حزبان جزائريان يعتبران فرنسا «جزءاً من مشكلات أفريقيا»

TT

حزبان جزائريان يعتبران فرنسا «جزءاً من مشكلات أفريقيا»

خلَّفت تصريحات خص بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجلة سياسية محلية، تناول فيها العلاقات بين تركيا وروسيا مع بلدان أفريقيا والحراك الشعبي بالجزائر، سخط حزبين سياسيين بالجزائر، إذ نددا بـ«تدخل فرنسا في الشؤون الداخلية لمستعمراتها السابقة».
وكتب محسن بلعباس، رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (لائيكي)، بحسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، أمس، أن ماكرون «سمح لنفسه بتوزيع شهادات الشرعية على قادة شعوب أفريقيا التي ننتمي إليها»، في إشارة إلى مقاطع من مقابلة أجرتها مجلة «جان أفريك» (أفريقيا الشابة) مع ماكرون، نشرت أول من أمس، اتهم فيها روسيا وتركيا بـ«اتباع استراتيجية تهدف إلى تأجيج مشاعر معادية لفرنسا في القارة الأفريقية»، وقال إن البلدين «يستغلان نقمة ما بعد حقبة الاستعمار».
وأكد الرئيس الفرنسي أن «هناك استراتيجية يتم اتباعها، ينفذها أحياناً قادة أفارقة؛ لكن بشكل أساسي قوى أجنبية مثل روسيا وتركيا، تلعب على وتر نقمة ما بعد حقبة الاستعمار. يجب ألا نكون سذجاً: عديد من الذين يرفعون أصواتهم ويصورون مقاطع فيديو، والموجودون على وسائل الإعلام الفرنكوفونية، يرتشون من روسيا أو تركيا». في إشارة إلى احتجاجات قامت في بعض بلدان أفريقيا، على أثر تصريحات لماكرون في إطار «مشروع محاربة النزعة الانفصالية للإسلام في فرنسا»، أطلقت بعد حادثة ذبح مدرس فرنسي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وذكر بلعباس مخاطباً ماكرون: «إن التدخلات المتكررة لفرنسا الرسمية في الخيارات السيادية للبلدان الأفريقية، هي تحديداً ما يطرح مشكلة. إن فرنسا ما بعد الاستعمار هي جزء من مشكلتنا، إلى جانب كونها جزءاً من الماضي المؤلم للجزائر وأفريقيا. إن الجزائر وأفريقيا لا يمكنهما البقاء إلى الأبد في وضع التبعية، خدمة للمصالح الاستعمارية الجديدة».
وأضاف: «على القادة الأفارقة، وخصوصاً أولئك المنتخبين من قبل شعوبهم، إلغاء مشاركتهم في قمة فرنسا- أفريقيا التي تم استدعاؤهم إليها بصفتهم وُلاة (حكام تابعون لفرنسا)، لتلقي التوجيهات والأوامر. إن الأفارقة قادرون على صنع المستقبل الذي يتطلعون إليه بأنفسهم».
كما استنكر رئيس «التجمع» الذي يعد من أشد المعارضين للسلطة في الجزائر، تصريحات لماكرون تخص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والحراك الشعبي، فقال: «لدى تطرقه إلى الجزائر (في المقابلة الصحافية) خوَّل لنفسه إصدار شهادة ثقة لرئيس الدولة، إذ يقول إنه مستعد لمساعدته فيما يسميه بالفترة الانتقالية. هذا ليس مجرد تدخل، وإنما دليل على أن فرنسا تدير خريطة طريق لبلدنا».
وذكر ماكرون بخصوص الوضع في الجزائر: «سأفعل ما بوسعي من أجل مساعدة الرئيس تبون، في هذه المرحلة الانتقالية. إنه شجاع». وقال أيضاً: «لا نغير بلداً ومؤسسات وهياكل السلطة في بضعة أشهر». وعن سؤال حول الحراك، قال: «ثمة حراك ثوري لا يزال قائماً، بشكل آخر. ثمة أيضاً رغبة في الاستقرار؛ خصوصاً في أكثر المناطق ذات الطابع الريفي في الجزائر. يجب القيام بكل شيء من أجل إنجاح العملية الانتقالية». وسبق لتبون أن أثنى بشكل لافت على ماكرون و«رغبته في تطوير العلاقات مع الجزائر، بتجاوز الماضي الاستعماري والتوجه نحو بناء مستقبل واعد لبلدينا».
يشار إلى أن تبون يوجد بمصحة بألمانيا، منذ نهاية الشهر الماضي، للعلاج بعد إصابته بفيروس «كورونا».
من جهته، كتب ناصر حمدادوش، قيادي الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، أمس، على حسابه بإحدى شبكات التواصل الاجتماعي: «لا تجد فرنسا إلا العودة إلى حديقتها الخلفية، وهي مستعمراتها القديمة، لممارستها عاداتها القديمة، وهي التدخل في شؤونها الداخلية بعقلية كولونيالية مفضوحة، وكأنها لا تزال لا تعترف باستقلال هذه الدول ولا بسيادتها». وأضاف: «رسائل الود وعبارات الغزل بين الرئيس الجزائري والفرنسي لا تشرفنا، وتبعث على القلق لدينا، وتؤكد استمرارية النفوذ الفرنسي والتدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية». ودعا السلطات الجزائرية إلى «اتخاذ موقف حازم وصريح وقوي ضد هذا التدخل الفرنسي، وعدم السماح بهذا الامتداد الممجوج في خاصرتنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».