«الصحة العالمية»: الفوز في سباق اللقاحات ليس هدفاً... بل فاعليتها وتعميمها

11 مشروعاً من أصل 50 في الشوط الأخير

باحث في مختبر هندي يعمل على إنتاج لقاح ضد «كورونا» (رويترز)
باحث في مختبر هندي يعمل على إنتاج لقاح ضد «كورونا» (رويترز)
TT

«الصحة العالمية»: الفوز في سباق اللقاحات ليس هدفاً... بل فاعليتها وتعميمها

باحث في مختبر هندي يعمل على إنتاج لقاح ضد «كورونا» (رويترز)
باحث في مختبر هندي يعمل على إنتاج لقاح ضد «كورونا» (رويترز)

مع الاحتدام الذي يشهده السباق الدولي على اللقاحات ضد (كوفيد - 19)، عادت منظمة الصحة العالمية لتشدّد على أن اللقاح لن يكون الأداة السحرية للقضاء على الوباء، وأن الفوز في السباق لن يجدي كثيراً إذا لم تتوفّر عدّة بدائل أخرى بجانبه.
وقال هانز كلوغيه، مدير المكتب الإقليمي الأوروبي لمنظمة الصحة، إن اللقاح وحده لا يمكن أن يقضي على الفيروس في الأمد القصير، وإن السباق الجاري حالياً لا يجب أن يكون من أجل الوصول في الطليعة إلى خط النهاية، بل لإنتاج أكبر عدد ممكن من اللقاحات الفعّالة. وأضاف أن النصر النهائي في المعركة العالمية ضد الجائحة لن يتحقق بمجرّد إنتاج اللقاح أو الحصول عليه، بل إن القدرة على توزيعه بأمان وفاعلية هي التي ستحسم النتيجة النهائية.
ولا يخفي المسؤولون في منظمة الصحة العالمية قلقهم من دخول السباق الدولي على تطوير اللقاحات وإنتاجها دائرة المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا وروسيا، ومن أن تكون هذه المنافسة على حساب المعايير العلمية للفاعلية والسلامة، وأن تكون ضحيتها الدول النامية والفقيرة التي لا تملك القدرة على شراء اللقاحات الكافية أو توزيعها بفاعلية على مواطنيها.
وفيما تسعى الدول الكبرى إلى جعل حملات التلقيح منصّة لإظهار قدراتها اللوجيستية، أفادت المنظمة الدولية بأن ثمّة 50 مشروعاً لإنتاج اللقاحات يجري اختبارها سريرياً في العالم، وأن 11 منها دخل الشوط الأخير من التجارب التي تمهّد للموافقة النهائية عليه، لكن البيانات العلمية المتوفّرة حتى الآن لا تسمح بتحديد موقف جازم من فاعلية هذه اللقاحات أو سلامتها.
وفي موازاة هذا السباق على تطوير اللقاح وإنتاجه، تدور معركة ضارية للحصول على أكبر عدد ممكن من اللقاحات التي تحوّلت من مجرّد أداة لمكافحة الوباء وإنقاذ الأرواح إلى خشبة الخلاص من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أنهكت الدول الكبرى.
وتفيد آخر البيانات الصادرة عن المفوضية الأوروبية بأن الاتحاد الأوروبي قد أبرم عقوداً نهائية مع خمس شركات عالمية للأدوية، هي أسترازينيكا وسانوفي وجانسين وبيونتيك - فايزر وكيورفاك، للحصول على 1225 مليون جرعة لقاح كدفعة أولى، إضافة إلى 580 مليون جرعة احتياطية. ولا تزال المفوضية الأوروبية تجري مفاوضات مع شركتي مودرنا ونوفافاكس لشراء المزيد من اللقاحات.

عقود ضخمة
وفي لقاء عبر الفيديو مع وزراء الصحة في بلدان الاتحاد الأوروبي قالت رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين أمس (الثلاثاء) إن العقود المبرمة مع شركات الأدوية تشمل خمسة لقاحات مختلفة وأربع طرق تكنولوجية لإنتاجها. وخلافا لما حصل خلال المرحلة الأولى من جائحة (كوفيد - 19)، حيث دخلت الدول الأوروبية في منافسة شرسة لشراء الكمّامات الواقية وأجهزة التنفّس الصناعي، فإن العقود المبرمة لشراء اللقاحات موقّعة من المفوضية بالنيابة عن الدول الأعضاء، وهي التي تتولّى تنسيق توزيعها. وقد سمحت العقود الضخمة بخفض أسعار اللقاحات دون أسعار السوق، وحتى دون الأسعار التي حصلت عليها الولايات المتحدة، كما أفادت مصادر المفوضية التي لم تتمكّن حتى الآن من إبرام اتفاق مع شركة مودرنا التي يعتبر لقاحها من بين الأكثر فاعلية مقارنة باللقاحات التي تحتاج لقدرات لوجيستية معقّدة.

8 جرعات لكل أميركي
لكن حافظة اللقاحات الأوروبية، رغم أهميتها، ما زالت دون الحافظة الأميركية، حيث من المتوقع أن تحصل الولايات المتحدة على 2600 مليون جرعة لقاح، أي بمعدّل 8 جرعات لكل مواطن. ويقول إلياس موسيالوس، مدير قسم الصحة العامة في كليّة لندن للاقتصاد، إن العبرة ليست بالعدد، بل بفاعلية اللقاحات ونجاح حملات توزيعها، ويتوقّع تقدّم الاتحاد الأوروبي في هذا المجال نظراً لمستوى نظم الصحة العامة في البلدان الأوروبية. ويرى برانكو ميلانوفيتش من جامعة نيويورك أن الصين مرشّحة للفوز في معركة إنتاج لقاح يكون في متناول جميع بلدان العالم، وأن سيطرتها على الوباء منذ أشهر ستسمح لها أيضا بتسجيل نقاط حاسمة في معركة النهوض من الأزمة الاقتصادية.
ويقول برنارد مون، من معهد الدراسات الدولية والتنمية في جنيف، إن المنافسة على إنتاج اللقاحات والحصول عليها أوشكت على الخروج نهائياً من دائرة مراقبة منظمة الصحة العالمية، وإنها مرشّحة للمزيد من الاحتدام في الأشهر المقبلة لأن اللقاحات تحوّلت إلى أداة فعّالة لتعزيز النفوذ الاقتصادي والسياسي في العالم.

برنامج الصين
ومرة أخرى يجد الاتحاد الأوروبي نفسه في هذه المعركة بين الصين التي تتمدّد في مناطق نفوذها عبر سلاح اللقاحات والولايات المتحدة التي تمسك بمفاتيح الإنتاج الرئيسية، كالممول الرئيسي للنظام متعدد الأطراف من خلال برنامج «كوفاكس» الذي تشرف عليه منظمة الصحة لتوفير اللقاحات إلى البلدان الفقيرة.
لكن هذا البرنامج الذي يضمّ 95 من الدول الغنيّة ومرتفعة الدخل و92 من الدول الفقيرة، لا تشارك فيه الولايات المتحدة بعد أن قرّرت الإدارة الأميركية الانسحاب من المنظمة. ويقول أحد المسؤولين عن هذا البرنامج إنه لا يزال يواجه عجزاً يقارب 5 مليارات دولار، ولا يتوقّع توزيع اللقاحات الكافية على جميع سكان العالم قبل نهاية العام 2024.
ويخشى المسؤولون عن برنامج «كوفاكس» أن تكون الدول متوسطة الدخل هي الأقل حظية في الحصول على اللقاحات، لأنها لا تملك قدرة قويّة عند التفاوض ولن تحصل على المساعدة المالية من البرنامج لشرائها. وينبّه خبراء المفوضية إلى أنه في حال نزول اللقاحات التي تنتجها الدول الغربية قبل غيرها إلى الأسواق، وعدم منحها أو بيعها بأسعار معقولة إلى الدول النامية، سيصّب ذلك في مصلحة الصين ويعزّز موقعها في مناطق النفوذ التي تتمدّد فيها.
وينبّهون أيضا إلى أن حملات التلقيح في أوروبا تواجه منذ فترة حملات من التشويش والتشكيك تديرها جهات خارجية، خاصة من الصين وروسيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتهدف إلى تقويض ثقة المواطنين بالأجهزة الصحية العامة وتدفع إلى التمرّد على تدابير الوقاية من الوباء واحتواء انتشاره وتوزيع اللقاحات. وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قد حذّر خلال القمة الأخيرة يوم الخميس الماضي من تزايد عدد المواطنين الأوروبيين الذين يشكّكون في فاعلية اللقاحات، وأعلن أن المفوضية ستباشر قريباً بحملة توعية عامة تهدف إلى توطيد الثقة باللقاحات من الباب الحماية الذاتية والتضامن. وكانت منظمة الصحة العالمية من جهتها قد شدّدت على أن المشاركة الطوعية والواعية للسكّان أساسية لنجاح برامج التلقيح، وأوصت الدول باستخدام تقنيات تحليل السلوكيّات لتكييف حملات التوعية مع مختلف الفئات الاجتماعية.


مقالات ذات صلة

كيف يبدو مستقبل «كوفيد-19» في 2026؟

صحتك سجَّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة «كورونا» في أوروبا إذ حصد «كوفيد-19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

كيف يبدو مستقبل «كوفيد-19» في 2026؟

يتوقع خبراء استمرار «كوفيد-19» في 2026، مع هيمنة متحوِّرات «أوميكرون» وأعراض مألوفة، محذِّرين من التهاون.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فيروس «كورونا» تسبب في وفيات بالملايين حول العالم (رويترز)

دراسة مصرية تثبت قدرة أدوية الالتهاب الكبدي على الحد من وفيات «كوفيد - 19»

كشفت دراسة طبية مصرية عن نجاح دواء يستخدم في علاج مرضى فيروس (التهاب الكبدي الوبائي سي) في الحد من مضاعفات الإصابة بفيروس «كوفيد - 19» المعروف بـ«كورونا»

نصري عصمت (لندن)
أوروبا سجّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة كورونا في أوروبا إذ حصد «كوفيد - 19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

بلغت تكلفة الاحتيال المتعلق ببرامج الدعم الحكومي خلال جائحة كوفيد - 19 في بريطانيا 10.9 مليار جنيه إسترليني (14.42 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
TT

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)

تحقق الشرطة الأسترالية بشأن «حريق مشبوه» بعدما اندلعت النيران في سيارة وُضعت عليها لافتة للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في ملبورن، اليوم (الخميس).

وأُحرقت السيارة الخالية التي وُضعت على سقفها لافتة كُتب عليها «عيد حانوكا سعيد» بينما كانت متوقفة عند منزل، بحسب ما أظهرت صور بثّتها شبكة «إيه بي سي».

وذكرت شرطة فيكتوريا، في بيان، أن «الحريق المشبوه» وقع في الساعات الأولى من صباح الخميس في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن.

وتم إخلاء المنزل كإجراء احترازي.

وقالت الشرطة إن «المحققين تعرّفوا على شخص قد يكون قادراً على مساعدتهم في تحقيقهم ويجرون عمليات بحث بشأن مكانه».

وشددت السلطات الأسترالية القوانين والعقوبات المرتبطة بجرائم الكراهية بعد إطلاق النار الذي استهدف حفلاً لمناسبة «حانوكا» على شاطئ بونداي في سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

وقال الحاخام إيفي بلوك من كنيس حاباد في سانت كيلدا إنه من الواضح أن حادثة إحراق السيارة تندرج في إطار الاعتداءات المعادية للسامية.

وأفاد لوكالة الصحافة الفرنسية: «نشكر الله لأن أحداً لم يتعرض إلى الأذى... لكن ما يجري هو تصعيد متواصل مع تكرار هذه الأحداث».

وأضاف: «لا يشعر أفراد جاليتي اليهودية في سانت كيلدا وملبورن بالأمان في منازلهم وبلدهم».


تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
TT

تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)

أدانت المفوضية الأوروبية ومسؤولون في الاتحاد، الأربعاء، بشدة العقوبات الأميركية المفروضة على خمس شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا، ومن بينها المفوض السابق تييري بروتون.

كانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، الثلاثاء، حظر منح تأشيرات دخول لبروتون وأربعة نشطاء، متهمة إياهم بالسعي إلى «إجبار» منصات التواصل الاجتماعي الأميركية على فرض رقابة على وجهات النظر التي يعارضونها.

وصعّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماتها على قواعد الاتحاد الأوروبي بعدما فرضت بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر غرامة على شركة «إكس» التابعة لإيلون ماسك، لانتهاكها بنود قانون الخدمات الرقمية (DSA) المتعلقة بالشفافية في الإعلانات وطرقها، لضمان التحقق من المستخدمين، ومن أنهم أشخاص حقيقيون.

«محاولة للطعن في سيادتنا»

وجاء في بيان صادر عن المفوضية: «لقد طلبنا توضيحات من السلطات الأميركية وما زلنا على تواصل معها. وإذا لزم الأمر، فسنرد بسرعة وحزم للدفاع عن استقلاليتنا التنظيمية ضد الإجراءات غير المبررة».

وأضافت: «تضمن قواعدنا الرقمية بيئة عمل آمنة وعادلة ومتكافئة لجميع الشركات، ويتم تطبيقها بشكل عادل ودون تمييز»، مشددة على أن «حرية التعبير حق أساسي في أوروبا، وقيمة جوهرية مشتركة مع الولايات المتحدة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المفوضية إن «الاتحاد الأوروبي سوق موحدة مفتوحة وقائمة على القواعد، وله الحق السيادي في تنظيم النشاط الاقتصادي، بما يتماشى مع قيمنا الديمقراطية والتزاماتنا الدولية».

بدورها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن «قرار الولايات المتحدة فرض قيود على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين غير مقبول»، وإن «فرض أميركا قيوداً على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين محاولة للطعن في سيادتنا».

وأضافت أن أوروبا «ستواصل الدفاع عن قيمها والقواعد الرقمية العادلة والحق في تنظيم فضائنا الخاص».

«يرقى إلى مستوى الترهيب»

ونددت دول في الاتحاد الأوروبي بالإجراء الأميركي.

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، أن حظر التأشيرات «يرقى إلى مستوى الترهيب والإكراه ضد السيادة الرقمية الأوروبية».

وقال على «إكس»: «تدين فرنسا قرارات تقييد التأشيرات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد تييري بروتون وأربع شخصيات أوروبية أخرى»، مؤكداً أن الأوروبيين سيواصلون الدفاع عن «سيادتهم الرقمية» و«استقلالهم التنظيمي».

بدوره، أعلن متحدث ​باسم الحكومة البريطانية، الأربعاء، أن بريطانيا ملتزمة بدعم الحق في حرية التعبير. وقال في بيان نقلته وكالة «رويترز»: «مع أن كل ⁠دولة تمتلك الحق في ‌وضع قواعد التأشيرات ‍الخاصة بها، إلا أننا ‍ندعم القوانين والمؤسسات التي تعمل على إبقاء (شبكة) الإنترنت خالية من ​المحتوى الأكثر ضرراً».

وأضاف: «يجب ألا تُستخدم ⁠منصات التواصل الاجتماعي لنشر مواد الاستغلال الجنسي للأطفال أو التحريض على الكراهية والعنف أو نشر معلومات زائفة ومقاطع فيديو لهذا الغرض».

وفي برلين، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن القرار «غير مقبول»، مضيفاً: «يضمن قانون الخدمات الرقمية أن أي نشاط غير قانوني خارج الإنترنت، يكون غير قانوني أيضاً عبر الإنترنت».

«إجراءات غير مقبولة بين الحلفاء»

كما دانت وزارة الخارجية الإسبانية حظر التأشيرات، منددة بـ«إجراءات غير مقبولة بين الشركاء والحلفاء».

وقالت في بيان: «تعرب الحكومة الإسبانية عن تضامنها مع المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون وقادة منظمات المجتمع المدني الذين يكافحون التضليل وخطاب الكراهية»، مشددة على أن ضمان «مساحة رقمية آمنة» أمر «أساسي للديمقراطية في أوروبا».

وشمل الحظر بروتون، المسؤول الأوروبي السابق عن تنظيم قطاع التكنولوجيا، الذي غالباً ما تصادم مع كبار النافذين فيه مثل ماسك بشأن التزاماتهم قواعد الاتحاد الأوروبي.

كما استهدف الإجراء عمران أحمد من مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH)، وهي منظمة تحارب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة والكاذبة، وآنا لينا فون هودنبرغ وجوزفين بالون من منظمة «هايت إيد» (HateAid) الألمانية، وكلير ميلفورد التي تقود مؤشر التضليل العالمي (GDI) ومقره المملكة المتحدة.

«إدارة تحتقر سيادة القانون»

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية والخدمات ستيفان سيجورنيه، الأربعاء، إن العقوبات الأميركية على سلفه، لن تمنعه من القيام بعمله.

وكتب على منصة «إكس»: «لقد عمل سلفي تييري بروتون بما يخدم المصلحة العامة الأوروبية، ملتزماً بالتفويض الذي منحه الناخبون عام 2019».

وأضاف: «لن تسكت أي عقوبة سيادة الشعوب الأوروبية. تضامني الكامل معه ومع جميع الأوروبيين المتضررين».

ونددت منظمة «هايت إيد» بالعقوبات. ووصفت في بيان الخطوة الأميركية بأنها «عمل قمعي من قبل إدارة تحتقر سيادة القانون بشكل كبير، وتحاول بكل الوسائل إسكات منتقديها».

ويقود ترمب هجوماً كبيراً على قواعد التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي التي تفرض لوائح على ضوابط مثل الإبلاغ عن المحتوى الإشكالي، وهو ما تعده الولايات المتحدة هجوماً على حرية التعبير.

وقد نددت واشنطن بالغرامة البالغة 140 مليون دولار التي فرضها الاتحاد الأوروبي في بداية ديسمبر (كانون الأول) على منصة «إكس» المملوكة لماسك، ووصفها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنها «هجوم على جميع منصات التكنولوجيا الأميركية والشعب الأميركي من جانب حكومات أجنبية».


ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
TT

ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)

أقرت ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا، الأربعاء، حزمة واسعة من القواعد الجديدة المتعلقة بحيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب، وذلك عقب واقعة إطلاق النار العشوائي التي حدثت على شاطئ بونداي، وأدت إلى فرض «قيود على حيازة الأسلحة النارية» وحظر عرض «الرموز المتعلقة بالإرهاب» في الأماكن العامة، و«تعزيز صلاحيات الشرطة للحد من الاحتجاجات».

وأقر برلمان ولاية نيو ساوث ويلز مشروع قانون لتعديل تشريع الإرهاب وتشريعات أخرى، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بعد أن وافقت الغرفة العليا في البرلمان عليه، بغالبية 18 صوتاً مقابل 8 أصوات، خلال جلسة طارئة.

كريس مينز رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز (رويترز)

وقال كريس مينز، رئيس وزراء نيو ساوث ويلز، إن بعض السكان في الولاية يرفضون حزمة التعديلات ‌الصارمة، لكنه أكد ‌أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على سلامة ‌المواطنين.

يأتي ​ذلك ‌في أعقاب إطلاق النار الذي وقع في 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، خلال احتفال بعيد «حانوكا» اليهودي، وأدى إلى مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات.

وأضاف مينز للصحافيين: «لقد تغيّرت سيدني وولاية نيو ساوث ويلز إلى الأبد نتيجة ذلك العمل الإرهابي».

وكانت الغرفة الأدنى في البرلمان أقرت مشروع القانون، الثلاثاء، بدعم من «حزب العمال» الحاكم المنتمي إلى تيار يسار الوسط، و«حزب الأحرار» المعارض، فيما عارض «الحزب الوطني» إجراء تعديلات على تشريعات الأسلحة، قائلاً إن «وضع حد لحيازة الأسلحة سيضر بالمزارعين».

وأدى هجوم بونداي المسلح، الأكثر ‌إزهاقاً للأرواح في أستراليا منذ نحو ‍3 عقود، إلى إطلاق دعوات لتشديد قوانين الأسلحة النارية، واتخاذ إجراءات أشد صرامة ضد معاداة السامية.

خبراء الأدلة الجنائية خلال معاينة جثة أحد الضحايا بموقع إطلاق النار بشاطئ بونداي في سيدني (أرشيفية - إ.ب.أ)

وتنص القوانين الجديدة على أن يكون الحد الأقصى لمعظم التراخيص الممنوحة للأفراد هو 4 قطع من الأسلحة النارية، مع السماح بما يصل إلى 10 للمزارعين.

وتعتقد الشرطة أن المسلحَين المشتبه في تنفيذهما الهجوم استلهما أفكارهما من تنظيم «داعش» الإرهابي. وقُتل أحد المنفذَين واسمه ساجد أكرم (50 عاماً) برصاص الشرطة، في حين اتُّهم ابنه نافيد (24 عاماً) بارتكاب 59 جريمة؛ منها القتل والإرهاب.

لكن جماعات ناشطة نددت بالقانون، وأشارت إلى عزمها الطعن فيه دستورياً. وقالت جماعات «فلسطين أكشن» و«يهود ضد الاحتلال» و«بلاك كوكاس»، إنها ستتقدم بطعن قانوني ضد ما وصفتها بأنها «قوانين قمعية مناهضة للاحتجاج» جرى تمريرها على عجل في برلمان الولاية.

وأضافت في بيان: «من الواضح أن حكومة (الولاية) تستغل هجوم بونداي المروع للدفع بأجندة سياسية تقمع المعارضة السياسية وانتقاد إسرائيل، وتحد من الحريات الديمقراطية».

لقطة من فيديو بصفحة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على «إكس» تُظهره وهو يلتقي بمستشفى في سيدني السوري أحمد الأحمد الذي انتزع سلاح أحد المهاجمَين خلال هجوم شاطئ بونداي (أ.ف.ب)

وتوعد رئيس الوزراء، أنتوني ألبانيزي، بتشديد الإجراءات ضد خطاب الكراهية، إذ تعتزم الحكومة الاتحادية تقديم تشريعات لتسهيل ملاحقة من يروجون للكراهية والعنف، وإلغاء أو رفض منح التأشيرة لأي شخص متورط في خطاب الكراهية.

ورداً على الانتقادات الموجهة للحكومة بأنها لا تبذل جهوداً كافية ‌للحد من معاداة السامية، قال ألبانيزي إنه تحدث إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، الثلاثاء، ودعاه إلى إجراء زيارة رسمية لأستراليا في أقرب وقت ممكن.

اعتقال مؤيد

وفي السياق ذاته، قالت شرطة أستراليا الغربية إن رجلاً اعتقل في بيرث عقب تحقيق في كتابته «تعليقات معادية للسامية على مواقع التواصل الاجتماعي». وبعد ساعات من الهجوم المميت على احتفال يهودي بشاطئ بونداي تردد أن الرجل أبدى دعمه لمطلقَي النار عبر تطبيق «إنستغرام». ونقلت وسائل الإعلام المحلية المنشور الذي يقول: «أدعم مائة في المائة مطلقَي النار في نيو ساوث ويلز. الحق في الدفاع عن النفس ضد اليهود، وكل اليهود المستقبليين». واتُّهم الرجل، الذي يبلغ 39 عاماً، «بارتكاب سلوك يهدف إلى المضايقة العنصرية، وحمل أو حيازة سلاح ممنوع، وتخزين سلاح ناري ومواد ذات صلة في مخزن غير ملائم».

رواد شاطئ بونداي يفرون بعد إطلاق النار (أ.ف.ب)

وصادرت الشرطة كثيراً من الأسلحة المسجلة، وكذلك كمية من الذخيرة عند تنفيذ مذكرة تفتيش بمنزل الرجل، الثلاثاء، في إطار «عملية دالوود» التي أطلقتها شرطة أستراليا الغربية عقب الهجوم الإرهابي بشاطئ بونداي. وقالت نائبة رئيس وزراء أستراليا الغربية، ريتا سافيوتي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، إن الشرطة عثرت «على أسلحة ممنوعة وأعلام على صلة (بميليشيا) حزب الله و(حماس)». وقالت شبكة «إيه بي سي» الأسترالية إن ممثلي الادعاء قالوا، أمام إحدى محاكم بيرث، إن قائمة تسوق لإعداد قنبلة، و6 بنادق مسجلة، ونحو 4 آلاف طلقة، عثر عليها في مقر سكن الرجل».