دول الخليج أمام فرصة الانتقال إلى تكامل إقليمي في قطاع الغاز

«كابسارك» لـ«الشرق الأوسط»: استهلاك بلدان «مجلس التعاون» يعادل الصين في 2019

استهلاك الغاز في دول الخليج يعد الأعلى عالمياً (الشرق الأوسط)
استهلاك الغاز في دول الخليج يعد الأعلى عالمياً (الشرق الأوسط)
TT

دول الخليج أمام فرصة الانتقال إلى تكامل إقليمي في قطاع الغاز

استهلاك الغاز في دول الخليج يعد الأعلى عالمياً (الشرق الأوسط)
استهلاك الغاز في دول الخليج يعد الأعلى عالمياً (الشرق الأوسط)

وسط ارتفاع حجم استهلاك الغاز في منطقة الخليج، كشفت معلومات استقصائية حديثة عن فرصة مواتية لبلدان مجلس التعاون الخليجي للانتقال إلى سوق غاز متكاملة إقليمياً، ما يعزز الكفاءة ويدعم الأهداف الاستراتيجية في التوظيف والاستهلاك والاستثمار، في وقت تلقي فيه تداعيات جائحة كورونا بظلالها على تراجع الاستثمار في قطاعي النفط والغاز.
وأكد باحثون في السعودية أن تكامل شبكة الغاز داخل دول الخليج يمثل فرصة لتوسعة السوق الخليجية للغاز وزيادة كفاءتها، حيث ستزيد من قدرة الدول التي تمتلك غازاً فائضاً على تسييل مواردها كصادرات ضمن دول الخليج الأخرى التي تستفيد بدورها من انخفاض تكلفة الغاز وزيادة أمن الطاقة.
وأفاد مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) لـ«الشرق الأوسط»، وهو الذي يركز بين أبحاثه على تسليط الضوء على دور التعاون في زيادة استخدام الغاز الطبيعي بين دول الخليج، بأن بلدان مجلس التعاون استهلكت مجتمعة 296 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في عام 2019، وهو ما يعادل استهلاك الصين في العام نفسه، مشيراً إلى أن منطقة الخليج تتميز بأعلى مستويات استهلاك للفرد للغاز على مستوى العالم.
وتتزامن هذه الفرصة في الخليج مع ما تشير إليه تقديرات وكالة الطاقة الدولية من أن جائحة «كوفيد-19» ستتسبب في انخفاض استثمارات قطاعي النفط والغاز عام 2020 بنسبة 32 في المائة، مقابل عام 2019.
وبحسب بيانات «كابسارك»، يبلغ متوسط المعدل السنوي المركب للطلب المحلي على الغاز في دول الخليج ضعف معدل النمو العالمي، حيث وصل إلى 5 في المائة خلال الفترة بين عامي 2000 و2019 (عقدين من الزمن).
وهنا، يؤكد تعليق خاص لـ«الشرق الأوسط» من «كابسارك»، عن دراسة أعدها الباحثون رامي شبانة وبرتراند ريو وستيف غريفيث، أن النفط والغاز يمثلان الاستهلاك الأولي للطاقة في دول الخليج، مع تفوق واضح للنفط على الغاز في الفترة من عام 2000 حتى 2009. إلا أنه من عام 2010، زاد الغاز الطبيعي من حصته في مزيج استهلاك الطاقة الأولي إلى أن تساوت حصص النفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي في المجموع بحلول عام 2019، الأمر الذي تسبب في توفير مزيد من الغاز، والسماح بالتحول من النفط إلى الغاز في قطاعي الكهرباء والصناعة.
ويوضح تحليل باحثي «كابسارك» أن دول الخليج تمتلك 20 في المائة من الإجمالي العالمي لاحتياطات الغاز الطبيعي، حيث يصل حجم مخزون الغاز الطبيعي فيها إلى 1.379 تريليون قدم مكعب، وفق تقديرات عام 2019، لافتاً إلى أن المنطقة تمتلك مؤهلات لفرص الانتقال إلى سوق متكاملة للغاز على الصعيد الإقليمي.
وحول البلد الأكبر في الخليج، ذكرت «كابسارك» أن هناك 3 عوامل رئيسية ستساهم في تشكيل مسار الطلب على الغاز في السعودية المرحلة الحالية، تتمثل في الإصلاحات المستمرة لأسعار الوقود، وتعريفة الكهرباء، وسرعة استخدام الطاقة المتجددة، مشيرة إلى أن أسعار الغاز الطبيعي في دول الخليج تعد الأقل على مستوى العالم، إذ تنظمها الحكومات وفق اعتبارات تعزيز التصنيع والتنوع الاقتصادي بعيداً عن النفط، وتوليد الفرص الوظيفية وتوزيع الرفاهية.
وأشارت «كابسارك» إلى أن إنتاج السعودية من الغاز وصل إلى 113.6 مليار متر مكعب من الغاز في العام الماضي، في وقت تسعى فيه إلى مضاعفة إنتاجها ضمن الرؤية الوطنية المستقبلية.
وقال الباحثون: «تعتزم السعودية ضمن خططها تطوير الغاز غير التقليدي الذي من المتوقع أن يسهم في إنتاج نحو 30 مليار متر مكعب سنوياً بحلول 2030»، مضيفين: «من المخطط له أن يساهم الإنتاج في تلبية الطلب المستقبلي على الكهرباء، خاصة من القطاعات التجارية والصناعية المتنامية».


مقالات ذات صلة

اليونان تحث الاتحاد الأوروبي على معالجة أسعار الطاقة المرتفعة بشكل أسرع

الاقتصاد موظف يعمل في محطة ضغط الغاز في بلغاريا (رويترز)

اليونان تحث الاتحاد الأوروبي على معالجة أسعار الطاقة المرتفعة بشكل أسرع

دعا رئيس الوزراء اليوناني الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن طرق جديدة لخفض أسعار الغاز والكهرباء، في إطار محاولة أوسع لتعزيز القدرة التنافسية للتكتل.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (إ.ب.أ)

لافروف يتهم واشنطن بالسعي لتعطيل خط أنابيب الغاز «تورك ستريم»

اتَّهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أميركا، اليوم (الثلاثاء)، بالسعي لتعطيل خط أنابيب «تورك ستريم» الذي يضخ الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أراضي تركيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد حقل نفط في العراق (رويترز)

«سومو» العراقية تطلب شحنات زيت غاز بعقود محددة المدة

قالت مصادر تجارية عديدة، إن شركة تسويق النفط العراقي (سومو) تطلب شحنات من زيت الغاز عالي الكبريت بعقود محددة المدة للتسليم بين مارس وديسمبر هذا العام.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد شعار شركة «بي بي» البريطانية على محطة بنزين (رويترز)

«بي بي» تتوقع تراجع إنتاجها من النفط في الربع الرابع

قالت شركة «بريتش بتروليوم (بي بي)» البريطانية العملاقة للنفط، اليوم الثلاثاء، إنها تتوقع أن يكون إنتاجها في الربع الرابع من العام الماضي أقل من الربع الثالث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على واردات النفط المنقولة بحراً من روسيا لكنّه لم يحظر حتى الآن واردات الغاز من موسكو (رويترز)

10 دول في الاتحاد الأوروبي تدعو لحظر الغاز الروسي

دعت 10 دول في الاتحاد الأوروبي التكتل المكون من 27 دولة إلى حظر واردات الغاز الذي يصل عبر خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال من روسيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من المحتمل أن يكون التضخم في الولايات المتحدة قد تفاقم الشهر الماضي على خلفية ارتفاع أسعار الغاز والسيارات المستعملة، وهو اتجاه قد يُقلل من احتمالية قيام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي كثيراً هذا العام.

ومن المتوقع أن تعلن وزارة العمل يوم الأربعاء عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 2.8 في المائة عن العام الماضي، وفقاً لخبراء اقتصاديين استطلعت آراؤهم شركة «فاكتسيت»، بعد أن كان قد ارتفع بنسبة 2.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وسيكون هذا هو الارتفاع الثالث على التوالي، بعد أن انخفض التضخم إلى أدنى مستوى له منذ 3 سنوات ونصف السنة إلى 2.4 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وقد يؤدي هذا الارتفاع إلى تأجيج المخاوف المستمرة بين عدد من الاقتصاديين، وفي الأسواق المالية من أن التضخم قد علق فوق هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة. وقد أدّت مثل هذه المخاوف إلى ارتفاع أسعار الفائدة على سندات الخزانة، ما أدى أيضاً إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للرهون العقارية والسيارات وبطاقات الائتمان، حتى مع قيام «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي.

وقد تسبب تقرير الوظائف القوي غير المتوقع الصادر يوم الجمعة الماضي في انخفاض أسعار الأسهم والسندات، بسبب المخاوف من أن الاقتصاد السليم قد يُحافظ على ارتفاع التضخم، ما يمنع «الاحتياطي الفيدرالي» من خفض سعر الفائدة الرئيسي أكثر من ذلك.

وباستثناء فئتي الغذاء والطاقة المتقلبتين، توقع الاقتصاديون أن يظل ما يُسمى بالتضخم الأساسي عند 3.3 في المائة في ديسمبر للشهر الرابع على التوالي.

وعلى أساس شهري، من المرجح أن ترتفع الأسعار بنسبة 0.3 في المائة في ديسمبر للشهر الثاني على التوالي، ومن شأن ارتفاع الأسعار بهذه الوتيرة أن يتجاوز هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة. ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة.

ومن المحتمل أن يكون جزء من الارتفاع في الأسعار مدفوعاً بعوامل لمرة واحدة، مثل قفزة أخرى في تكلفة البيض، التي كانت واحدة من أكثر فئات الأغذية تقلباً في السنوات الأخيرة. وقد أدَّى تفشي إنفلونزا الطيور إلى هلاك عدد من قطعان الدجاج، ما قلّل من المعروض من البيض.

ويتوقع الاقتصاديون بشكل عام أن ينخفض التضخم قليلاً في الأشهر المقبلة؛ حيث تنمو أسعار إيجار الشقق والأجور وتكاليف التأمين على السيارات بشكل أبطأ، ولكن ما يُلقي بظلاله على التوقعات هو السياسات التضخمية المحتملة من الرئيس المنتخب دونالد ترمب، فقد اقترح الأخير زيادة الرسوم الجمركية على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير المصرح لهم.

يوم الثلاثاء، قال ترمب إنه سينشئ «دائرة الإيرادات الخارجية» لتحصيل الرسوم الجمركية، ما يُشير إلى أنه يتوقع فرض عدد من الرسوم في نهاية المطاف، حتى إن كان قد قال أيضاً إنه ينوي استخدامها ورقة مساومة. وخلال حملته الانتخابية، وعد بفرض رسوم تصل إلى 20 في المائة على جميع الواردات، ورسوم تصل إلى 60 في المائة على البضائع القادمة من الصين.

وفي الأسبوع الماضي، أظهر محضر اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال ديسمبر أن الاقتصاديين في البنك المركزي يتوقعون أن يظل التضخم هذا العام كما هو تقريباً في عام 2024، مدفوعاً قليلاً بسبب ارتفاع الرسوم الجمركية.

وقال رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن البنك المركزي سيُبقي على سعر الفائدة الرئيسي مرتفعاً، حتى يعود التضخم إلى 2 في المائة. ونتيجة ذلك، يتوقع المستثمرون في «وول ستريت» أن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي مرة واحدة فقط هذا العام، من مستواه الحالي البالغ 4.3 في المائة، وفقاً لأسعار العقود الآجلة.

ولا تزال تكاليف الاقتراض الأخرى مرتفعة، ويرجع ذلك جزئياً إلى توقعات ارتفاع التضخم، وقلة تخفيضات أسعار الفائدة من جانب «الاحتياطي الفيدرالي». وارتفعت معدلات الرهن العقاري، التي تتأثر بشدة بالعائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، للمرة الرابعة على التوالي الأسبوع الماضي إلى 6.9 في المائة، وهو أعلى بكثير من أدنى مستوياتها في عهد الوباء، الذي بلغ أقل من 3 في المائة.

وفي ظل مرونة سوق العمل -حيث انخفض معدل البطالة إلى مستوى متدنٍّ بلغ 4.1 في المائة الشهر الماضي- فإن المستهلكين قادرون على مواصلة الإنفاق، ودفع عجلة النمو. ومع ذلك، إذا تجاوز الطلب ما يمكن أن تنتجه الشركات، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التضخم.

في وقت سابق من هذا الشهر، اتفق عدد من الاقتصاديين البارزين، بمن في ذلك رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، بن برنانكي، على أن التعريفات الجمركية التي سيفرضها ترمب في نهاية المطاف لن يكون لها على الأرجح سوى تأثيرات طفيفة على التضخم. وقد نوقشت هذه المسألة في الاجتماع السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرنسيسكو.

وقال جيسون فورمان، أحد كبار المستشارين الاقتصاديين خلال إدارة أوباما، في المؤتمر إن الرسوم قد ترفع معدل التضخم السنوي بعدة أعشار من النقطة المئوية فقط، لكنه أضاف أنه حتى زيادة بهذا الحجم قد تكون كافية للتأثير على قرارات «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن معدل الفائدة.

وقال في الرابع من يناير (كانون الثاني): «أنت في عالم تكون فيه سياسات ترمب أشبه بالأعشار، أكثر من كونها شيئاً كارثياً». وأضاف: «لكنني أعتقد أننا أيضاً في عالم يعتمد فيه اتجاه بقاء معدلات الفائدة على حالها أو انخفاضها أو ارتفاعها على تلك الأعشار».