تحذير من «مواد كيميائية» ضارة في غرف الجلوس

دراسة أميركية دقت ناقوس الخطر

تحذير من «مواد كيميائية» ضارة في غرف الجلوس
TT

تحذير من «مواد كيميائية» ضارة في غرف الجلوس

تحذير من «مواد كيميائية» ضارة في غرف الجلوس

أظهرت دراسة جديدة في جامعة كاليفورنيا الأميركية، أن «مثبطات اللهب» الموجودة في المنازل يمكن أن تتسبب في الإصابة بـ«lvq» السكري. و«مثبطات اللهب»، التي تعرف باسم «مركبات ثنائي الفينيل متعددة البروم»، هي مواد كيميائية منزلية شائعة تضاف إلى الأثاث والمفروشات والإلكترونيات لمنع الحرائق، وتنطلق في الهواء الذي يتنفسه الناس في المنزل وفي سياراتهم وفي الطائرات، لأن ارتباطها الكيميائي بالأسطح ضعيف.
وخلال دراسة نشرت في العدد الأخير من دورية «ساينتيفيك ريبورتيز»، وأجريت على فئران التجارب بهدف قياس التأثير الصحي لهذه المواد، وجد الفريق البحثي أنها تسبب مرض السكري في الفئران التي تتعرض لها من خلال أمهاتها.
تقول إلينا كوزلوفا، مؤلفة الدراسة الرئيسية وطالبة الدكتوراه في علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة يوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020: «تلقت الفئران تلك المادة من أمهاتها أثناء وجودها في الرحم وكأطفال صغار من خلال حليب الأم، وبشكل ملحوظ، في مرحلة البلوغ، وبعد فترة طويلة من التعرض للمواد الكيميائية، أصيبت ذرية الإناث بمرض السكري». وتحظر بعض البلدان مثل أميركا إنتاج واستيراد تلك المادة، إلا أن إعادة التدوير غير الكافية للمنتجات التي تحتوي عليها استمرت في ترشيح تلك المادة في الماء والتربة والهواء، ونتيجة لذلك، يواصل الباحثون العثور عليها في دم الإنسان، والدهون، وأنسجة الجنين، وكذلك حليب الأم في بلدان العالم.
ونظراً لارتباطها السابق بمرض السكري لدى الرجال والنساء البالغين، وفي النساء الحوامل، أرادت إلينا كوزلوفا وفريقها فهم ما إذا كانت هذه المواد الكيميائية يمكن أن تكون لها آثار ضارة على أطفال الأمهات المعرضات لتلك المادة، لكن مثل هذه التجارب لا يمكن إجراؤها إلا على الفئران.
ويؤدي مرض السكري إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، فبعد تناول وجبة، يطلق البنكرياس الأنسولين، وهو هرمون يساعد الخلايا على استخدام سكر الغلوكوز من الطعام، وعندما تكون الخلايا مقاومة للأنسولين، فإنها لا تعمل على النحو المنشود، وتظل مستويات الغلوكوز مرتفعة في الدم، حتى في حالة عدم تناول الطعام. ويمكن أن تتسبب المستويات المرتفعة من الغلوكوز المزمنة في تلف العين والكلى والقلب والأعصاب، ويمكن أن تؤدي أيضاً إلى ظروف تهدد الحياة.
تقول كوراس كولازو، الباحثة المشاركة: «هذه الدراسة فريدة من نوعها، لأننا اختبرنا كلاً من الأمهات وأبنائها بحثاً عن جميع السمات المميزة لمرض السكري في البشر، ولم يتم إجراء هذا النوع من الاختبارات من قبل، خاصة على ذرية الإناث».
وأعطى الباحثون خلال الدراسة مادة (مركبات ثنائي الفينيل متعددة البروم) لأمهات الفئران بمستويات منخفضة، مقارنة بمتوسط التعرض البيئي البشري أثناء الحمل والرضاعة.
ووجدوا أن جميع مواليد الفئران تعاني من عدم تحمل الغلوكوز، وارتفاع مستويات الجلوكوز أثناء الصيام، وحساسية الأنسولين، وانخفاض مستويات الأنسولين في الدم، وهي كلها علامات مميزة لمرض السكري، بالإضافة إلى ذلك، وجد الباحثون أيضاً أن لديهم مستويات عالية من «الكانابينويد» في الكبد، وهي جزيئات مرتبطة بالشهية، والتمثيل الغذائي، والسمنة.
تقول كولازو: «تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن المواد الكيميائية الموجودة في البيئة، مثل (مركبات ثنائي الفينيل متعددة البروم)، يمكن أن تنتقل من الأم إلى النسل، والتعرض لها خلال فترة النمو المبكرة يضر بالصحة».
ويأمل الفريق البحثي في إجراء دراسات طولية مستقبلية على البشر لتحديد العواقب طويلة المدى للتعرض المبكر لتلك المادة. وتقول كوزلوفا: «نحتاج إلى معرفة ما إذا كان الأطفال الرضع الذين تعرضوا لتلك المادة قبل الولادة وبعدها يتحولون إلى أطفال وبالغين مصابين بالسكري».
من جانبه، ينصح الدكتور خالد حسنين، أستاذ العلوم البيئة بجامعة المنوفية بمصر، باتخاذ خطوات من شأنها الحد من خطورة هذه المواد. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن التقليل من تداعيتها السلبية عن طريق غسل اليدين قبل الأكل، والتنظيف بالمكنسة الكهربائية بشكل متكرر، واتخاذ الحيطة عند شراء الأثاث والمنتجات الأخرى، بتجنب ما يحتوي على تلك المادة بقدر الإمكان».
ويضيف: «يجب أيضاً أن يكون لدى المستهلك بشكل عام، والأمهات بشكل خاص، وعي بالمواد التي يمكن أن تؤثر سلبياً على صحة أطفالهن».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً