المحقق العدلي يطالب بملاحقة وزراء في انفجار المرفأ

الإحالة شملت وزراء الأشغال والمال والعدل الحاليين والسابقين

TT

المحقق العدلي يطالب بملاحقة وزراء في انفجار المرفأ

وجّه المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان، كتابا إلى المجلس النيابي، طلب بموجبه ملاحقة وزراء حاليين وسابقين، بحسب مسؤولية كلّ منهم عن التقصير في معالجة تخزين آلاف الأطنان من نترات الأمونيوم في المرفأ. وكشف مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن التحقيقات التي أجراها صوّان والتي شملت وزراء الأشغال العامة والعدل والمال الحاليين والسابقين «وفّرت شبهات عن إهمال وتقصير هؤلاء الوزراء حيال عدم التخلّص من نترات الأمونيوم في المرفأ رغم خطورتها».
وطلب القاضي صوّان من البرلمان، أن يباشر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بـ«إجراء التحقيقات مع كلّ من وزير الأشغال الحالي ميشال نجّار والوزراء السابقين يوسف فنيانوس، غازي العريضي وغازي زعيتر، وزير المال الحالي غازي وزنة والوزير السابق علي حسن خليل، ووزيرة العدل الحالية ماري كلود نجم والوزراء السابقين أشرف ريفي، وسليم جريصاتي وألبيرت سرحان». واعتبر المصدر القضائي أن «ملاحقة الوزراء مناطة حصرا بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، مؤكدا أن «كلا من هؤلاء الوزراء كان على علم بوجود نترات الأمونيوم في المرفأ، سواء من خلال المراسلات الخطية التي وصلتهم من إدارة المرفأ أو من خلال تقارير الأجهزة الأمنية، ولم يتخذوا القرارات الحاسمة بهذا الشأن».
ويأتي كتاب صوّان الموجه إلى البرلمان، بعد مطالعة أعدتها النيابة العامة التمييزية، رأت فيها أن ملاحقة الوزراء على مخالفات أو جرائم محتملة ارتكبوها خلال توليهم مهامهم الوزارية، تقع ضمن اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وذلك بالاستناد إلى حالات سابقة أوقف فيها القضاء العدلي محاكمة وزراء لعدم الاختصاص.
وتشكّل هذه الإحالة، أوّل اختبار حقيقي لجدّية البرلمان اللبناني بملاحقة من تثبت مسؤوليته السياسية في انفجار المرفأ، إذ سبق لرئيس مجلس النواب نبيه برّي أن قابل وفدا من أهالي ضحايا المرفأ، وتعهد أمامهم بالشروع بملاحقة أي وزير في حال سلّمه المحقق العدلي القاضي فادي صوّان أي مستندات بهذا الشأن، علما بأن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي يتألف من نوّاب وقضاة، غير مشكّل حاليا، ولم يسبق له أن حاكم وزيرا أو نائبا أو مسؤولا سياسيا، باستثناء المحاكمة الغيابية لرئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل في العام 1993 الذي اتهمه المجلس الأعلى بشراء طائرات مروحية للجيش اللبناني فرنسية الصنع، تبيّن أنها كورية الصنع، لكنّ تلك المحاكمة أفضت إلى إعلان براءة الجميل، رغم أنه كان بمنفاه في باريس.
وأكد مصدر مقرّب من القاضي صوّان لـ«الشرق الأوسط»، أن الأخير «أخضع هذا الموضوع لدراسة قانونية ودستورية معمّقة». وأشار إلى أن «مسألة إحالة الوزراء على المجلس النيابي تقع في موقعها الصحيح»، لافتا إلى أن المحقق العدلي «استشهد بحالات مماثلة حصلت في السابق، منها قضية الادعاء على وزير المال الأسبق (رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة) في عهد الرئيس إميل لحود في العام 1999، وبعد أن طعن وكيل السنيورة بقرار الادعاء عليه، أصدرت الهيئة العامة لمحكمة التمييز، المؤلفة من رؤساء محاكمة التمييز، قرارا اعتبرت فيه أن القضاء العدلي ليس صاحب اختصاص بملاحقة الوزير، وحصرت هذه الصلاحية بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء». وذكّر المصدر بأن «ذاك القرار أدى أيضا إلى وقف محاكمة الوزيرين السابقين شاهي برصوميان وعلي عبد الله، أمام محكمة الجنايات في بيروت التي سارعت إلى إطلاق سراحهما فورا بعد أكثر من سنة على توقيفهما». وأفاد المصدر المقرّب من صوّان بأن الأخير «يحرص على اتباع إجراءات قضائية صحيحة، بدل افتعال بطولات وتسجيل انتصارات ليست في مكانها».
وكان المحقق العدلي تسلّم أمس ادعاء المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري، على كلّ من عضو المجلس الأعلى للجمارك هاني الحاج شحادة ومدير إقليم بيروت السابق في الجمارك موسى هزيمة، ومن المقرر أن يستجوبهما اليوم كمدعى عليهما، وبذلك يرتفع عدد المدعى عليهم بملف المرفأ إلى 33 شخصا، بينهم 25 موقوفا.
إلى ذلك، نفّذ أهالي ضحايا انفجار المرفأ اعتصاما أمس أمام مجلس النواب في وسط بيروت، طالبوا فيه بـ«إقرار قانون يساوي شهداء انفجار المرفأ بشهداء الجيش». وأعلنوا في بيان أنهم سيعطون المجلس النيابي «مهلة ساعات قليلة لإقرار القانون وإلّا سندخل عليكم لإجباركم على ذلك، لأن الدبلوماسية انتهت».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.