مارادونا «الخارق»... اللاعب الذي ربح العالم بعبقريته وخسر نفسه بسبب المخدرات

الأرجنتيني دييغو مارادونا (إ.ب.أ)
الأرجنتيني دييغو مارادونا (إ.ب.أ)
TT

مارادونا «الخارق»... اللاعب الذي ربح العالم بعبقريته وخسر نفسه بسبب المخدرات

الأرجنتيني دييغو مارادونا (إ.ب.أ)
الأرجنتيني دييغو مارادونا (إ.ب.أ)

لم يكن الأرجنتيني دييغو مارادونا الذي توفي الأربعاء عن 60 عاماً بسكتة قلبية نجماً رياضياً «خارقاً» فحسب، فهو ليس مثل بيليه أو بكنباور أو دي ستيفانو، فهؤلاء شرّفوا ملاعب كرة القدم العالمية بفنهم الرفيع وهو جاراهم تماماً في ذلك، لكنه تفوق عليهم حتماً في احتلال العناوين العريضة في صفحات الصحف، إنما لأسباب أخرى لا يمكن وضعها دائماً في خانة الإيجابيات.
شغل مارادونا العالم بمواهبه ومشكلاته وحتماً سيتذكره الجميع بأنه ذلك اللاعب الذي ربح العالم بعبقريته وخسر نفسه بسبب المخدرات، وابتعد عن ملاعب كرة القدم مرغماً، بعدما خدّر هذا المنشط أسلوبه وفنه، ونقله من أمام مرمى كرة القدم إلى رهبة القضاة والمحاكم وأروقة المختبرات الطبية، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وُلد دييغو مارادونا في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 1960 في لانوس، إحدى ضواحي بوينس آيرس الفقيرة. بدأ مسيرته مع نادي أرجنتينوس جونيورز قبل عيد ميلاده السادس عشر، واستهل بعدها مشواره مع منتخب بلاده عام 1977.
قال في سن السابعة عشرة: «لدي حلمان، الأول أن أشارك في كأس العالم والآخر أن أحرزها». مرّ مارادونا الذي اختير رياضي القرن في الأرجنتين، في علاقاته مع بطولات كأس العالم بشتى المراحل بحلوها ومرّها على مدى 16 عاماً.
بدأت علاقة الولد الذهبي للكرة الأرجنتينية بالمونديال بخيبة أمل عندما تجاهله المدرب سيزار لويس مينوتي لدى اختيار تشكيلته الرسمية لمونديال عام 1978 لصغر سنه وافتقاده الخبرة. قال مارادونا بعد استبعاده «إنه اليوم الأكثر تعاسة في حياتي. عندما أعلمني مينوتي بأنه اختار لاعباً آخر مكاني عدت إلى غرفتي وأجهشت بالبكاء».
وتابع مارادونا مباريات منتخب بلاده على شاشة التلفزيون وشاهد دانيال باساريللا قائد المنتخب وماريو كيمبس هداف البطولة يقودان الأرجنتين إلى إحراز لقبها الأول وسط فرحة هستيرية في الشوارع الأرجنتينية. لكن «إل بيبي دي أورو» (الفتى الذهبي) كان في عداد تشكيلة مينوتي العام التالي ليقود بلاده، إنما للفوز بكأس العالم تحت 20 عاماً في اليابان، حيث أحرز جائزة أفضل لاعب.
شارك في مونديال إسبانيا 82 للمرة الأولى وكانت فرصة له للتعويض عما فاته في كأس العالم السابقة. ولأن الأرجنتين كانت حاملة اللقب، سُلطت الأنظار عليها ونال مارادونا قسطاً من الأضواء، خصوصاً أنه كان وقّع عقداً للانتقال إلى برشلونة الإسباني. وعلى الرغم من تسجيله هدفين، فإن حادثة طرده في المباراة ضد البرازيل في الدور الثاني بقيت عالقة في الأذهان.
بلغ الذروة عام 86 في مونديال مكسيكو عندما قاد منتخب بلاده إلى اللقب الثاني بعد 1978.
ويمكن إطلاق اسم مونديال مارادونا على كأس العالم 86؛ لأن النجم الأرجنتيني طبع البطولة بطابعه الخاص، وكان عزفه المنفرد مفتاح الفوز. ومنذ المباراة الأولى التي لعبتها الأرجنتين في 1986 ضد كوريا الجنوبية، بدا واضحاً تصميم الأميركيين الجنوبيين على إحراز الكأس، وقد ساهم مارادونا في ثلاث تمريرات جاءت منها أهداف منتخب بلاده في مرمى المنتخب الآسيوي.
ثم افتتح مارادونا رصيده من الأهداف بهدف جميل في مرمى إيطاليا وخرج المنتخبان متعادلين 1 – 1، وفرض مارادونا نفسه أيضاً في المباراة ضد بلغاريا (2 - صفر) ومرر كرة حاسمة إلى زميله خورخي بوروتشاغا. وساهم أيضاً في الفوز على الأوروغواي 1 - صفر في الدور الثاني، لكنه ادخر أفضل ما لديه للأدوار التالية.
وكانت المباراة ضد إنجلترا مشهودة لأنها اتخذت طابعاً سياسياً من جراء حرب الفولكلاندز بين الدولتين، وقد سبقتها حرب كلامية بين المعسكرين. انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، وفي مطلع الشوط الثاني سجل مارادونا هدفاً بيده في مرمى الحارس بيتر شيلتون فاحتج الإنجليز طويلاً، لكن الحكم التونسي علي بن ناصر لم يكترث وأصر على احتساب الهدف. واعترف مارادونا بعد المباراة بأنه استعمل يده للتسجيل، معتبراً أنها «يد الله»، بحسب قوله.
وبعد أربع دقائق سجل مارادونا أجمل هدف في تاريخ كؤوس العالم؛ إذ قام بمراوغة ستة لاعبين إنجليز، بمن فيهم الحارس قبل أن يودع الكرة في شباكهم. وتقابلت الأرجنتين مع بلجيكا في نصف النهائي وقد وقف دفاع الأخيرة عاجزاً عن إيقاف العبقري الأرجنتيني الذي سجل هدفين في منتهى الروعة من مجهودين فرديين فاتحاً الطريق أمام منتخب بلاده لخوض المباراة النهائية.
وفرضت رقابة لصيقة على مارادونا في النهائي وتقدم منتخب بلاده 2 – صفر، ثم أدركت المانيا الغربية التعادل 2 - 2 قبل النهاية بنحو 13 دقيقة؛ ولأن مارادونا كان له اليد في معظم أهداف منتخب بلاده فإنه مرر كرة أمامية إلى بوروتشاغا الذي انفرد بالحارس الألماني وسجل هدف الفوز 3 - 2.
وفي مونديال إيطاليا 90، ذرف مارادونا دمعة شهيرة بعد خسارة النهائي أمام ألمانيا الغربية. آنذاك قاد منتخب بلاده تقريباً بمفرده، قبل أن يسقط فريقه بركلة جزاء متأخرة لأندرياس بريمه. ودّع مارادونا المونديال من الباب الضيق بسبب حادثة المخدرات التي كان بطلها في مونديال الولايات المتحدة 94.
تعملق في المباراة الأولى ضد اليونان وقاد الأرجنتين إلى فوز كبير (4 - صفر) وسجل هدفاً رائعاً وخاض الدقائق التسعين بأكملها. حافظ على مستواه في المباراة الثانية ضد نيجيريا، لكنها كانت الأخيرة له بعد ثبوت تناوله منشطات من خمس مواد ممنوعة، فسحبه الاتحاد الأرجنتيني من صفوف المنتخب قبل أن يوقفه الاتحاد الدولي 15 شهراً.
تميز مارادونا دوماً بشخصية نافرة خلافاً للأسطورة البرازيلية بيليه الدبلوماسي «أنا أسود أو أبيض، لن أكون رمادياً في حياتي». كان قصيراً (165 سم)، قوياً وسريعاً. كان أيضاً شرساً ومقاتلاً عنيداً رفض الخضوع، حتى عندما حاول أعتى المدافعين منعه من الوصول إلى المرمى. لكن الأهم من كل ذلك أنه كان موهوباً ومبتكراً... بل عبقرياً. قال زميله في منتخب 1986 خورخي فالدانو «لم يكن للكرة تجربة أفضل من الدوران تحت قدمه اليسرى».
على صعيد الأندية، انتقل إلى نادي القلب بوكا جونيورز في 1981 محرزاً معه لقبه المحلي الوحيد. ترك بصفقة قياسية إلى برشلونة في 1982، ومعه اكتفى بلقب الكأس المحلية في 1983، غاب لفترة طويلة بعد اعتداء لاعب أتلتيك بلباو اندوني غويكوتشيا عليه وكسر كاحله؛ ما مهد لانتقاله إلى الدوري الإيطالي.
كان العلامة الفارقة في تاريخ نادي نابولي الجنوبي (1984 - 1991). عرف معه مجداً محلياً وقاده إلى إحراز لقب الدوري في 1987 و1990، والتتويج بلقب كأس الاتحاد الأوروبي 1989. لكن مارادونا عاش حياة صاخبة خارج الملاعب. أكد مراراً أن اصعب منافسة خاضها منذ احترافه هي التوقف عن تعاطي المخدرات، علماً بأنه أنفق الكثير من المال للتخلص من هذه الآفة. سافر إلى جنيف وتورونتو وإسبانيا وكوريا الجنوبية ليجد الدواء الشافي في مصحاتها، قبل أن يتعرض لنكسات طبية متلاحقة في السنوات الأخيرة.
وبكى مارادونا لحالته عندما عرف أنه لم يعد قادراً على فعل أي شيء، وأسف نجم كرة القدم البرازيلي السابق بيليه للحال التي وصل إليها هذا «المسكين»، وقال «من المؤسف ألا يكون نجوم كرة القدم خاصة والرياضة عامة، مثالاً للشباب والإنسانية».
وكانت لمارادونا مواجهة دائماً مع الصحافيين والإعلاميين إلى حد أنه شبه حاله عندما كان يواجه ضغطاً من هؤلاء بالحال التي كانت عليها الليدي ديانا أميرة ويلز التي قضت في حادث، ورأى أن «الصحافيين تخطوا حدودهم معي ومعها».
وكان سقوط مارادونا في وحول المخدرات إيذاناً بإعلان نهاية مسيرة الولد الذهبي على الصعيد الدولي ليخرج بالتالي من الباب الضيق. بعد نابولي، انتقل إلى إشبيلية الإسباني لموسم وبعده نيولز أولد بويز المحلي، ثم ختم مسيرته في بوكا جونيورز.
في العقدين الأخيرين، تحول إلى التدريب. لكن مشواره لم يكن ناجحاً، مع منتخب الأرجنتين (2008 - 2010) أو في الإمارات العربية المتحدة والمكسيك.
بعد مشكلاته مع المخدرات خضع لإعادة تأهيل. وبعد تركه الكوكايين، وقع في فخ الكحول، السيغار والبدانة لينتهي الأمر به في المستشفى عام 2007.
كان مدافعاً شرساً عن الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، وظهر وشم الأخير بشكل واضح على كتفه، كما كان من أنصار الزعيم الفنزويلي هوغو تشافيس. تزوج صديقته كلاوديا فيلافان عام 1984 ولهما ابنتان: دالما وجانينيا، قبل طلاقهما عام 2004. لديه ولد اسمه دييغو جونيور ولد في نابولي عام 1986، وقد اعترف بأبوته فقط في 2004.


مقالات ذات صلة

أرتيتا: أنا معجب بما يفعله أموريم

رياضة عالمية ميكل أرتيتا مدرب آرسنال (رويترز)

أرتيتا: أنا معجب بما يفعله أموريم

أبدى ميكل أرتيتا، مدرب آرسنال، إعجابه بتأثير المدرب روبن أموريم مع مانشستر يونايتد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ماركوس راشفورد جاهز لمواجهة آرسنال (رويترز)

راشفورد يدعم صفوف يونايتد قبل مواجهة آرسنال

قال روبن أموريم، مدرب مانشستر يونايتد، الجمعة، إن المهاجم ماركوس راشفورد متاح للمشاركة في المباراة أمام آرسنال.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (إ.ب.أ)

غوارديولا: آملُ أن نحقق الفوز الثالث على التوالي أمام سالفورد

عادةً لا يكون الفوز بثلاث مباريات متتالية بالأمر الجلل لمانشستر سيتي، لكن مدربه بيب غوارديولا يتطلع لتحقيق هذا الإنجاز أمام سالفورد سيتي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عربية الجنوب أفريقي بيرسي تاو ترك الأهلي إلى قطر القطري (النادي الأهلي)

رسمياً... بيرسي تاو إلى قطر

قال مارسيل كولر، مدرب الأهلي المصري، إن لاعبه الجنوب أفريقي بيرسي تاو لن يكون ضمن صفوف الفريق بدءاً من لقاء ستاد أبيدجان بدوري أبطال أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية تياغو موتا مدرب يوفنتوس (رويترز)

موتا: يجب على لاعبي يوفنتوس تقديم ما يكفي لتحقيق الانتصارات

شدد تياغو موتا مدرب يوفنتوس على حاجة فريقه إلى الثبات على المستوى وتحقيق سلسلة من الانتصارات.

«الشرق الأوسط» (تورينو)

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
TT

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)

قال باولو فونيسكا مدرب ميلان المنافس في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم الجمعة، إن الفوز على فينيتسيا بعد ثلاث مباريات دون انتصار هذا الموسم، بنفس أهمية مواجهة ليفربول أو غريمه المحلي إنتر ميلان.

ويتعرض فونيسكا للضغط بعدما حقق ميلان نقطتين فقط في أول ثلاث مباريات، وقد تسوء الأمور؛ إذ يستضيف ليفربول يوم الثلاثاء المقبل في دوري الأبطال قبل مواجهة إنتر الأسبوع المقبل. ولكن الأولوية في الوقت الحالي ستكون لمواجهة فينيتسيا الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء والذي يحتل المركز قبل الأخير بنقطة واحدة غداً (السبت) حينما يسعى الفريق الذي يحتل المركز 14 لتحقيق انتصاره الأول.

وقال فونيسكا في مؤتمر صحافي: «كلها مباريات مهمة، بالأخص في هذا التوقيت. أنا واثق كالمعتاد. من المهم أن نفوز غداً، بعدها سنفكر في مواجهة ليفربول. يجب أن يفوز ميلان دائماً، ليس بمباراة الغد فقط. نظرت في طريقة لعب فينيتسيا، إنه خطير في الهجمات المرتدة».

وتابع: «عانينا أمام بارما (في الخسارة 2-1)، لكن المستوى تحسن كثيراً أمام لاتسيو (في التعادل 2-2). المشكلة كانت تكمن في التنظيم الدفاعي، وعملنا على ذلك. نعرف نقاط قوة فينيتسيا ونحن مستعدون».

وتلقى ميلان ستة أهداف في ثلاث مباريات، كأكثر فرق الدوري استقبالاً للأهداف هذا الموسم، وكان التوقف الدولي بمثابة فرصة ليعمل فونيسكا على تدارك المشكلات الدفاعية.

وقال: «لم يكن الكثير من اللاعبين متاحين لنا خلال التوقف، لكن تسنى لنا العمل مع العديد من المدافعين. عملنا على تصرف الخط الدفاعي وعلى التصرفات الفردية».

وتابع فونيسكا: «يجب علينا تحسين إحصاءاتنا فيما يتعلق باستقبال الأهداف، يجب على الفريق الذي لا يريد استقبال الأهداف الاستحواذ على الكرة بصورة أكبر. نعمل على ذلك، يجب على اللاعبين أن يدركوا أهمية الاحتفاظ بالكرة».