رفيف الظل: الساعة الثالثة قهرا

رفيف الظل: الساعة الثالثة قهرا
TT

رفيف الظل: الساعة الثالثة قهرا

رفيف الظل: الساعة الثالثة قهرا

هذه وحدتي تتعدد لأنك منتهاها، والرحمة واحدة وإن فرقها القضاة. لا ترتجي العدل فهو حسرة المظلوم. لا تأمن لحبل قطعوه ليصنعوا معجزاتهم في الشنق، وهذا سبب كاف كي تشك في العدم، فهل تولد من جديد كي نسميك النقاء؟
هذا الظل المنقوع في قهوة جسدك، لا يضيف لها نكهة الطريق، بل يزيد من مرارته، فتغدو لا تستطيع تذوق اختياراتك. هما معا، ظلك وجسدك، يقودانك إلى خطاك، فتمشي دون أن تعتبر لأعمدة الشمس الهابطة عليهما من كل سماء.
في الزوال، يحين زوالك، يصيران معا صفرين على شمال ساعتك.
الساعة الآن الثالثة قهرا، صفارات الإنذار وأزيز الطائرات وتساقط الرماد والأشلاء، وسعال يخنق الشاشة وهي تكاد تحترق.
العالم ينهار.
الألف تلو الألف.
الانفجار يطال الهمزة الأولى، فيتداعى بعدها الحرف فالكلمة، إلى أن تصبح الجملة في النهاية، حطاما بعد قامة، وسقاما بعد هامة.
النهاية تطرق الباب، فيقوم جسد أنهكته سنوات البحث عن لقمة نور كي يفتح. إنه الشارع يرتجف خوفا، باحثا عن مأوى. لكأن في رغبة البدء الجديد استعادة حياة تنساب من بين أرواحنا بلا هوادة. لكأن الأسلحة تتكسر على أجسادنا من غير درس ولا موعظة.
كيف نقوى على الزعم بأننا أحياء ونحن، تحت وطأة الحياة، نتضرع للموت الماثل. الساعة هي أيضا منتصف الليل، دون أن يعني أنه الظلام. الظلام هو أن تستسلم له. وانهيار عالم لم نسهم في صنعه، أو لم يسمحوا لنا بالمشاركة في صنعه، لا يجبرنا إلى الانهيار معه.
انظروا لهم الآن كيف، وهم في شفير هاويتهم، يتشبثون بالخرافة كي يتفادوا أضاليلهم التي كرزوا بها في الأرض. انظروا لهم وهم يرتعدون فرقا من وحش أشادوه من حصتنا من مائنا في صحراء تقتلنا، وحش سعوا به في الأرجاء يمنعون به الهواء عن حرياتنا. انظروا إليهم يستجيرون من النيران بالجحيم ظنا أنها الفراديس. يا الله، اخفس أرضنا بهم، وافتح لنا سماء حرياتنا وارحمهم.
منتصف ليل هذا، لكننا نحو أنوار أبعد منهم وأجدى، الساعة الثالثة والقصف ليلا، بلا نوم ولا أحلام ولا أوهام.
تحت وابل قصف يجعل الصباح صلاة المذعور، أدميتنا يا عقرب الساعات. مرت الأحلام تباعا وحملوها في العربات وساروا، ونحن وقوف في منصة المشلول، لا نملك حتى قمصاننا، وشاعرنا مذبوح اللسان. وزد عليه أنهم صعدوا سلالمنا لقطاف المجد وتركوا لنا الوصي يعلمنا بالعصي. ولذلك، ظللنا ندور في زار المحنة، نخاف من الاستقامة كأنها العار. ولولا شكلنا البشري، لكان الاجترار لغة اعتلالنا، والمحو صفة اعترافنا بالآخرين.
إننا ننحني لأن السقف أقصر من قامة الكلمات، وفخرنا أننا نسل طاعات، وفي دمنا أخلاط مظلومين، وعلى جبين رؤانا دمغة سوداء كالثقب.
شرايين العربة تئن تحت وطأة المسافرين.
التذاكر جففت دماء الجهات، أفق النهار يعبس، كأن هذا القطار سيخطف صحوة، ويتركه للغيبوبة.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».