خطاب عون «شكوى» إلى اللبنانيين

ردود فعل متوقعة على مضامينه حتى من «أهل البيت»

عون موجهاً كلمته إلى اللبنانيين في ذكرى الاستقلال (دالاتي ونهرا)
عون موجهاً كلمته إلى اللبنانيين في ذكرى الاستقلال (دالاتي ونهرا)
TT

خطاب عون «شكوى» إلى اللبنانيين

عون موجهاً كلمته إلى اللبنانيين في ذكرى الاستقلال (دالاتي ونهرا)
عون موجهاً كلمته إلى اللبنانيين في ذكرى الاستقلال (دالاتي ونهرا)

لن تمر المضامين السياسية للرسالة التي أطل بها رئيس الجمهورية ميشال عون، على اللبنانيين، في مناسبة الذكرى السابعة والسبعين لاستقلال لبنان، مرور الكرام، وستلقى - كما تقول مصادر سياسية - ردود فعل تتجاوز القوى المعارضة لـ«العهد القوي» إلى «أهل البيت»، ليس لأنه رمى مسؤولية إخفاقه في تحقيق ما التزم به في خطاب القسم فور انتخابه رئيساً للجمهورية على الآخرين، متبنياً بطريقة غير مباشرة فحوى الرسالة التي وجّهها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل إلى محازبيه في ردّه على العقوبات الأميركية التي استهدفته، وإنما لأنه أعاد المشاورات حول تشكيل الحكومة إلى نقطة الصفر، غامزاً من قناة الرئيس المكلّف تشكيلها سعد الحريري ومتّهماً إياه بالاستقواء والتستّر بالمبادرات الإنقاذية للخروج عن القواعد والمعايير الواحدة التي يجب احترامها وتطبيقها في عملية تأليف الحكومة.
وتلفت المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن عون لم يوفّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في اتهامه للبرلمان بإعاقة إقرار مشاريع القوانين الإصلاحية ومكافحة الفساد وإعادة انتظام المالية العامة، معتبراً أن خشبة الخلاص الوحيدة تكمن في إجراء التحقيق المالي الجنائي. وتقول إنه يعيش في حالة إنكار دائمة ويحاول الهروب إلى الأمام، بدلاً من أن يتواضع ويبادر إلى إجراء مراجعة نقدية مع بدء الثلث الأخير من ولايته الرئاسية.

سياسة المكابرة
تتهم المصادر نفسها عون باتباع سياسة المكابرة، وتقول إن ما تضمّنته رسالته إلى اللبنانيين لا تعكس واقع الحال، ويحاول كعادته أن يغسل يديه من المسؤولية حيال إيصاله البلد إلى حائط مسدود، وتسأل أين مصلحة رئيس الجمهورية في التوجُّه إلى اللبنانيين في خطاب وكأنه يعيش في كوكب آخر؟
كما تسأل لماذا حمّل عون المنظومة السياسية مسؤولية إعاقة إجراء التحقيق الجنائي، طالما أنه يدرك بأن مرد التأخير يعود إلى الخلاف القائم بين أهل بيته، تحديداً بين وزيرة العدل ماري كلود نجوم وبين رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان؟ وهل يُدرك أن الإرباك الذي أسقطت حكومة حسان دياب نفسها فيه وأدى إلى تعثّر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، يعود أيضاً إلى تضارب المواقف بداخل الحكومة قبل أن تتحوّل إلى حكومة مهمتها محصورة بتصريف الأعمال.
وقالت: «كنا نتمنى على عون ألا يتطرّق إلى التعيينات الإدارية التي قامت على المحاصصة بامتياز بعد أن اضطر دياب إلى التراجع عن معارضته لها، وعكست إصرار (التيار الوطني) من خلال رئيس الجمهورية على مصادرة حصة المسيحيين في التعيينات التي أُريد منها إلغاء من يعارضه في الشارع المسيحي». واستغربت حديث عون عن تكبيل القضاء، وهو من جمّد التشكيلات القضائية ورفض التوقيع عليها.
ولاحظت أن الفرق بين خطاب القسم وبين رسالته الاستقلالية يكمن في أن عون التزم بخطابه الأول بإنقاذ البلد، بينما قدّم نفسه في رسالته وكأنه على وشك الخروج من السلطة، بدلاً من أن يتقدّم من اللبنانيين بخطاب جامع يدعو فيه للحوار حول جميع المشكلات العالقة بدلاً من أن يحصره في مواجهة المتغيّرات في المنطقة.

غسل اليدين
وأكدت أن اللبنانيين يشكون مشكلاتهم لرئيس الجمهورية، ويطلبون منه التدخّل لحلها، لكن بدا الأخير في رسالته وكأنه يشكو أمره للبنانيين، ويشن هجومه على المنظومة السياسية، ويدعوها في الوقت نفسه للحوار. وقالت إنه لم يقارب الأزمات كما يجب، وتعامل معها على أنها تقنية وليست سياسية، وبالتالي يغسل يديه من المسؤولية، ويبعد عنه الشبهة مع أنه الشريك الأول في الأزمات التي حلّت بالبلد.
ورأت أن عون لم يكن مضطراً للدفاع بلا حدود عن باسيل، سواء بالنسبة إلى انتقاده لمشاورات التأليف بذريعة أنها لا تستند إلى معايير واحدة، أو في خصوص انتقاده للتدخّلات الخارجية، في إشارة مباشرة إلى فرض عقوبات على وريثه السياسي من قبل واشنطن. وقالت إن مضامين رسالته ما هي إلا ترجمة لسياسات باسيل، بدلاً من أن تختص بالدولة وبرئاسة الجمهورية، مؤكدة أنه تطرّق إلى الأزمات بمعايير حزبية، رغم أن الجهود تُجمع على إعطاء البلد فرصة لحكومة من غير الحزبيين.
واعتبرت هذه المصادر أن عون يمر في حالة إرباك منذ أكثر من سنتين، لأنه يخلط بين كونه يتربّع على سدّة الرئاسة الأولى، وبين تصرّفه كرئيس معارض وصولاً إلى موافقته على تسخير إدارات الدولة لخدمة الطموحات الرئاسية لجبران. وقالت إنه يبرّئ ساحة تياره السياسي من الفساد ويحصر اتهاماته بخصومه مع أنه ليس هناك من ينبري للدفاع عنهم.

موقف «حزب الله»
وتوقفت أمام انضمام «حزب الله» بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، إلى عون وتياره السياسي في مطالبتهما بإجراء التدقيق الجنائي مع أنه كان يتوجس منه. وقالت إن الحزب يدعو إلى تسهيل مهمة ولادة الحكومة، لكنه لم يبادر للضغط على حلفائه لتسريع عملية التأليف.
وكشفت أن «حزب الله» كان يقف إلى جانب تسهيل ولادة الحكومة قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية لتمرير رسالة حسن نيّة للرئيس الحالي دونالد ترمب في حال معاودة انتخابه، لكنه عدل عن موقفه فور انتخاب منافسه جو بايدن رئيساً، ويفضّل حالياً بالتناغم مع طهران ترحيل تأليفها إلى ما بعد تسلمه الرئاسة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.
وقالت هذه المصادر إن عون وباسيل، وبالنيابة عن «حزب الله»، يؤخران ولادة الحكومة إلا في حال استجابة الحريري لشروط باسيل التي يتمسك بها عون بالنيابة عنه، وهذا ما يقاومه الرئيس المكلّف.
لذلك، فإن عون توخّى من رسالته الاستقلالية الالتفاف على المبادرة الفرنسية باتهام الحريري بالاستقواء بها للخروج عن معايير التأليف من جهة وإقحام البلد في اشتباك سياسي يحاول أن ينأى بنفسه عنه، إضافة إلى أنه يستحضر مادة خلافية بدعوته لحوار حول المتغيّرات في المنطقة في ضوء التطبيع الحاصل بين إسرائيل وعدد من الدول العربية فيما لا يزال لبنان في حاجة للدعم العربي لوقف انهياره.
وعليه، يفضّل الحريري التريُّث قبل أن يقرر الخروج عن صمته، وهو يترقّب ما ستؤول إليه الاتصالات التي تجريها باريس على المستويين الدولي والإقليمي في محاولة لإعادة تعويم المبادرة الإنقاذية التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لوقف انهيار لبنان ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه، ويقرر طبيعة الخطوة التي سيتخذها محتفظاً لنفسه بعدم الاعتذار عن تأليف الحكومة.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.