آلاف السودانيين يوارون «حكيمهم» ثرى أم درمان

نظمت له جنازة عسكرية رسمية شارك فيها كبار قادة الجيش والحكومة

جانب من الجنازة التي نظمت أمس لرئيس حزب الأمة الصادق المهدي (أ.ب)
جانب من الجنازة التي نظمت أمس لرئيس حزب الأمة الصادق المهدي (أ.ب)
TT

آلاف السودانيين يوارون «حكيمهم» ثرى أم درمان

جانب من الجنازة التي نظمت أمس لرئيس حزب الأمة الصادق المهدي (أ.ب)
جانب من الجنازة التي نظمت أمس لرئيس حزب الأمة الصادق المهدي (أ.ب)

وارى آلاف السودانيين، أمس، جثمان إمام طائفة «الأنصار» ورئيس حزب الأمة، الصادق المهدي، الثرى، بمقبرة «آل المهدي» بأم درمان، وذلك بعد أن نظمت له جنازة رسمية لدى وصول الجثمان لمطار الخرطوم، قادماً من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأعلنت السلطات السودانية، الأربعاء الماضي، رسمياً، عن وفاة الزعيم الديني والسياسي في أحد المستشفيات بدولة الإمارات العربية، التي نقل إليها بطائرة خاصة، إثر إصابته بفيروس «كوفيد - 19» في الثالث من الشهر الحالي، وذلك بعد أن كشفت السلطات الصحية إصابته، وعدد من أفراد أسرته، وقيادات حزبه، بـ«كورونا» في 27 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ونقل الجثمان إلى الخرطوم بطائرة خاصة من مدينة أبوظبي، ونظمت له هناك مراسم جنازة عسكرية، شارك فيها رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الذي يشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، وأعضاء مجلسي السيادة والوزراء.
وشارك في مراسم الجنازة العسكرية، رئيس هيئة الأركان السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، ونواب رئيس هيئة الأركان، وعدد من قادة الوحدات العسكرية والنظامية، وممثلون عن القوى السياسية وتحالف «إعلان الحرية والتغيير»، وقيادات حزب الأمة و«الأنصار».
وحمل عدد من كبار الضباط في القوات المسلحة، وقادة صنوف الجيش في القيادات البرية والجوية والبحرية، والدفاع الجوي، جثمان الراحل على الأكتاف، إنفاذاً لبروتوكولات الجنازات العسكرية، التي تنظم للقادة الكبار وشهداء القوات.
واستقبل الآلاف من أنصاره ومؤيديه وذويه وقادة المجتمعين السياسي والمدني الجثمان في مدينة أم درمان، ونقلت الفضائيات والشهود حالة الحزن العميم، التي اجتاحت المشيعين، وشوهد أفراد من أسرته وأنصاره والدموع تسيل من مآقيهم حزناً على رحيله، فيما فشلت الجهود التنظيمية الكبيرة التي بذلتها السلطات في تنظيم الحشود الغفيرة التي جاءت لوداعه، قبل أن يدفن الجثمان في مقبرة الأسرة إلى جانب جده الأكبر محمد أحمد المهدي، وجده المباشر عبد الرحمن، ووالده الصديق، وسط الدموع والنحيب.
وشارك الآلاف في صلاة الجنازة في «حوش الخليفة» بمسقط رأسه بمدينة أم درمان، ولم تفلح الإجراءات الأمنية المشددة، التي اتبعتها السلطات، في الحيلولة دون الحشود والتدافع المهيب في الجنازة.
ووزعت ابنته ونائبته في رئاسة الحزب، مريم، التي رافقته في رحلة الاستشفاء، «وريقة» مكتوبة بخط اليد، قالت إنه كتبها في ساعاته الأخيرة، جاء فيها: «أفضل الناس في هذا الوجود شخص يترحم مشيعوه قائلين: وقد شيعنا حقاني إلى الحق.. إن إلى ربك الرجعى»، وهو ما عده مراقبون نعي الراحل لنفسه، وتهيئة الناس لرحيله.
ولد المهدي في أم درمان في 25 من ديسمبر (كانون الأول) 1935، وتلقى تعليمه فيها، ثم حصل على ماجستير الاقتصاد في جامعة أكسفورد في إنجلترا عام 1957، وعمل في وزارة المالية السودانية لفترة قصيرة، قبل أن يتفرغ للعمل السياسي، بعد انقلاب الفريق إبراهيم عبود 1958.
انتخب المهدي لرئاسة الوزارة في المرة الأولى 1966، ثم أعيد انتخابه للمرة الثانية في 1986، ثم أطاح انقلاب الإسلاميين، برئاسة المعزول عمر البشير، وبتخطيط من صهره حسن الترابي، بالحكومة المنتخبة برئاسته، عبر انقلاب عسكري في 1989، ما جعل منه آخر رئيس وزراء منتخب ديموقراطياً.
ومكنه احترافه الطويل للسياسة من خبرة واسعة في السياسة، إلى جانب اهتماماته الثقافية والفكرية، واجتهاداته الدينية بصفته «إماماً لطائفة الأنصار»، إحدى أكبر الطوائف الدينية في السودان، وقيادته للعمل السياسي التنفيذي والمعارض لفترات طويلة، ليرحل عن عمر ناهز 85 عاماً قضاها حاكماً، أو معارضاً، أو مسجوناً.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.