محاكمة دبلوماسي إيراني للتخطيط لقتل معارضين بقنبلة في فرنسا

آلاف الإيرانيين يشاركون في المؤتمر السنوي لجماعة «مجاهدين خلق» بمدينة فيليبينت شمال باريس خلال يونيو 2014 (أ.ب)
آلاف الإيرانيين يشاركون في المؤتمر السنوي لجماعة «مجاهدين خلق» بمدينة فيليبينت شمال باريس خلال يونيو 2014 (أ.ب)
TT

محاكمة دبلوماسي إيراني للتخطيط لقتل معارضين بقنبلة في فرنسا

آلاف الإيرانيين يشاركون في المؤتمر السنوي لجماعة «مجاهدين خلق» بمدينة فيليبينت شمال باريس خلال يونيو 2014 (أ.ب)
آلاف الإيرانيين يشاركون في المؤتمر السنوي لجماعة «مجاهدين خلق» بمدينة فيليبينت شمال باريس خلال يونيو 2014 (أ.ب)

كان القصد من القنبلة أن تنفجر في إحدى ضواحي باريس أثناء تجمع ضخم أقامته جماعة إيرانية معارضة في المنفى، وكان من الممكن أن تتسبب في مذبحة، لكن ما حدث هو أن خبراء الجيش البلجيكي تمكنوا من تفكيك القنبلة بعد العثور عليها في سيارة زوجين اعتقلا في إحدى ضواحي بروكسل.
وسيخضع الزوجان لجلسة محاكمة، الجمعة، تضم مواطنين إيرانيين؛ منهم دبلوماسي يعتقد أنه العقل المدبر للمؤامرة، بعد مرور أكثر من عامين على إحباط العملية.
ومن المتوقع أن تتسبب القضية؛ التي ستجرى وقائعها في إحدى محاكم مدينة أنتويرب البلجيكية، في حرج لإيران. ووفقاً لوثائق قانونية صادرة عن تحقيقات أجرتها «وكالة الاستخبارات والأمن البلجيكية» لفترة عامين، فإن الدبلوماسي أسد الله أسدي عمل بناءً على أوامر من السلطات الإيرانية وجلب المتفجرات إلى أوروبا.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن المدعي العام الفيدرالي في بلجيكا، قوله إن «الهجوم المخطط كان بأوامر من إيران وبتحريض منها» ولم يعلق مكتب المدعي العام على القضية لأن المحاكمة لم تبدأ بعد.
في 30 يونيو (حزيران) 2018، تلقى ضابط شرطة بلجيكي بلاغاً باحتمال وقوع هجوم على الاجتماع السنوي لجماعة «مجاهدين خلق»، وعلى الفور قام بإيقاف سيارة «مرسيدس» كان يستقلها الزوجان، وبتفتيشها عثروا على 550 غراماً من المتفجرات من مادة «تي إيه تي إيه تي بي» المتفجرة، وذكرت وحدة تفكيك القنابل البلجيكية في تقريرها أن الجهاز ذو جودة احترافية.
ويعتقد المحققون أن أسدي، بوصفه «العقل المدبر» للهجوم، قد استأجر الشريكين قبل عامين. وطبقاً لمذكرة من «وكالة الاستخبارات والأمن البلجيكية»، فإن أسدي (48 عاماً) يعمل ضابطاً في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية وكان يعمل تحت غطاء دبلوماسي بالسفارة الإيرانية في فيينا. ويعتقد ضباط أمن الدولة في بلجيكا أنه عمل في «إدارة 312» في الوزارة المعنية بالأمن الداخلي المدرجة على قائمة الاتحاد الأوروبي منظمةً إرهابية.
وعند اعتقاله، عثر المحققون أيضاً على دفتر ملاحظات أحمر في سيارة أسدي مع تعليمات بشأن كيفية استخدام القنبلة، وكشف تحليل الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني للمشتبه بهم أنهم استخدموا لغة الترميز للتواصل مع جهاز زعم أنه «بلاي ستيشن 4»، وهو الاسم المزعوم لجهاز التدبير.
كما أثبت الجانب الفرنسي من التحقيق أن أسدي زار مدينة فيليبينت أثناء تجمع «مجاهدين خلق» عام 2017 في رحلة قد تكون استطلاعية.
وذكر محامي أسدي، ديمتري دي بيكو، في تصريح لوكالة «أسوشييتد برس»، أن موكله يطعن في جميع التهم الموجهة إليه. وفي رسالة قصيرة، كتب دي بيكو أن دفاعه «سوف يثير عدداً من الأمور الإجرائية، بما في ذلك حصانته الدبلوماسية المفترض أنه يتمتع بها»، وأعرب عن أمله في ألا تكون القضية «محاكمة سياسية».
ويُزعم أن أسدي جند الزوجين؛ أمير سعدوني ونسيمة نعامي، صاحبي الأصول الإيرانية لكنهما كانا يعيشان في مدينة أنتويرب البلجيكية، للحصول على معلومات عن المعارضة الإيرانية. أما المشتبه به الرابع، وهو مهرداد عرفاني، فهو أحد سكان بروكسل وسافر إلى فيليبينت في اليوم نفسه للاعتداء المخطط له، فيما كان يحمل هاتفاً يحوي رقم أسدي.
وأظهرت سجلات السفر التي حصلت عليها «أسوشييتد برس» أن أسدي قام برحلات عدة إلى إيران في الأشهر التي سبقت التجمع، وأن آخر رحلة له كانت قبل أكثر من أسبوع من الاعتداء المحبَط. ووفقاً لمذكرة من ملفات الادعاء، فإن أسدي حمل المتفجرات على متن الرحلة التجارية المتجهة إلى النمسا وادعى أنه سلم القنبلة إلى سعدوني ونعامي أثناء اجتماع في مطعم «بيتزا هت» في لوكسمبورغ قبل يومين فقط من إلقاء القبض عليهما.
غير أنهما أنكرا علمهما بأن الدبلوماسي - الذي كان اسمه الرمزي دانيال - قد أعطاهما قنبلة، وقالت نعامي إنها اعتقدت أن الطرد يحتوي على ألعاب نارية. وأفادت الوحدة البلجيكية المعنية بتفكيك القنابل بأن القنبلة التي عثر عليها في سيارة الزوجين طراز «مرسيدس»، كانت جاهزة للاستخدام وأنها كانت «مغلفة بالبلاستيك ومخفية داخل حقيبة هدايا». كما عثر المفتشون على زناد رقمي عن بعد في حقيبة صغيرة تعود إلى الزوجة تحتوي على مواد نظافة وتجميل نسائية.
وفي حال أدين المشتبه بهم الأربعة، فإن المتهمين سيواجهون السجن لمدة تتراوح بين 5 سنوات و20 سنة بتهمة «محاولة قتل إرهابية والمشاركة في أنشطة جماعة إرهابية». وتستمر جلسات الاستماع بين يومين وثلاثة أيام، ويتوقع صدور حكم نهاية الشهر المقبل.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.