محكمة مصرية تقبل طعن مبارك ونجليه في قضية «القصور الرئاسية»

مصدر أمني قال إن الحكم لم يشتمل على قرار إخلاء سبيل المتهمين

مؤيدة للرئيس المصري السابق حسني مبارك تحمل صورته داخل مقر المحكمة أمس (إ.ب.أ)
مؤيدة للرئيس المصري السابق حسني مبارك تحمل صورته داخل مقر المحكمة أمس (إ.ب.أ)
TT

محكمة مصرية تقبل طعن مبارك ونجليه في قضية «القصور الرئاسية»

مؤيدة للرئيس المصري السابق حسني مبارك تحمل صورته داخل مقر المحكمة أمس (إ.ب.أ)
مؤيدة للرئيس المصري السابق حسني مبارك تحمل صورته داخل مقر المحكمة أمس (إ.ب.أ)

قبلت محكمة مصرية أمس الطعن على الأحكام الصادرة ضد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«القصور الرئاسية» ونقض الحكم وإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة، فيما تقدم فريد الديب محامي آل مبارك بطلب للإفراج عن علاء وجمال، لكن مصدرا أمنيا قال إن حكم محكمة النقض لم يشمل قرار إخلاء سبيل المتهمين، لافتا إلى أن الأمر بات في ولاية النيابة العامة أو هيئة المحكمة التي ستنظر القضية.
وكانت محكمة جنايات القاهرة، قد عاقبت مبارك، في مايو (أيار) الماضي، بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وعاقبت نجليه علاء وجمال بالسجن المشدد لمدة 4 سنوات لكل منهما، وألزمتهم جميعا برد مبلغ 21 مليونا و197 ألف جنيه، وتغريمهم متضامنين 125 مليونا و779 ألف جنيه.
وفيما تتضارب أقوال مسؤولين رسميين بشأن ما إذا كانت مدة حكم مبارك قد انقضت أم لا، لا يزال نجلاه محتجزين على ذمة قضية القصور الرئاسية، بعد أن برأتهم محكمة الجنايات في اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ في قضية القرن لانقضاء أجل الدعوى.
وفيما يتعلق باستمرار وجود مبارك في المستشفى العسكري بالمعادي (جنوب القاهرة) قال الديب في تصريحات صحافية أمس إن «الرئيس الأسبق مبارك مريض، ويحتاج إلى العلاج، ولن يغادر المستشفى، وهو حاليا نزيل مثل أي مواطن آخر بالمستشفى يتلقى العلاج، وهو يوميا يخضع لعلاج طبيعي».
وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إنه لن يتم إخلاء سبيل مبارك ونجليه، نظرا لأنه تمت إحالتهم إلى المحكمة محبوسين، وأن قرار محكمة النقض لم يشمل إخلاء سبيلهم، مشيرا إلى أن قرار إخلاء سبيلهم سيكون في أيدي النيابة العامة، أو الدائرة الجديدة التي ستنظر القضية.
وقدم فريد الديب محامي مبارك ونجليه أيضا تظلما إلى النيابة العامة، للمطالبة بالإفراج عن نجلي مبارك علاء وجمال في قضية الاستيلاء على قصور الرئاسة. وقال الديب إن نجلي مبارك «لا يزالان محبوسين احتياطيا، ولكنني تقدمت بمذكرة للنائب العام لاحتساب مدة حبسهما الاحتياطي السابقة والاستفادة بها لإخلاء سبيلهما».
ودفع الديب خلال مرافعته أمام محكمة النقض في قضية القصور الرئاسية أمس بوجود قصور في تسبيب الحكم وخطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق وفساد في الاستدلال على ارتكاب الرئيس الأسبق الجرائم التي أسندتها إليه نيابة الأموال العامة العليا.
وكانت نيابة الأموال العامة العليا، قد باشرت تحقيقاتها في قضية الاستيلاء على قصور الرئاسة، وبعد مواجهة مبارك ونجليه بالاتهامات المنسوبة إليهم، تم تسديد 104 ملايين جنيه لصالح الدولة، أثبتت التحقيقات أنهم قاموا بالاستيلاء عليها بغير وجه حق ودون سند من القانون.
وأحالت محكمة النقض، خلال أولى جلسات الطعن، ملف القضية إلى محكمة استئناف القاهرة التي ستقوم بدورها بتحديد جلسة لإعادة المحاكمة أمام دائرة قضائية جديدة.
وتقدم الديب في يوليو (تموز) الماضي، بطعون على حكم محكمة الجنايات الصادر بالإدانة، مطالبا بإلغاء الحكم والقضاء ببراءة مبارك ونجليه أو إعادة محاكمتهم أمام إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة غير التي أصدرت حكمها بالإدانة.
وكانت محكمة جنايات الجيزة قضت في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي، بإخلاء سبيل جمال وعلاء في قضية «التلاعب بالبورصة»، ولم يخل سبيل المتهمين حينها لأنهما كانا مطلوبين على ذمة قضايا أخرى. ومن المقرر أن تواصل المحكمة نظر القضية بعد غد (الأربعاء).



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.