«داعش» يوزع هجماته شرقاً وغرباً في العراق

10 قتلى بهجوم للتنظيم... وأميركا تهدد الفصائل مع بدء الانسحاب

TT

«داعش» يوزع هجماته شرقاً وغرباً في العراق

أعلنت محافظة صلاح الدين (180 كم شمال بغداد) الحداد للمرة الثانية في غضون شهر تقريباً. فقبل شهر قتل واختطف نحو 13 مواطناً من قرية الفرحاتية التابعة لمحافظة صلاح الدين، حيث ما زال القاتل مجهولاً، رغم حفلة بيانات الشجب والاستنكار وتشكيل اللجان الحكومية والبرلمانية، وعم الحزن مجدداً عموم المحافظة أمس بعد مقتل عشرة أشخاص بين مدني وعسكري، من بينهم ضابط شرطة برتبة عقيد هو مدير شرطة ناحية المسحك العقيد إبراهيم معجل إبراهيم في هجوم لتنظيم «داعش».
الهجوم الذي وقع على منطقة المسحك في صلاح الدين هو ثاني أقوى هجوم للتنظيم بعد الهجوم الذي وقع على منطقة الرضوانية التي لا تبعد عن بغداد سوى 10 دقائق، وراح ضحيته 7 عناصر عسكرية ومدنية. وبينما كان ما جرى في الرضوانية هجوماً مسلحاً على نقطة مشتركة للجيش ولقوات الصحوة، فإن هجوم المسحك كان عبارة عن كمين نصبه «داعش»، حيث انفجرت قنبلة على جانب الطريق لدى مرور سيارة كانت تقل مدنيين. وعندما حضر عناصر الشرطة وأفراد من «الحشد الشعبي» لإنقاذهم، تعرضوا لإطلاق نار من قبل عناصر «داعش».
تأتي هذه الهجمات في وقت يدور جدل محتدم حول الوجود الأميركي في العراق بين مؤيد ومعارض، لا سيما بعد إعلان واشنطن سحب نحو 500 جندي من قواتها الموجودة في العراق.
لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حملت قيادات عسكرية في صلاح الدين المسؤولية عن الخرق الأمني الأخير. وقال عضو اللجنة والنائب في البرلمان عن محافظة صلاح الدين جاسم الجبارة، إن «الخروقات الأخيرة في منطقتي المسحك والزوية ضد (الحشد الشعبي) والشرطة الاتحادية كانت بسبب تراخي القيادات الأمنية». وأضاف الجبارة أن «قيادات عسكرية في المحافظة أعلنت قبل عدة أيام عمليات ضد التنظيم الإجرامي في المسحك، واكتفت بإحراق بعض المضافات ومصادرة أسلحة نارية دون اعتقال أي عنصر (داعشي)». وأشار إلى أن «الحكومة مطالبة بخطوات عاجلة وفعالة ومعاقبة القادة العسكريين المتورطين في الإهمال وعدم حماية القوات الماسكة، فضلاً عن اتخاذ خطوات استخبارية لاعتقال وتصفية العناصر الإرهابية».
من جهته، أكد أحمد الجبوري، عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الهجوم الأخير «يستلزم إعادة النظر في خطط مسك الأرض، والملاحقة المستمرة لخلايا التنظيم». وأضاف الجبوري أن «الأمر يتطلب أيضاً متابعة خلايا التنظيم في المناطق التي يوجد فيها مع التركيز على الطائرات المسيرة والكاميرات الحرارية لمراقبة ورصد العدو، فضلاً عن إعادة انتشار القطعات العسكرية من جديد».
من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، أن وجود قوات بلاده في العراق يهدف إلى دعم الحكومة العراقية. وقال بومبيو في مقابلة تلفزيونية حول احتمالية توجيه ضربة إلى إيران، إن «الإدارة الأميركية تواصل جهودها من أجل تحقيق السلام في المنطقة آخذة بنظر الاعتبار الخطر الذي تشكله إيران». وأضاف بومبيو أن «دول المنطقة أدركت الخطر المشترك الذي تشكله إيران». وأوضح أن «العراقيين أظهروا رغبة بعدم التبعية لإيران»، موضحاً أن «وجود القوات الأميركية في العراق يهدف إلى دعم حكومة الكاظمي». وبشأن الإجراءات التي يمكن أن تتخذ في العراق، قال بومبيو إن «الإجراءات ضد الميليشيات الإيرانية ستحدد لاحقاً»، مبيناً أنه تم تشكيل «تحالف تمكن من القضاء على تنظيم (داعش) في العراق وسوريا».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.