هل يمكن أن يتسبب «كوفيد - 19» في سقوط الأسنان؟

طبيب يفحص أسنان امرأة داخل عيادته في بريطانيا (أرشيفية- رويترز)
طبيب يفحص أسنان امرأة داخل عيادته في بريطانيا (أرشيفية- رويترز)
TT

هل يمكن أن يتسبب «كوفيد - 19» في سقوط الأسنان؟

طبيب يفحص أسنان امرأة داخل عيادته في بريطانيا (أرشيفية- رويترز)
طبيب يفحص أسنان امرأة داخل عيادته في بريطانيا (أرشيفية- رويترز)

أبلغ بعض الناجين من فيروس «كورونا» عن أعراض غريبة في أعقاب العدوى، وأبرزها سقوط أسنانهم، وفقاً لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
ونجحت فرح خميلي، البالغة من العمر 43 عاماً، في تخطي إصابتها بفيروس «كورونا» هذا الربيع، ولكن هذا الشهر، في أثناء مضغ النعناع، اكتشفت السيدة المقيمة في نيويورك أن أحد أضراسها السفلية كان على وشك السقوط.
وقالت لصحيفة «نيويورك تايمز» بعد يوم واحد، إن السن سقطت تماماً بلا دم ومن دون ألم.
وعلى الرغم من أن الأمر لم يكن مؤلماً، فإن خميلي كانت مرتبكة ومذعورة، حيث سيكلفها الحصول على أسنان بديلة ما يقرب من 50 ألف دولار. وذهبت إلى طبيب الأسنان الذي أخبرها أنها تفقد عظاماً في فكها بسبب تاريخ من التدخين.
لكن خميلي تشتبه أيضاً في أن معركتها مع «كوفيد - 19» يمكن أن تكون لها علاقة بما أصابها. لقد تحققت من مجموعة دعم على موقع «فيسبوك» ترتبط بمتعافين من «كورونا»، وتبين أنها ليست الوحيدة التي تعاني من هذه الحالة، فقد فقدت امرأة أخرى على الأقل وصبي يبلغ من العمر 12 عاماً أسنانهم بطريقة مماثلة بعد الإصابة بـ«كورونا».
ولم يرَ أطباء الأسنان حتى الآن أي دليل ملموس أو بيانات تشير إلى أن فقدان الأسنان هي أعراض أو عواقب لفيروس «كورونا».
ولكن منذ أن بدأ الوباء، أصبحت قائمة أجزاء الجسم البشري التي هاجمها فيروس «كورونا» أطول، وتضمنت تأثيرات بدت غريبة في السابق، مثل فقدان حاسة الشم.
ونادراً ما يكون فقدان الأسنان من دون ألم أو سبب حاد وواضح، مما يترك بعض أطباء الأسنان في حالة من الشك.
وقال الدكتور ديفيد أوكانو، اختصاصي أمراض اللثة في جامعة يوتا: «من النادر للغاية أن تسقط الأسنان حرفياً من مآخذها».
من ناحية أخرى، نعلم أن فيروس «كورونا» يمكن أن يهاجم الفم.
ويدخل فيروس «كورونا» إلى الخلايا البشرية من خلال «مداخل» البروتين المعروفة باسم مستقبلات «إيه سي إي 2».
وتوجد هذه المستقبلات على أسطح العديد من أنواع الخلايا المختلفة، بما في ذلك أنسجة الرئة والأوعية الدموية. كما علم العلماء مؤخراً أن الخلايا الموجودة في الغدد اللعابية واللوزتين واللسان هي الأكثر ثراءً بمستقبلات «إيه سي إي 2».
ويعتقد الباحثون في معهد العلوم والبحوث التابع لجمعية طب الأسنان الأميركية أن هذا قد يساعد في تفسير سبب فقدان بعض المرضى حاسة التذوق عندما يكون لديهم «كوفيد - 19»، وفي بعض الأحيان يستمرون في عدم القدرة على التذوق لأسابيع أو شهور.
وقال الدكتور كيفين بيرد، مؤلف مشارك في الدراسة: «تُظهر دراستنا أن الفم هو طريق للعدوى بالإضافة إلى كونه بيئة حاضنة لفيروس كورونا».
بشكل عام، يمكن أن تزيد بكتيريا الفم من خطر الإصابة بأمراض الرئة أيضاً، لذا فإن الصلة بين صحة الفم والجهاز التنفسي ثنائية الاتجاه.
ولا تزال الكيفية التي قد يؤدي بها فيروس «كورونا» إلى فقدان الأسنان غير واضحة، على الرغم من أن بعض العلماء يحثون أطباء الأسنان على أن يظلوا منفتحين على احتمال أن يؤدي «كورونا» إلى ظهور هذه الأعراض أيضاً.
وقالت امرأة أخرى من مجموعة خميلي على «فيسبوك» إن إحدى أسنانها فُقدت في أثناء استخدامها الخيط للتنظيف.
ونشرت ديانا بيرنت أيضاً في مجموعة تسمى «سيرفايفر كورب»، أن ابنها البالغ من العمر 12 عاماً فقد إحدى أسنانه بعد تعافيه من «كورونا»، علماً بأنه لم يكن لديه مشكلات في الأسنان من قبل.
ويشتهر «كورونا» بأنه يسبب الالتهابات، وهو ما يقتل في النهاية العديد من كبار السن الذين يصابون بالفيروس.
ويمكن أن يهاجم نفس الالتهاب اللثة والفم، مما قد يؤدي إلى فقدان الأسنان، ولكن هذه الحالات بحاجة إلى مزيد من البحث لإثبات الصلة المحددة.


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».