6.4 مليار جرعة تم شراؤها... هل ستُحرم الدول الفقيرة من لقاح «كورونا»؟

مريض «كوفيد - 19» موصول بأنابيب جهاز تنفس صناعي في مستشفى بلوس أنجليس (أ.ب)
مريض «كوفيد - 19» موصول بأنابيب جهاز تنفس صناعي في مستشفى بلوس أنجليس (أ.ب)
TT

6.4 مليار جرعة تم شراؤها... هل ستُحرم الدول الفقيرة من لقاح «كورونا»؟

مريض «كوفيد - 19» موصول بأنابيب جهاز تنفس صناعي في مستشفى بلوس أنجليس (أ.ب)
مريض «كوفيد - 19» موصول بأنابيب جهاز تنفس صناعي في مستشفى بلوس أنجليس (أ.ب)

مع تأكيد أكثر من 55 مليون حالة إصابة بفيروس «كورونا» حول العالم وأكثر من 1.3 مليون حالة وفاة، تعلق الجميع بالأخبار الإيجابية عن اللقاحات كبارقة أمل، ولكن هناك مخاوف من تخلف الدول الفقيرة عن ركب توزيع اللقاح، وما إذا كانت الجهود المبذولة للتوصل إلى نظام عادل لتوزيعه ستنجح بالفعل.
وتشير النتائج الأولية إلى أن لقاحين على الأقل أثبتا فعالية جيدة ضد «كوفيد - 19»، وأن العديد من اللقاحات الأخرى قد وصلت إلى مراحل متأخرة، وهناك العديد من اللقاحات الأخرى في مرحلة ما من مراحل التطوير.
ورغم أنه لم تتم الموافقة على أي من هذه اللقاحات حتى الآن، لكن هذا لم يمنع البلدان من شراء الجرعات مسبقاً. ويقدر مركز أبحاث «ديوك» في الولايات المتحدة أنه تم بالفعل شراء 6.4 مليار جرعة من اللقاحات المحتملة، وهناك 3.2 مليار جرعة أخرى إما قيد التفاوض أو محجوزة كـ«توسعات اختيارية ضمن الصفقات القائمة»، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وتقول كلير وينهام، الأستاذة المساعدة لسياسة الصحة العالمية في كلية لندن للاقتصاد إن عملية الشراء المسبق راسخة في صناعة المستحضرات الدوائية، حيث يمكن أن تساعد في تمويل التجارب وتحفيز تطوير المنتجات.
لكن هذا يعني أيضاً أن أي شخص يمكنه أن يدفع أكثر في المرحلة الأولى من الإنتاج سيأتي في مقدمة قائمة الانتظار للحصول على اللقاح، كما تقول.
ووجد بحث معهد «ديوك» أن «الغالبية العظمى» من جرعات اللقاح التي تم شراؤها حتى الآن تذهب إلى البلدان ذات الدخل المرتفع. كما تمكنت بعض البلدان ذات الدخل المتوسط التي لديها قدرة تصنيعية من التفاوض بشأن اتفاقيات شراء كبيرة كجزء من صفقات التصنيع. في حين أن البلدان الأخرى التي لديها بنية تحتية لاستضافة التجارب السريرية - مثل البرازيل والمكسيك - تمكنت من استخدام ذلك كوسيلة ضغط في شراء اللقاحات المنتظرة.
وتسيطر الهند والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة على أكبر عدد من الجرعات المنتظرة، وفقاً لأحدث البيانات. وقالت منظمة الصحة العالمية إنه «من المفهوم أن القادة يريدون حماية شعوبهم أولاً - فهم مسؤولون أمام مواطنيهم - لكن الاستجابة لهذا الوباء العالمي يجب أن تكون جماعية».
وتقول أندريا تيلور، التي قادت بحث معهد «ديوك» إن اتفاقيات الشراء المسبق والقيود المفروضة على عدد الجرعات التي يمكن تصنيعها في العامين المقبلين يعني «أننا نتجه إلى سيناريو يكون فيه للدول الغنية لقاحات، ومن غير المرجح أن تحصل البلدان الفقيرة عليها».
ووفقاً لشاندراكانت لاهاريا طبيب الأوبئة الهندي فسوف يعتمد توفر اللقاح في البلدان الفقيرة على عدد اللقاحات التي يتم تطويرها، ومدى سرعة إنتاجها ومكان إنتاجها. ويقول: «هناك لقاحات مطورة في الهند، وبقدرتنا الإنتاجية الكبيرة أتوقع أن ينخفض سعر اللقاح بسرعة وأن يتوفر بذلك في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل».
وقالت راشيل سيلفرمان، محللة السياسات في مركز التنمية العالمية للأبحاث إنه إذا كان هناك العديد من اللقاحات الناجحة، «فسيكون هناك ما يكفي من الإمدادات الإجمالية». لكنها أضافت «هناك احتمال ضئيل للغاية بأن يصل اللقاح إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل قبل حلول نهاية العام المقبل».
وتبرز مسألة «عدم المساواة في قضايا الصحة العالمية» كأمر ليس بالجديد. وتُظهر الأبحاث أنه خلال جائحة «إنفلونزا الخنازير» عام 2009 سيطرت اتفاقيات الشراء المسبق مع الدول الغنية على إمدادات اللقاحات.
وتقول وينهام، الأستاذة المساعدة لسياسة الصحة العالمية في كلية لندن للاقتصاد «نتحدث عن فجوة 90-10 في الصحة العالمية... 90 في المائة من المنتجات الدوائية في العالم تخدم 10 في المائة من سكانه... وهذا جزء من هذه القصة».


مقالات ذات صلة

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».