أصدر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أوامره للجيش بشن الهجوم النهائي على من سماهم «الانفصاليين» في ميكلي، عاصمة إقليم تيغراي بشمال البلاد، مستهلاً بذلك المرحلة الثالثة من العمليات، بعد نهاية المهلة التي كان قد منحها لـ«استسلام» قادة «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» الذين يتحصنون في مدينة ميكلي بعدما أكدوا يوم الاثنين «استعدادهم للموت» دفاعاً عن تيغراي.
وقال آبي أحمد، بحسب وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، إن المرحلة الأخيرة مما يطلق عليها «عملية إنفاذ القانون» قد بدأت، وإن مهلة الـ(72) ساعة التي حددها لقيادة «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» انتهت.
وأكد أحمد أن الآلاف من أفراد القوات والميليشيات التابعة لإقليم تيغراي استسلموا للجيش الإثيوبي الفيدرالي، موضحاً أن «العديد من شباب تيغراي أدركوا النوايا الشريرة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، فامتنعوا عن الانخراط في طموحات المجموعة الإجرامية المدمرة».
واعتبر قراره بشن الحرب على تيغراي بأنه «قرار مسؤول، يتوقع أن يصدر من أي شخص لديه ضمير إنساني ووطني». وتابع: «عندما تفتح الحكومة الفيدرالية نافذة استسلام لمدة 72 ساعة، فلها هدفان، أحدهما إظهار النية في تنفيذ العملية وفرض سيادة القانون، والثاني توفير الحماية للذين يفهمون الإجراءات الحكومية، من أجل إنفاذ القانون ووقف إجرام الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي».
وقال آبي أحمد: «إذا اختارت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الاستسلام سلمياً، فإن الحملة ستنتهي بأقل قدر من الضرر، وتحقيقاً لهذه الغاية وفرنا الفرصة للاستسلام السلمي، في مناسبات عديدة في الأسابيع الماضية».
واعتبر المهلة آخر فرصة سلمية ظلت مفتوحة أمام قادة «الجبهة الشعبية»، لكنهم لم يحسنوا استغلالها، مشيرا إلى ما أسماه إدراك الآلاف من عناصر ميليشيا تيغراي والقوات الخاصة التابعة لهم لـ«الطبيعة المدمرة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي»، فاستغلوا فرصة السلام واستسلموا.
وأعلن آبي أحمد أنه أصدر التعليمات لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية (أي الجيش الإثيوبي الاتحادي)، باختتام المرحلة الثالثة والأخيرة من عمليات إنفاذ سيادة القانون، بعد ساعة واحدة من انتهاء المهلة. وشدد على إيلاء اهتمام كبير لحماية المدنيين والأبرياء من الأضرار التي قد تنجم عنها، متعهداً ببذل الجهود كافة لضمان عدم تعرض مدينة ميكلي لأضرار جسيمة. وقال: «لقد تم بناؤها من قبل شعبها».
وتعهد باتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان عدم استهداف المواقع التراثية ودور العبادة والمرافق العامة ومؤسسات الدولة والمناطق السكنية، خلال عملية السيطرة على ميكلي، داعياً الأهالي في المدينة ومحيطها لنزع السلاح والبقاء في منازلهم والابتعاد عن الأهداف العسكرية، واتخاذ الاحتياطات اللازمة كافة.
من جهته، أعلن دبرتصيون قبريمايكل، رئيس إقليم تيغراي المتمرد، أن شعبه «مستعد للموت». وقال قبريمايكل وهو زعيم «جبهة تحرير تيغراي» لوكالة الصحافة الفرنسية يوم الاثنين: «كم مرة حدد آبي أحمد ثلاثة أيام؟ لا يدرك من نحن، نحن شعب له مبادئه ومستعد للموت دفاعاً عن حقنا في إدارة منطقتنا». وقال إن قواته هزمت القوات الحكومية، واصفاً تصريحات آبي أحمد بأنها محاولة للتستر على الهزيمة. وأضاف: «يحاولون التستر على الهزيمة التي منيوا بها على ثلاث جبهات، ليتسنى لهم الحصول على وقت لاستعادة التمركز».
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أنه يتعذر معرفة ما إذا كانت العمليات العسكرية ضد ميكلي قد بدأت بالفعل، لأن المدينة مقطوعة عن العالم تقريباً منذ بدء النزاع ما يجعل من الصعب التحقق على الأرض من المعلومات من مصدر عسكري أو آخر. وأضافت أنه لا يمكن أن تعرف حاليا المسافة التي تفصل الجيش الفيدرالي عن المدينة بعدما أعلن في الأيام الماضية أنه يقترب نحو ميكلي فيما تؤكد جبهة تحرير تيغراي من جهتها أنها ألحقت به خسائر فادحة. وقال دبلوماسيون لوكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء إن القوات الفيدرالية كانت على بعد 30 كيلومترا على الأقل إلى الشمال والجنوب من ميكلي.
ورفضت الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا الأربعاء عرض وساطة كلف بها الاتحاد الأفريقي ثلاثة رؤساء سابقين لموزمبيق يواكيم تشيسانو وليبيريا ايلين جونسون سيرليف وجنوب أفريقيا كغاليما موتلانثي.
والخميس، ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش بأن «قوانين الحرب تحصر الهجمات بـ(أهداف عسكرية) وتفرض على الأطراف التزام التفريق بين المدنيين والمقاتلين». وأضافت أن «الهجمات المباشرة ضد المدنيين أو الأملاك ذات طابع مدني» مثل المنازل والشقق والمتاجر وأماكن العبادة والمستشفيات والمدارس والتماثيل «محظورة».
وينطبق ذلك أيضا على الهجمات التي تضرب أهدافاً عسكرية ومدنية «بشكل عشوائي» أو «تنتهك مبدأ التكافؤ» أي التي تثير مخاطر التسبب في «خسائر مدنية أو أضرار مفرطة مقارنة بالمكاسب العسكرية المرجوة».
وكانت «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» لـ15 عاماً رأس حربة الكفاح المسلح ضد النظام العسكري الماركسي الذي أطيح في 1991. وقد سيطرت على الجهاز السياسي والأمني لإثيوبيا لنحو ثلاثين عاما.
ويبرر آبي أحمد العملية ضد الجبهة الشعبية التي تتولى الحكم في هذه المنطقة والتي كانت تتحدى سلطته منذ أشهر، بوجوب «الحفاظ على النظام السياسي والدستوري» في هذا البلد الفيدرالي. وبلغ التوتر القديم العهد بين أديس أبابا والجبهة الشعبية ذروته مع تنظيم انتخابات في سبتمبر (أيلول) الماضي في تيغراي اعتبرتها الحكومة الفيدرالية «غير شرعية». وكانت الجبهة تسيطر على مدى قرابة ثلاثة عقود على الجهاز السياسي والأمني الإثيوبي قبل أن يستبعدها تدريجياً أحمد عن السلطة.
ويسلط رئيس الوزراء الضوء أيضاً على اتهامين سبق أن وجههما للجبهة إلا أن هذه الأخيرة نفتهما. ويتهم آبي أحمد قوات تيغراي بشن هجوم مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) على قاعدتين عسكريتين فيدراليتين في تيغراي وذبح أكثر من 600 شخص بعيد اندلاع النزاع، في منطقة ماي كادرا.
ولم تعرف أي حصيلة محددة للمعارك حتى الآن لكنها أسفرت عن مئات القتلى على الأقل. ونزح أكثر من 40 ألف إثيوبي بسبب النزاع، إلى السودان المجاور وعدد غير محدد إلى داخل تيغراي وإثيوبيا.
إثيوبيا تطلق «الهجوم النهائي» على عاصمة تيغراي
إثيوبيا تطلق «الهجوم النهائي» على عاصمة تيغراي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة