قال الفنان المصري أحمد عبد العزيز، إن الأعمال الفنية المصرية الحالية لا تحتفي بكبار الممثلين وتهملهم، وتحرم الجمهور من نجوم تعلق بهم، ومن مواهب كبيرة أصقلتها التجربة والخبرة، وأكد في حواره مع «الشرق الأوسط» عدم تنازله عن اختيار أدوار تحمل القيم للمتفرج وتكون ذات تأثير في الدراما، وكشف عن طموحه لتقديم سيرة ذاتية عن حياة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، عبر مسلسل درامي، موضحاً أنه لا يخشى مقارنته بالفنان الراحل أحمد زكي، الذي سبق له تجسيد السادات في فيلم سينمائي، في بداية الألفية الجديدة.
أحمد عبد العزيز الذي يعد أحد نجوم التلفزيون المصري البارزين، شارك في أعمال درامية مهمة من بينها «الوسية، المال والبنون، من الذي لا يحب فاطمة، الفرسان، ذئاب الجبل»، كما شارك في بطولة أفلام سينمائية حملت توقيع كبار المخرجين مثل «وداعاً بونابرت» ليوسف شاهين، «عودة مواطن» لمحمد خان، «الطوق والإسورة» لخيري بشارة، وفي المسرح تألق بأعماله كممثل وكمخرج...
وإلى نص الحوار:
> لماذا غبت عن الدراما التلفزيونية أخيراً رغم أنها ملعبك الأساسي الذي أخلصت له؟
- كنت أستعد لتصوير عملين دراميين ثم تأجل تصويرهما إثر تفشي وباء كورونا، لكن ذلك لا ينفي أنني أجد صعوبة شديدة في اختيار أدواري في المرحلة الحالية، ففي الوقت الذي أصبحت فيه بمرحلة عمرية لا تسمح لي بتقديم أدوار الشباب، فإن الكتابة للمراحل العمرية الكبيرة غير موجودة ولا يتم الاحتفاء بأي من الكبار حالياً، وفي رأيي أن هذا يحرم الجمهور من مواهب أثبتت وجودها وصارت تتمتع بالنضج لتراكم الخبرات، فيصطدم الكبار بواقع يخلو من الاهتمام بأدوارهم، إضافة إلى كل ذلك، فإن معاييري الشخصية لقبول العمل ترتكز على أن تكون الشخصية التي أؤديها مؤثرة، وتعد أحد أعمدة العمل الدرامي، وبدونها يختل العمل، ولا أقبل تنازلات في ذلك.
> «سليم العطار» و«اللواء جلال» شخصيتان جسدتهما في عملين ناجحين... كيف أتقنت التعامل مع كل منهما؟
- شخصية «اللواء جلال» في مسلسل «كلبش» كانت متكاملة، أما «سليم العطار» فقد احتاج إتقانها قدراً كبيراً من البحث، ووفق نظريات ستانيسلافسكي في فن التمثيل، فإن الأمر يتطلب من الممثل البحث عن المبررات والدوافع النفسية للشخصية التي تجعلها تتصرف على نحو ما، «سليم العطار» وهو إحدى شخصيات مسلسل «الأب الروحي»، الذي قُدم في فيلم من ثلاثة أجزاء يعد من كلاسيكيات السينما الأميركية، واستدعى تمصيرها اختلافا في المعالجة لتناسب البيئة المصرية.
> لماذا تستهويك منذ بدايتك الأدوار التاريخية؟
- يستهويني التاريخ عموما، كما تستهويني الشخصيات التاريخية التي يكون لها خصوصية شديدة مثل سيف الدين قطز الذي كان شخصاً غير عادي، تولى حكم مصر لمدة عام واحد أنجز خلاله مهمة كبيرة غيرت وجه التاريخ، بانتصاره على التتار حيث أوقف زحفهم، ومات بعدها وكأنه جاء يؤدي المهمة ويرحل، كذلك شخصية «أخناتون» أول عاشق في التاريخ، فقد أحب نفرتيتي في قصة حب خالدة مثل «روميو وجولييت»، و«قيس وليلى»، وهو أيضا أول شاعر في التاريخ، تنجح هذه الشخصيات اعتماداً أولا على النص الجيد، والمصداقية في الأداء، كذلك تلعب الملابس والديكورات دوراً مهما في نجاح الأعمال التاريخية.
> وماذا عن شخصية الرئيس السادات التي جسدتها في فيلم «حكمت فهمي» أمام نادية الجندي؟
- أرى أن تجسيد شخصيات معروفة للناس تفرض على الممثل الاقتراب أولاً من شكل الشخصية ثم من روحها، وكان هذا شغلي الشاغل للتحضير لشخصية أنور السادات وبحثت طويلاً عن صور له في تلك المرحلة التاريخية (فترة أربعينات القرن الماضي)، وحرصت على ألا أقلد السادات الذي نعرفه لاختلاف المرحلة العمرية.
> وما مدى توافقك كفنان مع سياسة الرئيس الراحل أنور السادات؟
- في شبابي كنت مختلفا مع كثيرين سياسيا، وكان اختلافي لا يستند لأسباب موضوعية، وحينما وصلت إلى الثلاثين من عمرى أعدت القراءة عنهم وبدأت في مراجعة موقفي، فأحببت السادات واحترمت عقله، وأعجبتني شخصيته، بل إنه من الشخصيات التي أتمنى تجسيدها في عمل درامي يتناول سيرته الذاتية من البداية للنهاية، فحياته كانت ثرية جداً منذ طفولته، كذلك أتطلع لتقديم سيرة د.طه حسين المليئة بالتحديات، وبالصدفة قدم الشخصيتين الفنان أحمد زكي، أحد عباقرة التمثيل، لكن هذا لا يمنع تقديمهما في إطار مختلف، ولا يقلقني وضعي في مقارنة مع أحمد زكي بل يشرفني ذلك ويحفزني.
> قدمت نحو 200 عمل تلفزيوني وسينمائي ومسرحي وإذاعي... لماذا كان اهتمامك الأكبر بالتلفزيون؟
- أعترف أن إخلاصي للدراما جاء على حساب السينما، وقد حدث هذا بوعي تام مني، فقد بدأت مشواري في السينما بفيلم «وداعا بونابرت» مع المخرج الكبير يوسف شاهين، وكانت بداية قوية وفرصة جيدة لأي ممثل، وكان لذلك أثر طيب، ثم قدمت «الطوق والإسورة» مع خيري بشارة، و«العصابة» مع هشام أبو النصر، و«عودة مواطن» مع محمد خان، و«حالة تلبس» مع هنري بركات، وكانت هذه فرص واعدة مع مخرجين كبار، ثم بدأت تعرض علي أفلام صغيرة لا تحمل أي مضمون عرفت باسم «أفلام المقاولات»، وقد شاركت في أربعة أفلام منها، وندمت على ذلك، وقررت ألا أنخرط فيها لأنها لم تكن تحمل أي متعة لي برغم أنها مربحة ماديا، في الوقت ذاته عرضت علي أعمال تلفزيونية جيدة جداً، تحمل قيما عقلية وجمالية تفيد المتلقي مثل أعمالي في «الوسية»، «المال والبنون»، وحدث أن سافرت لبغداد لتصوير فيلم فاتضح لي أن الجمهور لا يعرف شيئا عن أفلامي، وأن كثيرين جاءوا المطار لاستقبال «أخناتون»، ولم يكونوا يعرفون اسمي، لكن العمل الدرامي الناجح «لا إله إلا الله» هو الذي عرفهم بي وأدركت مدى تأثير الدراما التلفزيونية التي يعد تميزها من أسباب بقائها في وجدان الناس.
> في المسرح كانت لك صولات وجولات كممثل ومخرج... لكنك لم تجمع بينهما في عمل واحد لماذا؟
- لم أجمع بين التمثيل والإخراج على المسرح لرغبتي في التركيز في مجال واحد وإعطائه وقتي كله، بالنسبة للإخراج كانت مسرحية «مأساة الحلاج» لصلاح عبد الصبور أول أعمالي وهو نص ملحمي عرض مرتين وكان لنجاحها صدى عربي، وأخرجت نحو 25 عملا مسرحيا من بينها أوبريت «مدينة العيد» للأطفال وكممثل أعتز كثيرا بمسرحية «واغش»، كما توليت رئاسة المسرح الكوميدي لفترة، ولم أستمر به طويلا رغم أنه كانت لدي أفكار وطموحات، وكنت أطمح لجعل المسرح العائم على النيل ساحة للإبداع ليعج بالأنشطة المسرحية وأشكال الكوميديا المختلفة، لكن لم يتحقق ذلك لضعف الإمكانيات والروتين.