توتر في شمال لبنان إثر مقتل شاب على يد عامل سوري

دعوات إلى تفتيش منازل النازحين بحثاً عن سلاح أو مطلوبين

TT

توتر في شمال لبنان إثر مقتل شاب على يد عامل سوري

تتواصل تداعيات جريمة قتل شاب لبناني على يد عامل سوري في بشري شمال لبنان، إذ طالب أهالي وفعاليات المنطقة الجهات الأمنيّة بمداهمة وتفتيش أماكن سكن النازحين السوريين، والتحقق من هوياتهم، مشددين على ضرورة مغادرة جميع السوريين الموجودين في المدينة بشكل غير شرعي.
وحثّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» (له وجود قوي في بشري) سمير جعجع، السلطات القضائية، على إجراء التحقيقات بأسرع وقت ممكن، مطالباً الدولة بالقيام بمسح شامل للموجودين في المنطقة بحثاً عن أي سلاح غير شرعيّ. وناشد جعجع أهالي بشري ألا يتصرفوا أي تصرف خارج ‏القانون بانتظار التحقيقات.
كان عامل سوري أقدم أول من أمس على قتل الشاب اللبناني جوزيف طوق، رمياً بالرصاص، وأشار مصدر متابع إلى أنّ القاتل يعمل ناطوراً في فيلا مجاورة لعقارات يملكها طوق، وأنّ لا خلافات بين الاثنين.
وسارع القاتل إلى تسليم نفسه إلى مركز الشرطة معترفاً بقيامه بالجريمة، بينما باشرت السلطات القضائيّة التحقيق. وتفقدت قاضية التحقيق الأولى في الشمال سمرندا نصار، موقع الجريمة.
وبعد ليلة شهدت توتراً، إذ تجمّع الأهالي مطالبين بخروج النازحين السوريين منها، كما عمد بعضهم إلى قطع الطرقات، استفاقت المدينة على هدوء حذر، كما أكّد عضو كتلة نواب «القوات» النائب جوزيف إسحق، مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّه «رغم الغضب العارم للأهالي بسبب فقدانهم أحد أبنائهم، إلّا أنّ الأمور تحت السيطرة انطلاقاً من وعي الأهالي بضرورة ضبط النفس». وأشار إسحق إلى أنّ القوى الأمنيّة منتشرة في المدينة وتقوم بدورها.
كان الجيش اللبناني أعلن إثر وقوع الجريمة أنّه يسير دوريات راجلة ومؤللة في بشري، وذلك من أجل إعادة الهدوء إلى المنطقة.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور تمّ تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي عدداً من العائلات السورية تخرج من بشري في باصات صغيرة، كما تمّ تداول أخبار عن حرق منازل تابعة للنازحين السوريين وطردهم بالقوّة.
وأوضح إسحق أنّ «عدداً من العائلات السورية تركت المدينة طوعاً، ربما خوفاً أو تحسباً من ردّة فعل الأهالي»، مشيراً إلى أنّه «لا يوجد أي توجه بإخلاء منازل السوريين، وأنّ ما حصل لم يتجاوز ردة الفعل العفويّة ولكن تمّ تضخيمها». ولفت إسحق إلى وجود سلاح بيد العامل السوري، الأمر الذي وصفه بغير العادي، تاركاً الموضوع للقضاء والجهات المعنيّة.
كان مجلس بلدية بشري طالب الأجهزة الأمنية كافة بـ«القيام بحملة تفتيش واسعة على أماكن سكن السوريين، والتحقق من هوياتهم، وعدم التلكؤ في هذا الموضوع نظراً لخطورته الكبيرة، محذرين جميع السوريين الموجودين في المدينة بشكل غير شرعي إلى مغادرتها فوراً».
وأكّد المجلس، في بيان له بعد اجتماع طارئ، أنّ بشري «لم تميز يوماً بين عرق أو دين، واستقبلت اللاجئين السوريين وعاملتهم كأبناء لها، حيث سكنوا في شوارعها وأحيائها وبين أهلها»، لافتاً إلى أنّ هذا لا يعني القبول «وتحت أي ذريعة أن يشكل أي شخص أو جماعة تهديداً لأمن بشري ومجتمعها».
واستغرب البيان «وجود أسلحة بيد من يدّعون العمالة في المدينة»، سائلاً: «هل وجود هؤلاء هو فقط بهدف العمل، أم أن هناك خلفيات أخرى؟».
كانت النائبة ستريدا جعجع اتصلت بقائد الجيش العماد جوزيف عون، وتمنت العمل على ضبط الأمن في المدينة، وعدم السماح لأي كان باستغلال هذه الحادثة من أجل إخلال الأمن فيها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».