مقترحات «العشرين» الإصلاحية... منصات تدعيم استعادة الاقتصاد العالمي

خبراء يؤكدون لـ «الشرق الأوسط» أن توصيات البيان الختامي تؤسس لبيئة ثقة مستدامة ومسارات استقرار جديدة

مقترحات «العشرين» الإصلاحية... منصات تدعيم استعادة الاقتصاد العالمي
TT

مقترحات «العشرين» الإصلاحية... منصات تدعيم استعادة الاقتصاد العالمي

مقترحات «العشرين» الإصلاحية... منصات تدعيم استعادة الاقتصاد العالمي

بعد الحالة التي أفرزتها جائحة كورونا على حركة الاقتصاد والتجارة والاستثمار وركود القطاع الخاص، استطاعت أن ترسل الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين رسائل إيجابية مطمئنة لاستعادة الثقة في الاقتصاد العالمي وتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال المبادرات، حيث توقع اقتصاديون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تسهم المقترحات الإصلاحية المتنوعة لـ«قمة العشرين» في استعادة الثقة بالاقتصاد والتجارة والاستثمار بين دول العالم في فترة ما بعد كورونا، فضلا عن مواجهة الأزمات المحتملة من خلال جودة الرعاية الصحية الشاملة.
وتقدمت قمة العشرين بجملة مقترحات إصلاحية تركزت على ملف الصحة والأنظمة المجتمعية، حيث شددت على معالجة أوجه الضعف التي كشفت عنها الجائحة في شتى القطاعات والأجهزة العامة والخاصة، داعية لضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق التعافي بما فيها حماية الإنسان وتعزيز الاقتصاد.
ودفعت «قمة الرياض 2020» لمجموعة العشرين نحو تبني مبادرة مهمة لتعزيز إجراءات التأهب لمواجهة الجوائح العالمية والوقاية منها واكتشافها والاستجابة لها، لتجنب الوقوع في براثن الأوبئة الصحية المفضية لأزمات إنسانية واقتصادية واجتماعية وتنموية فضلا عن مواصلة التعاون بين دول المجموعة من أجل تحقيق نظام ضريبي دولي عادل ومستدام وحديث وسط تنامي مستجدات التقنية وتشعباتها.
من ناحيته، قال فهد الحمادي رجل الأعمال وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض عدة مرات لـ«الشرق الأوسط» إن الاقتراحات التي عكفت عليها رئاسة العشرين السعودية، كفيلة أن تقدم من الإجراءات والإصلاحات المهمة ما يعيد الثقة في الاقتصاد العالمي، خاصة بعد فتح الاقتصاد وزيادة حركة الأسواق الخارجية بعد انتهاء المرحلة الأولى من جائحة كورونا، مع توقعات تحسن حركة التجارة والاستثمار، فضلا عن مبادرات أخرى لاجتذاب الاستثمار وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية.
وتوقع الحمادي أن تساعد تلك الاقتراحات التي ساهمت فرق مجموعات الأعمال والتواصل بـ«العشرين» وغيرها من المنظومات في رسم سياسات اقتصادية معينة تساعد مجموعة دول العشرين، في تعزيز تجارة السلع والخدمات وسياسات الاستثمار وتحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة، لا سيما أنها تعزز التفاهم المشترك حول القضايا العالمية وتقديم توصيات السياسة العامة لمسؤولي مجموعة العشرين لمعالجة اختلالات التجارة العالمية والنزعة الحمائية.
ورجح الحمادي أن يشهد العالم ما بعد جائحة كورونا تصحيح بيئة التجارة من حيث النظام التجاري والاستثماري الشامل، وتعزيز السياسات والاتفاقيات التجارية، وتجاوز تحديات الشركات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الخاص عموما بسبب توقف الأعمال أو بطئها الناجم عن تداعيات الجائحة في الفترة الماضية.
من جانب آخر، قال لـ«الشرق الأوسط» الاقتصادي الدكتور خالد رمضان، إن المقترحات والتوصيات التي اشتمل عليها بيان قمة مجموعة العشرين، استهدفت بالأساس إنعاش النمو العالمي المتباطئ بقوة في ظل جائحة كورونا، وإجراء إصلاحات عاجلة وضرورية في منظمة التجارة للحفاظ على النظام متعدد الأطراف، مشيراً إلى أن هناك عددا من المجالات الرئيسية تم وضع حلول بشأنها ومن بينها الرقمنة، والتجارة الحرة والعادلة، والتمويل، والبنية التحتية المستدامة، وتمكين سيدات الأعمال، والنزاهة والامتثال، وتغير المناخ، والاستدامة، ومستقبل العمل والتعليم.
وأضاف رمضان أن مقترحات بيان قمة مجموعة العشرين الإصلاحية ستسهم في إنقاذ الاقتصاد العالمي من حالة الركود الطويلة التي تتهدده، في ظل توقعات بأن يتكبد الناتج المحلي الإجمالي العالمي نحو 12 تريليون دولار خلال عام 2020 و2021. لافتا إلى أن الأزمة خلقت جيشا من العاطلين، حيث يتوقع أن يرتفع عددهم إلى 80 مليون عاطل في الدول المتقدمة فقط، وأن تظل نسبة البطالة مرتفعة قرابة 10 في المائة حتى نهاية 2021.
من جهته، أوضح الأكاديمي الاقتصادي السعودي الدكتور سالم باعجاجة أن المملكة قدمت لمجموعة العشرين عددا من المقترحات وهي التركيز على المجالات التي يمكن لمجموعة العشرين إحداث تغيير فارق فيها وتقديم نتائج ملموسة ومن ذلك القضايا المهمة للإنسان وكوكب الأرض والتي يمكن تحقيقها من خلال التعاون العالمي.
ومن بين المقترحات، وفق باعجاجة، تحديد السياسات الحالية التي تؤثر على الاقتصاد العالمي مثل الصحة العامة وتغير المناخ والنزاعات والحروب في المناطقة التي تعاني من شح في الاستقرار.
ولفت باعجاجة إلى عزم مجموعة العشرين على السعي لضمان استقرار وعدم انقطاع إمدادات الطاقة لتحقيق النمو الاقتصادي وحصول الجميع على طاقة ميسورة التكلفة وموثوقة بالاعتماد على الابتكار في مختلف خيارات الوقود والتقنية بما يوائم الظروف الوطنية.
وفي الإطار نفسه، أكد الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، أن الاقتراحات ركزت على إصلاح بيئة أعمال وأنشطة واستدامة المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة ودعمها وتمويلها، فضلا عن توليد الوظائف وإطلاق مبادرات ومسارات وقنوات جديدة تستعيد العافية والثقة في عالم الأعمال وتحسين بيئة الاستثمار لتحفيز زيادة الاستثمار وتجويد الإجراءات التي ستسهل الاستثمار والتجارة والأعمال في عالم ما بعد كورونا مع جودة وتنافسية عالية.


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.