأخبار والتقارير والحوارات والقصص الصحافية بمختلف أشكالها، سواءً مكتوبة أو مرئية أو مسموعة، فتكشف تفاصيل ما دار في هذه المناسبات، وأبرز ما نطق به المسؤولين.
الأسبوع الماضي كان ختام قمة «مجموعة دول العشرين»، برئاسة المملكة العربية السعودية، التي عقدت عبر الاتصال المرئي، بسبب تداعيات جائحة «كوفيد - 19»، لكن ذلك لم يحل دون إنشاء مركز إعلامي لتسهيل احتياجات الإعلاميين في تغطية الحدث الاقتصادي الأكبر، وبالأخص، مع ظروف الجائحة.
والحال، أن السعودية أعدت مركزاً إعلامياً متميزاً لهذه القمة، في الفترة من 15 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، استوعب أكثر من 250 إعلاميا من مختلف الوسائل الإعلامية من حول العالم، مع أن القمة كانت تعقد افتراضياً. ولقد جهز المركز، الذي أنشئ في فندق كراون بلازا بالعاصمة الرياض، بأحدث التقنيات والتجهيزات الإعلامية لنقل وتغطية انطلاق أعمال القمة، بالإضافة إلى الاستعدادات الصحية، إذ كانت هناك فرق من وزارة الصحة للتأكد من سلامة الموقع، من ناحية قياس الحرارة وعدد الحاضرين في الموقع والإجراءات الوقائية المتبعة.
من جهة ثانية، لم تنحصر التغطية الإعلامية فقط على الحضور، بل كان هناك موقع إلكتروني يبث الجلسات والإحاطات الإعلامية وما يدور في القمة، وهو ما يمكن تسميته بأنه مركز إعلامي «افتراضي»، جعلت منه الرئاسة السعودية مركزاً إعلامياً مدمجاً (حضورياً وافتراضياً).
ومن ثم، شكل المركز الإعلامي موقعاً يجمع الإعلاميين، ويسهل لهم إنتاج موادهم الإعلامية، بفضل التسهيلات العديدة التي وفرت لمساعدتهم في ذلك، فكان حقاً «مطبخاً صحافياً» ضخماً، تتولد منه الحوارات والقصص والتقارير الصحافية والتلفزيونية، كما تصدر منه أهم الأخبار الاقتصادية التي ترسم مستقبل اقتصاد العالم، والحلول النوعية للمناخ، وغيرها العديد، كون أنها جمعت قادة العالم افتراضياً، بجانب مسؤولين ووزراء حضورياً في مقر المركز. وفي المقر نفسه، نظم المركز سلسلة من المؤتمرات الصحافية وحلقات النقاش للعديد من الوزراء والمسؤولين حول الأعمال والأنشطة المقامة على هامش القمة ومختلف المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
ولعل هذا النجاح الذي تحقق بشكله الحضوري والافتراضي، يسلط الضوء على التجربة السعودية في استضافة قمم ومؤتمرات ضخمة. إذ سبق أن شهدت السعودية خلال السنوات الأربع الأخيرة نقلات نوعية في القمم التي استضافتها، والتي شارك فيها قادة عدد كبير من دول العالم، وهي التي صاحبها مراكز إعلامية ضخمة، وتواجد لمختلف الوسائل الإعلامية من حول العالم.

تجربة الإعلام الدولي

في المركز الإعلامي كان هناك إعلاميون، جاءوا من مختلف الوسائل الإعلامية من حول العالم، أحدهم، أيهم القاضي، الذي أثنى خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» على التغطية الإعلامية لـ«قمة العشرين»، وتابع «يمكنني اعتبار التغطية الإعلامية لقمة العشرين نموذجاً ناجحاً جداً يجب اتخاذه مثالاً وتعميمه في الأوساط الإعلامية من حيث أسلوب التغطيات الصحافية عن بعد، وبخاصةً بعد البروتوكولات الجديدة جراء جائحة كوفيد - 19 والتدابير الاحترازية التي تتخذها جميع الدول لمنع انتشار هذا الفيروس». وأردف أن «أي حدث عالمي بمستوى قمة العشرين يتطلب مواكبة صحافية مستمرة لحظة بلحظة وساعة بساعة، وهذا بالضبط ما وفره المركز الإعلامي للقمة».
ومما لفت الإعلامي القاضي، أن المركز الإعلامي «كان مجهزاً بجميع التقنيات المطلوبة، من إنترنت فائق السرعة، ومكاتب عمل، وإضاءة وصوت وشاشات عرض مع قنوات متاحة للترجمة، فضلاً عن أماكن الاستراحة والاجتماعات..... وكل هذه التسهيلات كانت تراعي مبدأ التباعد والتعقيم والحفاظ على الصحة العامة». وتابع قائلاً «إن هذا العمل الناجح لا شك يقف خلفه جيش من المنظمين والتقنيين والجنود المجهولين الذين وفروا كل هذه السهولة للحصول على المعلومة وإرسالها إلى القنوات والمحطات العالمية».

دعم بأحدث التقنيات

وفي سياق متصل، قدمت رئاسة السعودية لـ«قمة مجموعة العشرين» خدمة مجانية للأقمار الصناعية والألياف والتوزيع الرقمي للبث المباشر لقمة قادة المجموعة، إضافة إلى أماكن الوقوف واستوديوهات التلفزيون وأجنحة التحرير في المركز الإعلامي الدولي بالرياض. وكذلك، حرصت على الوصول إلى بث الناقل الإعلامي الرسمي، ووضع حجوزات فردية لأماكن الوقوف واستوديوهات التلفزيون وأجنحة التحرير، مع إرسال إشارة البث إلى كل ركن من أركان العالم، ووفر المركز أيضاً مسؤولي خدمة تواصل لمساعدة الإعلاميين في استفساراتهم، وحجز غرف المقابلات الشخصية، وتوفير الجداول الزمنية المحدثة، وغيرها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المركز الإعلامي للقمة جهز بأحدث وسائل الاتصال من أجهزة كومبيوتر وشبكة إنترنت وأجهزة للفاكس والطباعة. وأيضاً وفر له مكتب ووسائل عرض للمعلومات، وقاعة مؤتمرات صحافية، وغرف اجتماعات، وغرفة إحاطة، ومنشآت، وخدمات الناقل الإعلامي الرسمي، ومكتب حجوزات، ومواقع وقوف داخلية للبث، وكبائن إذاعة وتحرير صوتي، وأماكن عمل. وكل هذا إضافة إلى استوديوهات للبث المباشر جهزت للكثير من القنوات المحلية والدولية كي تمارس مهامها في نقل هذا الحدث العالمي وإبراز من خلال استضافة المسؤولين البارزين للتحدث عن القمة وأهميتها وأبرز المواضيع المطروحة للبحث والنقاش على الصعد كافة. وفوق هذا كله، خصص المركز شاشات عرض داخل إحدى القاعات الكبرى بغرض نقل أعمال القمة لحظة بلحظة من داخل القاعة الرئيسة للقمة وعرضها للإعلاميين في المركز الإعلامي.
أيضاً تجدر الإشارة إلى أن مجموعة «إس تي سي» STC السعودية وفرت الممكن الرقمي لجدول أعمال رئاسة المملكة للقمة مؤمنة خدمة «الجيل الخامس» (5G) للمركز الإعلامي الدولي.
وشاركت «إس تي سي» داخل مقر المركز الإعلامي عبر معرض خاص بمنصة «هذه السعودية» التي تهتم بشكل أساسي بإعادة اكتشاف المملكة وفق منظور جديد، وإبراز المواقع السياحية والتراث الوطني بأسلوب تقني مبتكر، متيحةً بذا فرصة الاطلاع على أبرز المواقع السياحية السعودية للإعلاميين الدوليين المشاركين بتغطية القمة. ثم إنها حرصت على تعزيز تغطيتها التقنية بتوفير أكثر من 11 موقعا مدعوماً بأعلى السرعات، وتغطية جميع المواقع ودعمها بشبكات لاسلكية كي تخدم جميع الاحتياجات الرقمية للاجتماعات واللقاءات الافتراضية، بالإضافة إلى توفير مختلف الخدمات اللوجيستية والتقنية اللازمة لها.
وحول هذا الدور، قال المهندس ناصر الناصر، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إس تي سي»، إن نجاح القمة الافتراضية بالمملكة محفز كبير للمجموعة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات للمضي لكي تمضي قدماً في مسيرة السعودية الرقمية. وأكد الاعتزاز بما تحققه المملكة من إنجازات، كونهم يحرصون على تطبيق استراتيجيتهم في دعم الاستثمار في البنية التحتية وتسخير كل الحلول الذكية، وجميع الإمكانيات لمواكبة المتطلبات الوطنية والتطورات العالمية المستجدة.
وفيما يتعلق بالشق الثقافي التراثي، المشار إليه آنفاً، سعى المركز الإعلامي للتعريف بالثقافة السعودية وما تزخر به من تراث وماض عريق، إضافة إلى النهضة والازدهار في مختلف المجالات، وذلك عن طريق تخصيص جناح «استكشف المملكة العربية السعودية» في المركز الإعلامي. وكان القصد إبراز أثر «رؤية السعودية 2030» على الصعد كافة، والنتائج المتحققة من الرؤية لإيجاد مجتمع يتطلع للمستقبل، بالتوازي مع التراث والماضي العريق.