السودان: لا اعتراض على العودة لمفاوضات سد النهضة

TT

السودان: لا اعتراض على العودة لمفاوضات سد النهضة

جدد السودان مخاوفه من مخاطر محتملة على سلامة «سد الرصيرص»، الذي يبعد حوالي 100 كيلومتر عن سد النهضة، ما يهدد حياة قرابة 20 مليوناً من السكان على ضفاف النيل الأزرق، ويؤدي إلى خسائر فادحة تتأثر بها أجزاء كبيرة من البلاد، لكنه لم يبد في المقابل اعتراضاً على العودة للمشاركة في اجتماعات سد النهضة.
وقال عضو وفد السودان بشأن مفاوضات سد النهضة، محمد عثمان عكود، إن السودان قاطع اجتماع وزراء المياه بالدول الثلاث، المقرر الأسبوع المقبل، لأنه يريد اتفاقاً عادلاً ومنصفاً في أقرب وقت، مشيراً إلى أن إثيوبيا «لا تريد اتفاقية ملزمة بشأن ملف سد النهضة، ولها مطالب»، لم يكشف عنها. لكنه أكد على موقف السودان بضرورة إعطاء الاتحاد الأفريقي دوراً إيجابياً لكيفية إشراك الخبراء الأفارقة، واعتماد منهجية جديدة تدفع بالمفاوضات إلى الأمام. في غضون ذلك، بدأ السودان نشاطاً داخلياً مكثفاً لكسر حالة الجمود في مفاوضات سد النهضة، التي تعثرت جولاتها السابقة في إحراز أي تقدم يذكر، وذلك بسبب تباعد مواقف الدول الثلاث بشأن منهجية التفاوض. تجدر الإشارة إلى أن السودان قاطع الاجتماع الوزاري، ورفض الاستمرار في التفاوض بالطريقة ذاتها، التي تمت بها الجولات السابقة، التي لم تفض إلى نتائج إيجابية، كما يطالب بمنح الخبراء الأفارقة دوراً أكبر لتقريب وجهات النظر بين مواقف الدول الثلاث. كان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، قد دعا للتحرك على كافة الأصعدة السياسية والدبلوماسية، وحشد الدعم لموقف لبلاده، باعتبار أن ملف سد النهضة قضية أمن قومي، مطالباً بطرح الملف داخلياً وخارجياً، بما يحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي، ويؤمن التعاون بين السودان ومصر وإثيوبيا. وشدد عكود خلال مؤتمر صحافي بمدينة الرصيرص بولاية النيل الأزرق، الواقعة جنوب شرقي السودان، على أهمية الوصول لاتفاق قانوني وملزم بين السودان ومصر وإثيوبيا، بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، مشيراً إلى المخاطر الكبيرة والمحتملة، التي قد يتعرض لها سد الرصيرص، في ظل عدم وجود تنسيق وتبادل المعلومات بخصوص تصريف المياه في النيل الأزرق في كل المواسم.
وقال بهذا الخصوص: «نتخوف من تدفقات كبيرة للمياه، قد تؤدي إلى تصدعات وأضرار فادحة في جسم سد الرصيرص، إلى جانب التأثيرات الأمنية والاقتصادية على البلاد»، مبرزاً أن ضمان تشغيل سد الرصيرص بأمان ودون أي مخاوف، يعتمد على توفير المعلومات اليومية من الجانب الإثيوبي، حول حجم تدفقات المياه.
من جانبه، قال مدير خزان الرصيرص، حامد محمد على، إن السودان يحتاج إلى اتفاق قانوني في قضية سد النهضة، لأن تشغيل سد الرصيرص يعتمد على البيانات المتعلقة بتشغيل سد النهضة، ووضع سياسات جديدة تأخذ في الاعتبار التغيرات التي تطرأ على النيل الأزرق.
وأضاف موضحاً: «نسعى لاتفاق فني لتوفير الإمداد المائي في الظروف الاستثنائية لنتجنب مخاطر الفيضانات، التي شهدتها البلاد في موسم الأمطار الماضي».
ويعتمد السودان بشكل رئيسي على سد الرصيرص، الذي يبعد بحوالي 500 كيلومتر عن العاصمة الخرطوم، في تخزين المياه لري ملايين الأفدنة في معظم المشاريع الزراعية بالبلاد، بجانب التوليد الكهربائي.
وقد تم تشييد سد الرصيرص في عام 1966 بسعة تخزينية 3 مليارات متر مكعب، وتمت تعليته في عام 2013 لتسع بحيرته 5 مليارات متر مكعب، وتعتمد 70 في المائة من المشاريع الزراعية على سد الرصيرص، و20 مليون سوداني، يمثلون نصف سكان البلاد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.