عقوبات أميركية على شركات صينية وروسية لدعمها «النووي» الإيراني

البحرية الأميركية تنشر حاملة الطائرات {نيميتز} في الخليج

عقوبات أميركية على شركات صينية وروسية لدعمها «النووي» الإيراني
TT

عقوبات أميركية على شركات صينية وروسية لدعمها «النووي» الإيراني

عقوبات أميركية على شركات صينية وروسية لدعمها «النووي» الإيراني

تجنبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التعليق عن حادث اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زادة، ورفض مسؤولو البيت الأبيض والخارجية الأميركية والبنتاغون التعليق، فيما تسربت تكهنات بأن عملية الاغتيال تمت بمباركة أميركيةـ ونفذت من خلال الاستخبارات الإسرائيلية.
وفيما انتقدت وسائل إعلام صينية حكومية اغتيال العالم الإيراني، قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة على أربع شركات صينية وروسية بتهمة دعم البرنامج النووي الإيراني. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في بيان إن الشركات الأربع متهمة «بنقل تكنولوجيا ومواد حساسة إلى برنامج الصواريخ الإيراني، وتخضع لقيود على مساعدات الحكومة الأميركية وصادراتها لمدة عامين». وأضاف: «سنواصل العمل على إعاقة جهود تطوير الصواريخ الإيرانية واستخدام سلطات العقوبات لدينا لتسليط الضوء على الموردين الأجانب، مثل هذه الكيانات في جمهورية الصين وروسيا، التي توفر المواد والتكنولوجيا المتعلقة بالصواريخ لإيران».
يأتي ذلك في توقيت متزامن مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية أن حاملة الطائرات «يو إس إس نيميتز» سيتم نقلها مرة أخرى إلى منطقة الخليج العربي مع سفن حربية أخرى لتوفير الدعم القتالي والغطاء الجوي مع انسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان بحلول 15 يناير (كانون الثاني) بموجب أوامر الرئيس ترمب.
وقال مسؤول بالبنتاغون قال إن هذه الخطوة اتخذت قبل ورود أنباء عن اغتيال العالم النووي الإيراني، موضحاً أن تحركات القوات الأميركية هي رسالة ردع متزايدة لإيران، وسيتعين على الرئيس المنتخب جو بايدن تقرير موعد إعادة حاملة الطائرات مرة أخرى.
وفيما تجنب أيضاً المسؤولون في فريق الرئيس المنتخب جو بايدن التعليق على حادث اغتيال العالم النووي الإيراني، قال المحللون إن اغتيال فخري زادة الذي يعتقد أنه العقل المدبر لبرنامج إيران النووي قد يثير اشتباكات ومواجهات بين طهران وخصومها في الأسابيع القليلة المتبقية من إدارة ترمب كما سيضع مزيدا من العراقيل أمام الرئيس المنتخب جو بايدن في إعادة التفاوض مع طهران بشأن اتفاق جديد يقلص طموحات إيران النووية ويضع مزيدا من القيود على برامج الصواريخ الباليستية مقابل رفع بعض العقوبات.
ويقول روبرت مالي، الذي عمل بإدارة الرئيس السابق باراك أوباما، إن «مقتل فخري زادة كان ضمن سلسلة من التحركات التي حدثت خلال الأسابيع الأخيرة لترمب، التي يبدو أنها تهدف إلى وضع عراقيل أمام بايدن في خطته لإعادة التعامل مع إيران». وأضاف: «أحد أهداف هذه العملية هي ببساطة إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بإيران اقتصادياً وببرنامجها النووي قدر الإمكان، وهناك هدف آخر، قد يكون تعقيد قدرة الرئيس بايدن على استئناف الدبلوماسية وإعادة العمل بالاتفاق النووي».
وأشار أروون ديفيد ميللر، الباحث المخضرم بمعهد كارنيغي، إلى أن حادث الاغتيال سيجعل قدرة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن على استئناف الدبلوماسية بين واشنطن وطهران أكثر صعوبة. وقال ميللر الذي عمل في إدارات جمهورية وديمقراطية سابقة إن «الخط الأحمر هنا هو أن تقدم إيران على عمل يستهدف جنودا أميركيين». وشدد على أنه سواء أدى هذا الحادث إلى إضعاف إدارة ترمب أو تقويتها فإن من الواضح أنه لن يكون هناك أي علاقات دبلوماسية أو طبيعية بين طهران وواشنطن بعد هذا الحادث».



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.