إحياء الذكرى الـ75 لمحاكمات نورمبيرغ

يوم 20 نوفمبر عام 1945 انطلقت محاكمات نورمبيرغ التي شهدت مثول قادة من النازيين أمام المحكمة ليواجهوا تهماً باقتراف جرائم ضد الإنسانية (أ.ب)
يوم 20 نوفمبر عام 1945 انطلقت محاكمات نورمبيرغ التي شهدت مثول قادة من النازيين أمام المحكمة ليواجهوا تهماً باقتراف جرائم ضد الإنسانية (أ.ب)
TT

إحياء الذكرى الـ75 لمحاكمات نورمبيرغ

يوم 20 نوفمبر عام 1945 انطلقت محاكمات نورمبيرغ التي شهدت مثول قادة من النازيين أمام المحكمة ليواجهوا تهماً باقتراف جرائم ضد الإنسانية (أ.ب)
يوم 20 نوفمبر عام 1945 انطلقت محاكمات نورمبيرغ التي شهدت مثول قادة من النازيين أمام المحكمة ليواجهوا تهماً باقتراف جرائم ضد الإنسانية (أ.ب)

كان يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1945 يوماً تاريخياً للبشرية، حينما انطلقت محاكمات نورمبيرغ التي شهدت مثول قادة من النازيين أمام المحكمة، ليواجهوا تهماً عن جرائم ضد الإنسانية ارتكبوها في الحرب العالمية الثانية.
«كانت لحظة انتصار للحضارة على غياب الإنسانية».. كتب هايكو ماس، وزير الخارجية الألماني، على «تويتر»، وتابع: «قبل 75 عاماً تحديداً، انطلقت محاكمات نورمبيرغ. حينها، مثل الرجال أمام المحكمة لمقاضاتهم على أبشع جرائم شهدها التاريخ. ومع ذلك، فإن القضاة منحوهم محاكمة عادلة».
تلك المحاكمات هي التي مهدت الطريق أمام عدالة دولية، وتأسيس المحكمة الجنائية الدولية التي حاكمت منذ عام 2002 مسؤولين عن جرائم ضد الإنسانية، ومجازر ارتكبت في رواندا ويوغوسلافيا السابقة. واختيرت حينها مدينة نورمبيرغ، ثاني أكبر مدينة في بافاريا، لاستضافة المحاكمات، لما كانت تحمل من رمزية في ذلك الوقت. ففيها، نظم هتلر مظاهرات ضخمة قبل الحرب جيّش فيها الرأي العام. ومنها، صدرت أول القوانين التي تجرم الديانة اليهودية عام 1935. وعندما بدأت المحاكمات، كانت نورمبيرغ قد تحولت لمدينة ركام مدمرة بشكل شبه كامل. وفي ختام تلك المحاكمات التي استمرت قرابة العام، صدر 12 حكماً بالإعدام على مسؤولين نازيين كبار، و3 أحكام بالسجن المؤبد، و4 أحكام بفترات سجن طويل، فيما برأت المحكمة حينها 3 أشخاص. واستثني من المحاكمات بالطبع القادة النازيين الذين انتحروا قبل أن يلقي الحلفاء القبض عليه، ومنهم زعيم الحزب النازي أدولف هتلر، وقياديين بارزين مثل جوزيف غوبلز مسؤول الدعاية في الحزب، وهاينرخ هيملر «مهندس المحرقة». وإذا كان ميراث هذه المحاكمات دولياً تأسيس الجنائية الدولية في لاهاي، وإطلاق مفهوم الدولية، فإنها في ألمانيا ساعدت الألمان على التعايش مع «عقدة الذنب والشعور بالعار» الذي يرافقهم، وما زالوا يعلمونه اليوم لأبنائهم، خوفاً من تكرار ما حدث.
ولكن مع ذلك، وفيما تحيي ألمانيا هذه الذكرى بضجة أقل مما كانت تأمل بسبب وباء كورونا، فإن إشارات كثيرة مقلقة عادت لتظهر في المجتمع الألماني. فاليمين المتطرف لم يكن أقوى في التاريخ منذ القضاء على النازية كما هذه الأيام، حتى أن المخابرات الداخلية اعتبرت في تقريرها الأخير، في الصيف الماضي، أن خطر اليمين المتطرف هو الأكبر على الأمن الداخلي الألماني.
والعام الماضي، شهد أول جريمة اغتيال لسياسي على يد يميني متطرف منذ الحرب العالمية الثانية، في حدث هز ألمانيا، ودفع السياسيين لإعادة تركيز جهودهم على محاربة صعود اليمين المتطرف المنظم المسلح. وتمكن النازيون الجدد من اختراق صفوف الجيش والشرطة والقوات الخاصة، ما تسبب بفضائح متتالية للسلطات الأمنية التي من المفترض أن تكون في مواجهة هذه المنظمات المتطرفة. ويبدو أن أعداد اليمينين المتطرفين الذين يحملون تراخيص سلاح يرتفع كذلك، فقد زاد هذا العام بـ200 شخص، ليصل عدد حاملي تراخيص السلاح الإجمالي من المعروفين في اليمين المتطرف إلى 1114 شخصاً.
وتنظيم هذه الجماعات تخطى حتى حدود ألمانيا، ليتحول إلى تنظيم أشمل بين جماعات يمينية متطرفة تمتد من الولايات المتحدة إلى فرنسا وبريطانيا والدول الاسكندنافية. ففي تقرير لصحيفة «دي فيلت»، نقلاً عن دراسة لم تنشر بعد أعدها معهد «مشروع مكافحة التطرف» الدولي، يبدو أن المتطرفين يستغلون وباء كورونا «للتعبئة ضد الحكومات، مستندين إلى نظريات المؤامرة» التي تنتقد إجراءات العزل الحالية التي تفرضها الحكومات.
وتقول الدراسة إن اليمينين المتطرفين يستغلون هذه الأفكار لتحويلها لصالحهم. وبالفعل، فإن ألمانيا تشهد مظاهرات واسعة منذ بدء وباء كورونا، توسعت أخيراً بعد الأخبار عن اللقاح، يقودها إضافة إلى المؤمنين بنظريات المؤامرة جماعات من اليمين المتطرف، من بينهم حزب البديل لألمانيا، أكبر حزب معارض في البرلمان، الذي نجح في دخول «البوندستاغ» للمرة الأولى في الانتخابات الأخيرة عام 2017، مستغلاً أزمة اللاجئين، والنقمة الشعبية من سياسة «الأبواب المفتوحة» التي اعتمدتها المستشارة أنجيلا ميركل. وبحسب الدراسة، فإن «حركة يمينية متطرفة بلا قيادة، وعابرة للحدود، تتبنى عقلية نهاية العالم، ويوجهها العنف» قد بدأت بالظهور منذ عام 2014.
وأجرى المعهد الدراسة بتفويض من ألمانيا التي ترأس المفوضية الأوروبية لمدة 6 أشهر منذ الصيف الماضي، لمحاولتها طرح الموضوع أوروبياً، وسعياً لإيجاد حلول للتصدي لتوسع اليمين المتطرف. وقد علق وزير الخارجية الألماني على الدراسة بالقول إنها تؤمن معلومات قيمة، ما يسهل اتخاذ خطوات للتصدي لليمين المتطرف.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».