نهاية خطابات «الإخوان» و«السرورية» وأدواتهم في السعودية

رموزهم غائبون وحراكهم تحطّم... والمملكة تحصّن التعليم بقرارات تاريخية ومناهج جديدة

نهاية خطابات «الإخوان» و«السرورية» وأدواتهم في السعودية
TT

نهاية خطابات «الإخوان» و«السرورية» وأدواتهم في السعودية

نهاية خطابات «الإخوان» و«السرورية» وأدواتهم في السعودية

في الأسبوع الماضي، أصدرت هيئة كبار العلماء السعودية، وهي المؤسسة الدينية الرسمية في المملكة العربية السعودية، بياناً بلغة قوية، حذرت فيه من لبّ الإرهاب الملتصق بالدين الإسلامي، وقالت الهيئة «إن جماعة الإخوان المسلمين إرهابية ولا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين».
وتابعت «منذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مليئاً بالشرور والفتن، ومن رحمها خرجت جماعات إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فساداً مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم». ثم اختتمت «مما تقدم يتضح أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستّر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب، فعلى الجميع الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها».

25 سنة مرّت على أول عملية إرهابية استهدفت المملكة العربية السعودية، حين استهدف 4 إرهابيين موقعاً في حي العليّا بالعاصمة الرياض، يقطنه أجانب من جنسيات عدة، في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1995.
كان ذلك الحدث نقطة تحول كبرى، وكان أيضاً مبحثاً لاستقصاء الأسباب، وإن كانت القوى الأمنية قد أسرعت الخطى في القبض عليهم. ومع العلم أنه كانت ملامح تدل على أن متشرّبي الفكر الإرهابي جاءوا من رحم خطابات متطرفة وتنظيم «القاعدة» الإرهابي. في ذلك الحدث، وبعد 5 أشهر فقط، أمكن القبض على الفاعلين وهم أربعة من الشباب السعودي، تتراوح أعمارهم بين 24 و28 سنة، بُثت اعترافاتهم تلفزيونياً، وقد استقبلها السعوديون بالشعور بالمفاجأة؛ كونهم لم يشهدوا مثل ذلك من قبل، وإن كانت حادثة «جهيمان» في 1979 لا تزال ضمن المَرويات التاريخية التي ظنوا أنها طويت.
بالنسبة للشبان الأربعة، ثبت وفق التحقيقات التي أعلنت أنهم تلقوا تدريباتهم في أفغانستان، وكانت لهم علاقاتهم مع زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وحصلوا على الأسلحة عبر التهريب من اليمن.
الأربعة المغرّر بهم، تلقوا الخطاب السائد في فترة الحرب الأفغانية، وما كان قبله من خطابات مسّت مناهج التعليم، وحين كانت أمواج الخطابات السوداء تحضر عبر مجاميع استغلت المؤسسات الدينية وكذلك التعليمية للحشد والترويج. ومن الخطاب الديني المسيس عبر شخصيات ورموز عدة، بعضهم اعتلى منابر المساجد، استقت عنفها المسلح من كتب تنظيم «الإخوان» وجناح «السرورية» الذي وجد حضوره في السعودية ليكونوا وقود نار، وفي ذلك تفاصيل أُخر.
وتبعت ذلك الحدث الإرهابي الأول، عام 1995، أحداث كان تنظيم «القاعدة» هو المتبني الأول لها، ونفذها أفراد جُنّدوا عن طريق الخطاب المؤدلج، وخاصة في مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول). ومن ثم، شهدت السعودية في فترات متوالية منذ 2003 و2004 أحداثاً إرهابية مدمّرة ذهب ضحيتها عشرات الأفراد من المدنيين، علاوة على عشرات من رجال الأمن.
إلا أن قوات الأمن بدأت كتابة فصول نهاية تنظيم «القاعدة» في السعودية، وأكملت عملية إنهاء وجوده. كذلك كتب القضاء الشرعي سطوراً أخيرة في عام 2016، بعدما أدان في أحكام عدة أصبحت نهائية العشرات منهم، سواءً من عمل في الجانب العسكري، أو الجانب الإعلامي، وأيضاً القلة الذين عملوا على الجانب الشرعي أو التنظيري. وما نتج من تلك الحقبة، أنه يغلب على مختلف التيارات المتطرفة «التراتبية الثلاثية» (العسكري والشرعي والإعلامي) التي غالباً ما يتأقلم بغضها مع بعضها، بل ويشوبها خلافات عدة، ولعل في تفصيل هذه القصص والسرد. لكن الخطاب المؤدلج ظل حيّز التحولات لكل أفراد التنظيمات، رغم التساؤل: هل يوجد منبع بالإمكان تجفيفه وردمه لوقف خطابات تحاول النيل من الجسد السياسي للدولة، أو تحاول غربلة المجتمعات بأفكار مسمومة؟

تحطيم مشروع 40 سنة
في الواقع، لم تأتِ عملية حي العليّا في الرياض، عام 1995، بمحض الصدفة، بل الأكيد أنها كانت نتاج مشروع آيديولوجي، وما سبقه من أحداث وصعود رجال دين حركيين في خطابات ما سُمّي بـ«الصحوة». وهذا ما يؤكده الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي؛ إذ قال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية الأسبوع الماضي «خلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع آيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة. اليوم لم يعد التطرّف مقبولاً في المملكة، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً. ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة. فقد أثبت السعوديون سماحتهم الحقيقية ونبذهم لهذه الأفكار التي كانت دخيلة عليهم من جهات خارجية تسترت بعباءة الدين، ولن يسمحوا أبداً بوجوده بينهم مرة أخرى».
وأوضح الأمير محمد، أن «ظاهرة التطرف كانت منتشرة بيننا. كنا وصلنا إلى مرحلة نهدف فيها، في أفضل الأحوال، إلى التعايش مع هذه الآفة؛ إذ لم يكن القضاء عليها خياراً مطروحاً من الأساس. ولا السيطرة عليها أمر وارد»، وأضاف «قدمت وعوداً في عام 2017 بالقضاء على التطرف فوراً، وبدأنا فعلياً حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر». ثم أكد الأمير محمد بن سلمان، أن «خطاب الكراهية هو الدافع الرئيسي لتجنيد المتطرفين، بما يشمل خطاب الكراهية الذي يستخدم حرية التعبير وحقوق الإنسان كمبرر»، مشيراً إلى أن «هذا الخطاب يستقطب خطاب كراهية مضاداً من المتطرفين، وهو مرفوض بطبيعة الحال».
هذا التصريح هو الأكبر لمسؤول سعودي، أضاء على النقاط الأساسية في مواجهة خطاب مؤدلج، صعّد «نجوم شباك» دينيين كانوا ذوي توجهات تضاد العلاقة التكاملية بين الدين والدولة السعودية المعروفة من تأسيسها، فبات لها اتجاه له مؤيدون تشرّبوا الفكر المضاد لوضع تيار تسرّب من خلاله أفراد وتشكلت تنظيمات.

جماعات إرهابية
في عام 2014، صنّفت السعودية في كيانها السياسي «الإخوان» جماعة إرهابية، وهي الجماعة التي حاولت إحداث تغيير اجتماعي بغية التأثير السياسي، لكن كل المنتجات كانت مليئة بالآلام من رجال دين اتبعوا حراكهم، أو من أخذ موجة أخرى تنبع من الآيديولوجيا الإخوانية ذاتها. والحقيقة، أن السعودية كانت بعيدة عن كل محاولات دينية مسيّسة. بل وواجهت الدولة بكيانها السياسي تلك العتبات، وحققت نجاحها، واستمر ذلك الكيان قوياً. ولعل موقف محاولات الاستقطاب الأشهر حين تصدّى الملك عبد العزيز (الملك المؤسس للكيان السعودي) في لقاء مع حسن البنا (مؤسس «الإخوان») حين طلب منه البنا فتح فرع لـ«الإخوان» في المملكة، وحينها رد الملك «كلنا إخوان ومسلمون». ومن بعدها لم تتوقف محاولات «الإخوان» تأسيس كيان لهم، لكنهم لم يجدوا موطئاً مؤسسياً، بل شكّلوا رموزاً لغايات التجنيد وفق دستورهم، وكتبهم تثبت ذلك، ومعها دلائل التاريخ.
لقد تسلل عدد من أتباع رموز من «الإخوان» إلى دول الخليج والسعودية في أواخر الخمسينات وخلال الستينات من القرن الماضي بعد مواجهة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، ومحاولتهم اغتياله في «حادثة المنشية» (1954). وفي تلك الفترة، حاولوا إظهار ولاء مزيف، وكان حقل التعليم لهم مكان الولوج، وحقاً تمكّن كثيرون منهم من إبراز حضورهم أمام نهج وسطي سارت عليه السعودية، ثم زاد من حضورهم تسللهم إلى السعودية أيضاً مع بدء «حرب الخليج الثانية» وغزو نظام صدام حسين للكويت، وفي حينه أخذوا منهجاً تبشيرياً قائماً على نهج الحاكمية والتكفير والكراهية، قبل رحلة التحطيم لحضورهم وأدواتهم التي أحدثتها القيادة السياسية في المملكة أخيراً.
هذا، وكان مؤسس تنظيم «الإخوان» حسن البنا، قد صنّف المسلمين بناءً على موقفهم من «الإخوان»، وذكر ذلك تفصيلاً عن هذه الحركة في كتاب جيمس هيوارث دن (المخابراتي البريطاني) في كتابه «الاتجاهات الدينية والسياسية في مصر الحديثة»، الذي أصدرته دار «جداول». إذ ذكر الكتاب، أن البنا يرى، أن «الإخوان هم الأمة الإسلامية». و«المؤمن هو عضو في الإخوان، والذي يتردد في قبول مبادئ الإخوان ينصح بمراقبة تقدم الحركة ودراسة كتاباتها وينعت بالمتردد». ولم يكن لدى البنا أن يقدم للنفعيين سوى العمل الجاد والتضحية، بينما العدو المتحامل على «الإخوان» فيُرجع أمره إلى رحمة الله وهدايته!
كتاب هيوارث دن (المؤلف قبل 70 سنة) من الكتب التي ينفيها «الإخوان» بعد كشفها كثيراً من اتجاهاتهم. ولقد عرّج الكاتب - الذي عايش حسن البنا - على مبادئه السياسية، التي منها تسميته «المرشد العام»، وكذلك على «وجوب تنظيم دروس محاضرات عن الإسلام لتعزيز قضية الإخوان». كما أشار إلى «واجب على كل فرع أن يكون له مكاتب تمثل القضية وحيث يمكن لكل الأعضاء أن يلتقوا»، كما تطرّق إلى تعريف «الإخوان المسلمين» من قبل حسن البنا ليبيّن إلى أي مدى كان يدعو إلى إعادة تجارب النبوة، فاستخدام كلمة «أمة» هو الأهم، لا «الدولة»؟

لم يعد هناك صمت على «السرورية»
من ناحية ثانية، تحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إبان زيارته للولايات المتحدة في مارس (آذار) من 2018 مع مجلة «تايم» الأميركية المرموقة، فوصف أتباع «السرورية» بأنهم «الأكثر تطرفاً في الشرق الأوسط... وهم أعلى درجة من جماعة الإخوان المسلمين»، وأردف أن «السروريين مجرمون بموجب قوانيننا، وستجري محاكمتهم متى توافرت الأدلة الكافية ضدهم».
هذه مواجهة سعودية هي ذاتها التي كانت مع رموز «الإخوان»، لكن بطريقة أقوى.
وجدت «الحركة السرورية» استقطاباً في المجتمع السعودي سابقاً، بعدما جاء بها إلى السعودية، رجل الدين السوري محمد سرور بن نايف زين العابدين، ومزجت بين السلفية - لإرضاء التوجه الرسمي للدولة في السعودية - وبين فكر «الإخوان» القائم على تسييس الدين. وللعلم، فإن رجال «الصحوة» في معظمهم داخل المملكة ينتمون إلى هذه الحركة. وعلى الأثر، مع نشوء تيار «الصحوة» المستغلّ موجة «السرورية»، وجد «الإخوان» فرصتهم الذهبية. وبالفعل، جعلوا «السرورية» بمثابة «حصان طروادة» لهم؛ بهدف إبعاد الأعين عن نشاطاتهم واستغلال السلفية مظهراً وعباءة؛ تمهيداً للتمكن من المؤسسات الرسمية، مع الإشارة إلى أن ذلك تزامن مع صعود الثورة الإسلامية (الخمينية) الإيرانية.
ولاحقاً، وجدت دول ترعى «الإخوان» في السرورية منجم ذهب، فاستمالتهم وعززت «نجوميتهم» مبرزة إياهم في منابر إعلامية، أطلوا منها يقدمون الفتاوى وهم خارج المؤسسة الدينية الرسمية، ويأخذون في تقديم خطاب يدخل نسيج المجتمع. وبعد الانتفاضات العربية، اتجه معظم الرموز إلى تركيا، وكانت أساليب تجييشهم مولّد انجذاب إلى بلاد الثورات.
السعودية، من جهتها، أنهت «السرورية»، وهناك من عاد منهم وظهر تلفزيونياً ليتبرأ. في حين قال الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي «الإخوان اللامسلمون يمارسون الإرهاب المروّع ضد كل من يحذر من خطرهم أو يكشف منهجهم ويعريه». وأضاف «أخطر وأشر فصائلهم السرورية، وهم يشكلون حكومة عميقة في البلاد التي تبتلى بهم، وينتشرون في مفاصل الدول ويقمعون، بل يدمرون كل من يفضحهم أو يتعرض لهم، سلاحهم الكذب والتزوير والغدر والتخفي وعدم مخافة الله».

تحصين التعليم السعودي
لقد حرص «الإخوان» - ومعهم «السرورية» - على اختراق السعودية. بيد أن جهدهم تحطم، وانكشفت التوجهات التي حاولوا ممارستها، ومعها كل خططهم. ومع سقوط حكمهم في مصر، أصبحت الأرضية التي حاولوا البناء عليها من خلال التعليم، وتحويلها من المعرفية إلى الحركية في السعودية سراباً، بفعل قرارات وإصلاح في المنظومة التعليمية. وخلال العامين الماضيين، أعلنت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض أنها لن تجدد لبعض المتعاقدين السعوديين وغير السعوديين ممن هم متأثرون بالأفكار الإخوانية والداعشية وغيرها. كذلك، صدر قرار من وزير التعليم عام 2016، بسحب نحو 80 كتاباً من مكتبات ومراكز مصادر التعلم في المدارس، من بينها كتاب «الوصايا العشر» لحسن البنا، وكتاب «شبهات حول الإسلام» و«في ظلال القرآن» لسيد قطب.
وأيضاً، كانت من القرارات، قرار وزير التعليم الحالي حمد آل الشيخ، إبعاد المعلمين الذين انتهجوا مخالفات فكرية، وجاء القرار على لسان وزير التعليم نفسه الذي منح مديري التعليم حق «الإبعاد الفوري للعاملين في المدارس ممن لديهم مخالفات فكرية وتكليفهم بأعمال إدارية خارج المدارس بصفة مؤقتة لحين البت في القضية».


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
TT

الإعتبارات العسكرية والأمنية تتصدر المشهد في تونس

الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيّد (رويترز)

ضاعف الرئيس التونسي قيس سعيّد فور أداء اليمين بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية، الاهتمام بالملفات الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية والتحذير من «المخاطر والمؤامرات» و«المتآمرين» على أمن الدولة. كما كثف سعيّد لقاءاته بمسؤولي وزارتي الدفاع والداخلية وأعضاء مجلس الأمن القومي الذي يضم كذلك أكبر قيادات القوات المسلحة العسكرية والمدنية إلى جانب رئيسَي الحكومة والبرلمان ووزراء السيادة وكبار مستشاري القصر الرئاسي. وزاد الاهتمام بزيادة تفعيل دور القوات المسلحة و«تصدرها المشهد السياسي» بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام الجديد أمام البرلمان بعد تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع الوطني السفير السابق خالد السهيلي عن «مخاطر» تهدد أمن البلاد الداخلي والخارجي.

تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي تزامنت مع تصريحات أخرى صدرت عن وزير الداخلية خالد النوري وعن وزير الدولة للأمن القاضي سفيان بالصادق وعن الرئيس قيس سعيّد شخصياً. وهي كلها حذّرت من مخاطر الإرهاب والتهريب والمتفجرات والهجرة غير النظامية، ونبّهت إلى وجود «محاولات للنيل من سيادة تونس على كامل ترابها الوطني ومياهها الإقليمية» وعن «خلافات» لم تُحسم بعد و«غموض» نسبي في العلاقات مع بعض دول المنطقة.

وهنا نشير إلى أن اللافت في هذه التصريحات والمواقف كونها تأتي مع بدء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس قيس سعيّد، ومع مصادقة البرلمان على مشروع الحكومة لموازنة عام 2025... وسط تحذيرات من خطر أن تشهد تونس خلال العام أزمات أمنية وسياسية واقتصادية اجتماعية خطيرة.

أكثر من هذا، يتساءل البعض عن مبرّر إثارة القضايا الخلافية مع ليبيا، والمخاطر الأمنية من قِبل كبار المسؤولين عن القوات المسلحة، في مرحلة تعذّر فيها مجدداً عقد «القمة المغاربية المصغرة التونسية - الليبية - الجزائرية»... التي سبق أن تأجلت مرات عدة منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.

كلام السهيلي... وزيارة سعيّد للجزائركلام السهيلي، وزير الدفاع، جاء أمام البرلمان بعد نحو أسبوع من زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى الجزائر، وحضوره هناك الاستعراض العسكري الضخم الذي نُظّم بمناسبة الذكرى السبعين لانفجار الثورة الجزائرية المسلحة. وما قاله الوزير التونسي أن «الوضع الأمني في البلاد يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر»، وقوله أيضاً إن «المجهودات العسكرية الأمنية متضافرة للتصدّي للتهديدات الإرهابية وتعقّب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة». إلى جانب إشارته إلى أن تونس «لن تتنازل عن أي شبر من أرضها» مذكراً - في هذا الإطار - بملف الخلافات الحدودية مع ليبيا.

من جهة ثانية، مع أن الوزير السهيلي ذكر أن الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام يتسم بـ«الهدوء الحذر»، فإنه أفاد في المقابل بأنه جرى تنفيذ 990 عملية في «المناطق المشبوهة» - على حد تعبيره - شارك فيها أكثر من 19 ألفاً و500 عسكري. وأنجز هؤلاء خلال العمليات تفكيك 62 لغماً يدوي الصنع، وأوقفوا آلاف المهرّبين والمهاجرين غير النظاميين قرب الحدود مع ليبيا والجزائر، وحجزوا أكبر من 365 ألف قرص من المخدرات.

بالتوازي، كشف وزير الدفاع لأول مرة عن تسخير الدولة ألفي عسكري لتأمين مواقع إنتاج المحروقات بعد سنوات من الاضطرابات وتعطيل الإنتاج والتصدير في المحافظات الصحراوية المتاخمة لليبيا والجزائر.

مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه اوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

تفعيل دور «القوات المسلحة»

تصريحات الوزير السهيلي لقيت أصداء كبيرة، محلياً وخارجياً، في حين اعترض على جانب منها سياسيون وإعلاميون ليبيون بارزون.

بيد أن الأمر الأهم، وفق البشير الجويني، الخبير التونسي في العلاقات بين الدول المغاربية والدبلوماسي السابق لدى ليبيا، أنها تزامنت مع «تأجيل» انعقاد القمة المغاربية التونسية - الليبية - الجزائرية التي سبق الإعلان أنه تقرر تنظيمها في النصف الأول من الشهر الأول في ليبيا، وذلك في أعقاب تأخير موعدها غير مرة بسبب انشغال كل من الجزائر وتونس بالانتخابات الرئاسية، واستفحال الأزمات السياسية الأمنية والاقتصادية البنكية في ليبيا من جديد.

والحال، أن الجويني يربط بين هذه العوامل والخطوات الجديدة التي قام بها الرئيس سعيّد وفريقه في اتجاه «مزيد من تفعيل دور القوات المسلحة العسكرية والمدنية» وسلسلة اجتماعاته مع وزيري الداخلية والدفاع ومع وزير الدولة للأمن الوطني، فضلاً عن زياراته المتعاقبة لمقر وزارة الداخلية والإشراف على جلسات عمل مع كبار كوادرها ومع أعضاء «مجلس الأمن القومي» في قصر الرئاسة بقرطاج. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذ يسند الدستور إلى رئيس الدولة صفة «القائد العام للقوات المسلحة»، فإن الرئيس سعيّد حمّل مراراً المؤسستين العسكرية والأمنية مسؤولية «التصدي للخطر الداهم» ولمحاولات «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

واعتبر سعيّد خلال زيارات عمل قام بها إلى مؤسسات عمومية موسومة بأنه «انتشر فيها الفساد» - بينها مؤسسات زراعية وخدماتية عملاقة - أن البلاد تواجه «متآمرين من الداخل والخارج» وأنها في مرحلة «كفاح جديد من أجل التحرر الوطني»، ومن ثم، أعلن إسناده إلى القوات المسلّحة مسؤولية تتبع المشتبه فيهم في قضايا «التآمر والفساد» والتحقيق معهم وإحالتهم على القضاء.

المسار نفسه اعتمده، في الواقع، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين التونسيين بينهم وزير الصحة والوزير المستشار السابق في قصر قرطاج الجنرال مصطفى الفرجاني، الذي أعلن بدوره عن إحالة مسؤولين متهمين بـ«شبهة الفساد» في قطاع الصحة على النيابة العمومية والوحدات الأمنية المركزية المكلّفة «الملفات السياسية والاقتصادية الخطيرة»، وبين هذه الملفات الإرهاب وسوء التصرّف المالي والإداري في أموال الدولة ومؤسساتها.

متغيرات في العلاقات مع ليبيا والجزائر وملفَي الإرهاب والهجرة

القمة المغاربية الأخيرة التي استضافتها الجزائر (لانا)

حملات غير مسبوقة

وفعلاً، كانت من أبرز نتائج «التفعيل الجديد» للدور الوطني للمؤسستين العسكرية والأمنية، وتصدّرهما المشهد السياسي الوطني التونسي، أن نظّمت النيابة العمومية وقوات الأمن والجيش حملات غير مسبوقة شملت «كبار الحيتان» في مجالات تهريب المخدرات والممنوعات، وتهريب عشرات آلاف المهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء سنوياً نحو تونس، عبر الحدود الليبية والجزائرية تمهيداً لترحيلهم بحراً نحو أوروبا عبر إيطاليا.

وحسب المعلومات التي ساقها كل من وزيري الدفاع والداخلية، وأيضاً رئاسة الحرس الوطني، تمكنت القوات العسكرية والأمنية لأول مرة من أن تحجز مئات الكيلوغرامات من الكوكايين إلى جانب «كميات هائلة من الحشيش» والأقراص المخدرة.

وفي الحصيلة، أدّت تلك العمليات إلى إيقاف عدد من كبار المهرّبين ومن رؤوس تجار المخدرات «بقرار رئاسي»، بعدما أثبتت دراسات وتقارير عدة أن مئات الآلاف من أطفال المدارس، وشباب الجامعات، وأبناء الأحياء الشعبية، تورّطوا في «الإدمان» والجريمة المنظمة. وجاء هذا الإنجاز بعد عقود من «تتبّع صغار المهرّبين والمستهلكين للمخدرات وغضّ الطرف عن كبار المافيات»، على حد تعبير الخبير الأمني والإعلامي علي الزرمديني في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

تحرّكات أمنية عسكرية دوليةعلى صعيد آخر، جاء تصدّر القوات المسلحة العسكرية والأمنية التونسية المشهدين السياسي متلازماً زمنياً مع ترفيع التنسيقين الأمني والعسكري مع عواصم وتكتلات عسكرية دولية، بينها حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم). وما يُذكر هنا أنه في ظل عودة التوترات السياسية في ليبيا، وتفاقم الخلافات داخلها بين حلفاء روسيا وتركيا والعواصم الغربية، تزايدت الاهتمامات الأميركية والأوروبية والأطلسية بـ«ترفيع الشراكة الأمنية والعسكرية مع تونس».

أيضاً، ورغم الحملات الإعلامية الواسعة في تونس ضد الإدارة الأميركية وحلفائها منذ عملية «طوفان الأقصى»؛ بسبب انحيازها لإسرائيل ودعمها حكومة بنيامين نتنياهو، كثّفت واشنطن - عبر بعثاتها في المنطقة - دعمها التدريبات العسكرية والأمنية المشتركة مع قوات الجيش والأمن التونسية.

بل، لقد أعلن جوي هود، السفير الأميركي لدى تونس، عن برامج واسعة لترفيع دور «الشراكة» العسكرية والأمنية الأميركية - التونسية، وبخاصة في المحافظات التونسية الحدودية مع كل من ليبيا والجزائر، وأيضاً في ميناء بنزرت العسكري (شمال تونس) ومنطقة النفيضة (100 كلم جنوب شرقي العاصمة تونس).

وإضافة إلى ما سبق، أعلنت مصادر رسمية تونسية وأميركية عن مشاركة قوات تونسية ومغاربية أخيراً في مناورات عسكرية بحرية أميركية دولية نُظمت في سواحل تونس. وجاءت هذه المناورات بعد مشاركة الجيش التونسي، للعام الثالث على التوالي، في مناورات «الأسد الأفريقي» الدولية المتعددة الأطراف... التي نُظم جانب منها في تونس برعاية القوات الأميركية.

وحول هذا الأمر، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري، قبل أيام في البرلمان، أن من بين أولويات وزارته عام 2025 «بناء أكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية» في منطقة النفيضة من محافظة سوسة، وأخرى لحرس السواحل، وهذا فضلاً عن توسيع الكثير من الثكنات ومراكز الأمن والحرس الوطنيين وتهيئة مقر المدرسة الوطنية للحماية المدنية.

أبعاد التنسيقين الأمني والعسكري مع واشنطنوحقاً، أكد تصريح الوزير النوري ما سبق أن أعلن عنه السفير الأميركي هود عن «وجود فرصة لتصبح تونس ومؤسّساتها الأمنية والعسكرية نقطة تصدير للأمن وللتجارب الأمنية في أفريقيا وفي كامل المنطقة».

وفي هذا الكلام إشارة واضحة إلى أن بعض مؤسسات التدريب التي يدعمها «البنتاغون» (وزارة الدفاع الأميركية)، وحلفاء واشنطن في «ناتو»، معنية في وقت واحد بأن تكون تونس طرفاً في «شراكة أمنية عسكرية أكثر تطوراً» مع ليبيا وبلدان الساحل والصحراء الأفريقية والبلدان العربية.

وزير الداخلية خالد النوري نوّه أيضاً بكون جهود تطوير القدرات الأمنية لتونس «تتزامن مع بدء العهدتين الثانيتين للرئيس قيس سعيّد وأخيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون».

وفي السياق ذاته، نوّه عزوز باعلال، سفير الجزائر لدى تونس، بالشراكة الاقتصادية والأمنية والسياسية بين تونس والجزائر، وبنتائج زيارة الرئيس سعيّد الأخيرة للجزائر، وكذلك بجلسات العمل واللقاءات السبعة التي عقدها وزيرا خارجيتي البلدين محمد علي النفطي وأحمد عطّاف خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر وفي عواصم أخرى عدة.

حقائق

قضايا الحدود التونسية... شرقاً وغرباً

اقترن بدء الولاية الرئاسية الثانية التونسي للرئيس قيس سعيّد بتحرّكات قام بها مسؤولون كبار في الدولة إلى مؤسسات الأمن والجيش في المحافظات الحدودية، وبالأخص من جهة ليبيا، ضمن جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والمخدرات.ومعلوم أنه زاد الاهتمام بالأبعاد الأمنية في علاقات تونس بجارتيها ليبيا والجزائر بعد إثارة وزير الدفاع خالد السهيلي أمام البرلمان ملف «رسم الحدود» الشرقية لتونس من قِبل «لجنة مشتركة» تونسية - ليبية. وكما سبق، كان الوزير السهيلي قد تطرّق إلى استغلال الأراضي الواقعة بين الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلاً إن «تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن». وفي حين رحّبت أطراف ليبية ومغاربية بهذا الإعلان، انتقده عدد من المسؤولين والخبراء الليبيين بقوة واعتبروا أن «ملف الخلافات الحدودية أغلق منذ مدة طويلة».ولكن، حسب تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن السلطات الليبية أعلنت عن تغيير موقع العلامة الحدودية الفاصلة بين ليبيا وتونس «جزئياً» في منطقة سانية الأحيمر، التي تتبع ليبيا. إذ أورد بيان مديرية أمن السهل الغربي في يوليو (تموز) 2022، أنها رصدت ضم سانية الأحيمر إلى الأراضي التونسية، من خلال وضع العلامة الدالة على الحدود بذلك المكان (شرق السانية) بمسافة تقدر بنحو 150 متراً شرقاً ونحو 6 كيلو جنوباً.‏ما يستحق الإشارة هنا أن اللجنة الخاصة بترسيم الحدود الليبية مع تونس، والمكلفة من قِبل وزارة الدفاع في حكومة طرابلس، كشفت عن وجود عملية «تحوير» للعلامة. لكن مصادر دبلوماسية من الجانبين أكدت أن هذه القضية، وغيرها من «الخلافات والمستجدات»، جارٍ بحثها على مستوى اللجنة المشتركة ومن قِبل المسؤولين السياسيين والديبلوماسيين «بهدوء».في أي حال، أعادت إثارة هذه القضية إلى الواجهة تصريحاً سابقاً قال فيه الرئيس سعيّد بشأن الحدود مع ليبيا: «إن تونس لم تحصل إلا على الفتات» بعد خلافها الحدودي البحري مع ليبيا في فترة سبعينات القرن الماضي.والحقيقة، أنه سبق أن شهدت علاقات تونس وليبيا في أوقات سابقة توترات محورها الحدود والمناطق الترابية المشتركة بينهما؛ وذلك بسبب خلافات حدودية برّية وبحرية تعود إلى مرحلة الاحتلالين الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، ثم إلى «التغييرات» التي أدخلتها السلطات الفرنسية على حدود مستعمراتها في شمال أفريقيا خلال خمسينات القرن الماضي عشية توقيع اتفاقيات الاستقلال. وهكذا، بقيت بعض المناطق الصحراوية الحدودية بين تونس وكل من ليبيا والجزائر «مثار جدل» بسبب قلة وضوح الترسيم وتزايد الأهمية الاستراتيجية للمناطق الحدودية بعد اكتشاف حقول النفط والغاز.وعلى الرغم من توقيع سلطات تونس وليبيا والجزائر اتفاقيات عدة لضبط الحدود والتعاون الأمني، تضاعف الاضطرابات الأمنية والسياسية في المنطقة منذ عام 2011 بسبب اندلاع حروب جديدة «بالوكالة» داخل ليبيا ودول الساحل والصحراء، بعضها بين جيوش و«ميليشيات» تابعة لواشنطن وموسكو وباريس وأنقرة على مواقع جيو - استراتيجية شرقاً غرباً.مع هذا، وفي كل الأحوال، تشهد علاقات تونس وكل من ليبيا والجزائر مستجدات سريعة على المجالين الأمني والعسكري. وربما تتعقد الأوضاع أكثر في المناطق الحدودية بعدما أصبحت التوترات والخلافات تشمل ملفات أمنية دولية تتداخل فيها مصالح أطراف محلية وعالمية ذات «أجندات» مختلفة وحساباتها للسنوات الخمس المقبلة من الولاية الثانية للرئيسين سعيّد وعبد المجيد تبّون.