زيت جوز الهند... فوائد ونكهة

يناسب لطهي المأكولات وتحضير الحلويات الصحية

زيت جوز الهند... فوائد ونكهة
TT

زيت جوز الهند... فوائد ونكهة

زيت جوز الهند... فوائد ونكهة

زيوت الطهي هي أحد الأعمدة الأساسية للمطبخ، وضمان قيمتها الغذائية يعني تذوق طبق شهي دون مخاوف صحية. ويعد زيت جوز الهند أحد خيارات الدهون الصحية البارزة الآن. صحيح أنه في السابق ارتبط بوصفات الشعر والبشرة، لكنه راهناً رُصد كاتجاه صحي يوازن بين المذاق الطيب والطعام الصحي؛ لذا كان من الطبيعي أن يحتل مكاناً على أرفف متاجر الغذاء جنباً إلى جنب مع زيت الزيتون والكانولا، في المطابخ.
وكما يتضح من الاسم، فإن هذا الزيت الأبيض صاحب القوام القريب من الزبدة يُستخرج من ثمرة جوز الهند، ويحتوي على مزيج من الدهون المشبعة، والأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة، والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة.
وتعدّ اختصاصية التغذية الدكتورة مي ضياء الدين، زيت جوز الهند واحداً من الأطعمة «فائقة القيمة»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «الأحماض الدهنية الموجودة في زيت جوز الهند تعزز قيمته فيما يخص صحة القلب والمخ، وأيضاً خسارة الوزن بسبب دوره في زيادة الشعور بالشبع وتحسين عملية الهضم». وتضيف «يمثل هذا الزيت أهمية خاصة في وجبات كبار السن؛ لأنه يعزز صحة المخ ويقلل فرص الإصابة بألزهايمر».
وعلى رغم القيمة الغذائية التي تؤكد عليها اختصاصية التغذية، فإنها تشير إلى أن المبالغة في تناول الدهون حتى وإن كانت صحية «تزيد الوزن وتجعل صحة القلب على المحك»، وتوضح «لاحظت من خلال عملائي أن كلمة دهون صحية تجعل الشخص لا ينتبه إلى الكمية التي يتناولها، بينما يتصور البعض أن المبالغة في تناول الدهون الصحية، مثل زيت جوز الهند، يعود على الصحة بالنفع، وحقيقة الأمر أن الدهون، أياً كان شكلها أو قيمتها، من الأطعمة التي يجب تناولها بحذر وإلا تحولت كل الفوائد السابق الإشارة لها إلى أضرار قد تنتهي بارتفاع الكوليسترول ومن ثم الضغط على القلب».
ووضعت طبيبة التغذية معايير، قالت إنه تجب مراعاتها عند شراء زيت جوز الهند لضمان قيمته الغذائية، وتقول «يفضل شراء البكر المصفى على البارد، وعلينا التأكد من جودته من خلال قوامه المتماسك في درجة حرارة الغرفة». وتستكمل «يُعرف زيت جوز الهند برائحته المميزة، لكن كلما زادت الرائحة حدة، يشير ذلك إلى رداءة النوع».
واستخدام زيت جوز الهند في الطهي بات مألوفاً بفضل ما يحتويه من دهون مشبعة تجعله أكثر تحملاً لدرجات مرتفعة من الحرارة على عكس زيوت أخرى صحية لكن يوصى بتناولها باردة، مثل أنواع من زيت الزيتون، وتشير خبيرة التغذية إلى أنه «يمكن استبدال الزيوت النباتية الرائجة في الطهي مثل زيت دوار الشمس، بزيت جوز الهند دون الإخلال بالوصفة سواء الحلو أو المالح».
ولأنها واحدة من الشخصيات المؤثرة على «إنستغرام» ويتابعها الآلاف لتعلّم أصول الطهي الصحي، تقدم ضياء الدين وصفات شهية مثل الطهاة المحترفين، لكن بما لا يتعارض مع الصحة؛ ولذلك طلبنا أن تشاركنا وصفة بزيت جوز الهند، واختارت «كوكيز اللوز والفراولة».
ولتجهيز كوكيز اللوز على طريقة اختصاصية التغذية، تحتاج إلى كوبين من دقيق اللوز، وبيضة، ونصف كوب سكر بني خام، وربع كوب دقيق جوز هند، و7 ملي غرام من زيت جوز الهند، وملعقة صغيرة من بيكنج باودر، وملعقة كبيرة من الفانيلا السائلة ومربى الفراولة للتزيين.
تُخلط المكونات الجافة (دقيق اللوز، دقيق جوز الهند، بيكنج باودر)، وفي وعاء آخر تخلط المكونات السائلة (بيضة، فانيلا، زيت جوز الهند) ثم يضاف السكر لإذابته. الآن يُمزج الجميع حتى يتكون عجيناً، يُشكل لكرات متوسطة الحجم، أخيراً تدخل الكوكيز للفرن على حرارة على حرارة 180 لمدة 15 - 20 دقيقة، أما الخطوة الأخيرة فمخصصة للتزيين بمربى الفراولة.
ولا ينتهي الحديث عن زيت جوز الهند إلا بتجربة الطهاة، فهم صنّاع المذاق، وتشاركنا الطاهية البحرينية خولة السيب برأيها عن هذا الاتجاه الصحي، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «أرحب بصرعات الأكل الصحية، ومنها بالطبع استبدال أنواع الدهون التقليدية لأخرى تُعلي أهمية صحة المرء؛ لذلك استخدم زيت جوز الهند في كثير من الوصفات».
وبلمسات طاهية ترى السيب، أن زيت جوز الهند له رائحة ومذاق ربما لا يناسب جميع الوصفات، وتقول «لتعزيز المذاق أفضّل زيت جوز الهند مع الوصفات الهندية والآسيوية أكثر؛ لأنه يخلق مذاقاً متجانساً». وتضيف «لتحقيق أفضل مذاق يفضّل عدم المبالغة في تسخين زيت جوز الهند على درجات حرارة عالية؛ حتى لا يتعرض للاحتراق، من ثم يؤثر على المذاق».
وتشاركنا الشيف خولة السيب بوصفة كاري الروبيان بزيت جوز الهند، ومقاديرها، وهي: كيلوغرام من الروبيان المغسول بماء بارد، وملعقة كبيرة زيت جوز الهند، وكوب بصل، وملعقة كبيرة من معجون الثوم والزنجبيل، 1 - 3 أكواب حليب جوز الهند، ونصف كوب كريمة طهي، ونصف كوب طماطم مقطع مكعبات، ونصف كوب فلفل أخضر شرائح، ونصف علبة من معجون الطماطم.
وتضاف تشكيلة البهار من ملعقة صغيرة فلفل أسود، ليمون أسود، كركم مع الملح حسب المذاق المفضل. وتنصح الشيف البحرينية بإضافة ملعقة كبيرة من مدراس كاري لتعزيز المذاق.
وحول طريقة التحضير تقول السيب، نضع ملعقة كبيرة من زيت جوز الهند مع البصل ومعجون الثوم والزنجبيل في إناء على النار حتى يذبُل. يضاف الربيان مع الفلفل الأخضر ومعجون الطماطم والبهارات حتى تمام الطهي، ثم يُضاف حليب جوز الهند وكريمة الطبخ، ويترك 7 دقائق إضافية.



الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
TT

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)
القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

«الحلو إيه؟» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات متلاحقة، والعقد الماضي كان الأبرز من حيث تغيير البصمة الأصلية لمذاق الحلويات.

وعزا بعض المطلعين على سوق الطعام تغيير ذوق المصريين في «الحلو» إلى «ضيوف» مصر من الجاليات العربية، خاصة السوريين المعروفين بمهارات الطهي، سواء في الحلو أو الحادق، بينما أرجع آخرون الفضل إلى مواقع التواصل التي أشعلت المنافسة وفرضت ثقافة «التريند».

ظلت «التحلية» على الطريقة المصرية تُزينها أصناف محدودة حتى سنوات قريبة، كان الأمر مقتصراً على وصفات يمكن تحضيرها في المنزل، مثل البسبوسة، والكنافة، والجلاش المحشي بالمكسرات، والكيك، وأم علي، حتى الأرز بلبن وسكر، إن خلا المطبخ من مكونات الزبد والدقيق والبيض والسميد.

كشري حلو (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الوصفات عينها كانت متوفرة لدى محال الحلوى الشهيرة التي لا يزورها إلا ميسورو الحال، وكانت تقدم الغربي أولاً، الممثل في قطع الكيك المُزين بالكريم شانتي والفاكهة الطازجة، وربما طبقات الشوكولاتة، ثم تسللت وصفات الحلوى الشرقية، وباتت منافساً يتقاسم السوق.

تبدل الحال الآن، وظهرت أصناف عدة لا يمكن إدراجها وفقاً للتصنيف الكلاسيكي للحلوى بين «الشرقي والغربي»، وحلّت «تريندات الحلو»، التي كان لضيوف مصر من الجاليات العربية عظيم الأثر في صعودها، حتى بات المصري يتطلع بعد الأكل لصحن القشطوطة أو الكاساتا بالبستاشيو، أما إذا كنت من عشاق المغامرات فعليك بصحن السعادة أو ما يطلق عليه تجارياً «طلب السيروتونين»، وهو طبقات من أنواع حلوى عدة، مثل الأرز بلبن مع البسبوسة والأيس كريم.

وعن تطور ذوق المصريين في الحلويات، ترى ريم عمرو، مستشارة تسويق وصاحبة شركة متخصصة في تطوير العلامات التجارية للحلويات، أن ثقافة «التحلية» لدى المصريين باتت أكثر ارتباطاً بالمتعة بعدما تنوعت الاختيارات، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «صناعة الحلوى في مصر تعود لأكثر من قرن من الزمان، وثمة علامات كلاسيكية يتخطى عمرها مائة عام، مثل جروبي، وتسيباس، وسيموندس، جميعها كانت محالاً يمتلكها أجانب، لذلك اعتمدوا في البداية الكيك أو الحلوى الغربية فقط».

وأضافت: «تطور بعد ذلك مفهوم الحلواني، وباتت الحلويات الشرقية مثل البسبوسة والكنافة والبقلاوة تظهر كمنافس بفضل الانفتاح الثقافي، خصوصاً مع ظهور علامات تجارية، مثل (العبد) ذات الأصول المصرية الخالصة، وكذلك (عبد الرحيم قويدر) الذي تمتلكه عائلة مصرية منحدرة من أصول سورية، لينقسم مفهوم التحلية لدى المصريين بين الشرقي والغربي».

وتشير مستشارة التسويق إلى أن «لكل موسم حلوى خاصة به، مثل حلوى (المولد النبوي) وكعك العيد وكيك الكريسماس، كل هذا يعكس العلاقة العاطفية المتأصلة في الثقافة المصرية، التي تربط بين تناول الحلو والشعور بالسعادة».

وتلفت إلى أنه «خلال السنوات العشر الماضية تطور ذوق المصريين وباتت تفضيلاتهم تشمل أصنافاً غير مألوفة، وتصاعد التغيير بالتوازي مع استقبال مصر للأشقاء العرب من سوريا وليبيا والعراق، وأخيراً السودان».

وتنوه إلى أن «الوجود السوري كان حاضراً في سوق الحلويات قبل استقبال مصر للسوريين الفارين من الحرب، وخلال العقد الماضي تأصل هذا الحضور بوصفات الكنافة على الفحم والكنافة بالجبن، بالإضافة إلى البقلاوة التركية التي يبرع الطهاة السوريون في تحضيرها».

وقالت: «الحضور السوري في البداية كان يتماشى مع الأصناف الشرقية المعروفة لدى المصريين، غير أنه مع مزيد من الاندماج ظهرت محال مثل (بلبن) الذي رفع شعار التجديد بأطباق حلوى، مثل الطسطوسة المكونة من طبقات الكيك الغارق في الزبدة مع الكنافة والكريمة والقشدة».

القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

عدّت ريم ما يشهده الذوق المصري في «الحلو» تغييراً ناتجاً عن «الانفتاح الثقافي والاندماج المجتمعي». وقالت: «مع هذا الاتجاه تأصل مفهوم المقهى الذي يقدم حلوى أكثر عصرية، مثل الكاب كيك والوافل والبراونيز والدوناتس والمافن، وارتبطت هذه الثقافة أكثر بجيل الشباب».

ثقافة «التريند»

كما تعزو ريم تنوع مذاقات الحلو لدى المصريين إلى «التريند»، وقالت إن «السوشيال ميديا ساهمت في اشتعال المنافسة بين صنّاع الحلوى، ولم تعد السوق مقتصرة على الأسماء الرنانة، بينما دخل المنافس العربي والهواة، كما اتسعت السوق واحتضنت رغبات الشباب بأفكار غير تقليدية».

وأضافت أن «حالة الزخم هذه لحقت بها أفكار جاذبة، بعضها يعود إلى ثقافة المحافظات المصرية، مثل المدلعة التي تعود أصولها إلى طنطا، ثم ظهرت حلوى المقلوبة والمدلوقة والشرقانة والغرقانة والمكشكشة والمدحرجة والمكسوفة والمكشوفة، وصولاً إلى الهايصة واللايصة».

وترى خبيرة التسويق «أن كل هذه الاتجاهات ما هي إلا طرق لجذب انتباه المستهلك، لأن جميعها تتكون من طبقات الحلوى التقليدية مثل البسبوسة مع طبقات القشدة والكنافة وتوليفات أخرى تأخذ اسماً غير مألوف بهدف الجذب فقط، ولا يمكن تسميتها بصفة التجديد».

وتقول الطاهية المصرية ملك ذكري، مؤسسة علامة «كيكة»، إن الاندماج الثقافي بين المطبخ المصري والعربي أثرى سوق الحلوى، وخلق فرصاً واعدة. وأضافت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن ذوق المصريين بات أكثر تقبلاً للاتجاهات العصرية، كما غدا يتوق للتجارب العصرية والذوبان في مذاقات تنتمي لثقافات مختلفة، غير أن الأصالة والجودة هي معيار جذب المصريين أصحاب المزاج والذوق».

وتضيف ذكري أن تطوير مفهوم التحلية تأثر بمنصات التواصل الاجتماعي، وتقول: «عندما يشاهد المستهلك (تريند) يشعر بالرغبة في التجربة بحثاً عن الشعور بالانتماء للمجموعة، وهو سلوك يعزز الثقة بالنفس، غير أن الإقبال المؤقت لا يعني الاستمرارية، لا أعني بحديثي أن التطور مرفوض ويؤثر على هوية المطبخ المصري، بينما أعني أن ثمة اتجاهات تصعد وتنتشر بوتيرة متسارعة ثم تختفي نهائياً، الرهان هنا هو الجودة وتقديم مذاق مبتكر يبقى في الخيال ويدفع صاحبه لتكرار التجربة».

وتضرب ذكري مثالاً بحلوى «الكروكي»، وهي مزيج من طبقات الكرواسون مع الكوكيز، وتقول: «المزج بين رقائق الكرواسون والقوام الهش المقرمش للكوكيز أضاف تجربة لاقت استحسان المستهلك، لذلك اعتمدها عدد من صناع الحلوى، سواء في المحال الشهيرة أو أصحاب المشروعات الصغيرة».