روح «العشرين» تتلبس البيئة المحلية السعودية

واجهات المباني وسيارات الأجرة والطائرات والشوارع ومدرجات الملاعب تكتسي هوية شعار «قمة الرياض»

استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين تنعكس على مظاهر الحياة اليومية في المملكة (الشرق الأوسط)
استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين تنعكس على مظاهر الحياة اليومية في المملكة (الشرق الأوسط)
TT

روح «العشرين» تتلبس البيئة المحلية السعودية

استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين تنعكس على مظاهر الحياة اليومية في المملكة (الشرق الأوسط)
استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين تنعكس على مظاهر الحياة اليومية في المملكة (الشرق الأوسط)

شكّلت رئاسة السعودية لمجموعة دول العشرين منذ نهاية العام الماضي، انعكاساً في الحياة اليومية والمعرفة العامة للسعوديين بالمجموعة ومهامها وفرق التواصل لديها، إضافة إلى بروزها على العديد من مناشط الحياة، حيث تلونت المباني وسيارات الأجرة والطائرات ومدرجات الملاعب وجدران الشوارع بألوان وشعار المجموعة المستوحاة من الثقافة السعودية وخيوط «السدو» التراثية الملونة.
وانعكس ترؤس السعودية لمجموعة العشرين على الجو العام في المدن الرئيسية لدى السعوديين، حيث نشط مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أشكالها في وضع هوية العشرين وتقديم منتجات إبداعية شبابية مختلفة.
ورغم أن المجموعة كانت تعقد اجتماعاتها في مدن السعودية وبحضور لمختلف المختصين والخبراء من حول العالم، فإن جائحة «كورونا المستجد» غيّرت من طبيعتها لتتحول إلى اجتماعات افتراضية، منذ مارس (آذار) الماضي، وقت تفشي الفيروس عالمياً.
- الشعار... هوية سعودية
ومنذ ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019، بدا جلياً مدى تأثر البيئة المحلية بشعار المجموعة المكتوب الذي جاء تحت «فرصتنا لنُلهم العالم برؤيتنا»، في حين كان تصميم الشعار مستوحى من الثقافة السعودية، حيث مزجت الهوية بين الموروث السعودي والطابع العصري، كونه كان مصمماً من نقوش وأشكال «السدو» التراثية (وهو نسيج تقليدي في شبه الجزيرة العربية) وقد أدرجته منظمة اليونيسكو العالمية على قائمة التراث غير المادي للبشرية.
وجاء التصميم بعد سباق من مصممين ومصممات سعوديات، خلص إلى نحو 30 شعاراً، في حين كان الشعار الفائز والذي اعتُمد للمجموعة للفنان السعودي محمد الحواس، الذي استلهم الشعار من خيوط السدو الملونة، والتي تستوعب ألوان كل الدول المشاركة في قمة مجموعة العشرين.
- انعكاس على الجو العام
وبعد أن اعتمدت المجموعة شعارها، الذي يحاكي الثقافة السعودية، بدأ الشعار ينتشر في مختلف مناشط الحياة، حيث اعتمده بعض الجهات الحكومية والخاصة المشاركة في أعمال المجموعة، بوضع شعارها والتعريف بأدوارها في أعمالها، كما تلون العديد من المباني وواجهاتها بشعار المجموعة، إضافة إلى سيارات الأجرة التي دشنت أولى دفعاتها في مطلع العام الجاري، والتي اكتست باللون الأخضر وحملت شعار العشرين، كما علّق العديد من الأشخاص «بروشاً» لشعار المجموعة على ثيابهم، كنوع من الاعتزاز والانتماء.
وهنا، يقول المهندس سلمان القحطاني، المدير العام لمجموعة «ترافل للأجرة»: «كانت هناك مبادرة من الهيئة العامة للنقل، بوضع شعارات مجموعة العشرين على سيارات الأجرة... سارعنا بلا تردد نحو التجاوب وأصدرنا قراراً بوضع شعار «العشرين» في دورتها الحالية برئاسة السعودية على جميع المركبات التابعة للشركة».
وأشار المهندس القحطاني في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «كان من المفترض وضعه قبل جائحة (كوفيد - 19)، ولكن ظروف الجائحة أجّلت وضعه حتى عودة الحياة»، مؤكداً أنهم يعززون هذه المبادرات التي تقودها المملكة على الصعيد العالمي، ما جعلهم من أولى الشركات التي وضعت شعار المجموعة.
ولم يكن الانعكاس ظاهرياً فقط في واجهات المباني وداخل أروقة الجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات القطاع الثالث وعبر المؤتمرات ووسائل الإعلام، بل كانت أعمال مجموعات التواصل محوراً للنقاش في مجالس السعوديين من مختلف الشرائح والفئات، حيث زادت مشاركتهم التطوعية، والتي عادت بإجراء العديد من الدراسات والبحوث وغيرها من الأنشطة، إضافةً إلى المشاركة في رفع التوصيات. واليوم، نسبة كبيرة من الشباب السعودي حظوا بفرصة المشاركة في المنتديات والأنشطة التابعة للمجموعة، مثل مجموعة الشباب (Y20)، ومنتديات كمنتدى الأديان والثقافات، وغيرها العديد.
- انعكاس الشخصية
من ناحيته، أوضح عبد الله عبد الغني، مستشار العلاقات العامة والاتصال، أنه رغم أن «قمة العشرين»، تعد حدثاً اقتصادياً مهماً يسهم في صنع المستقبل الاقتصادي للعالم، ويغلب عليه طابع الرسمية في الحوار بين القادة لبحث الحلول للتحديات التي تعصف بالعالم، إلا أن السعوديين بادروا لإضفاء روح الحفاوة الاحتفالية والتي تعد من أبرز ملامح الشخصية السعودية، للتعبير عن مشاعر الفرح والاعتزاز، انطلاقاً من القيم العربية والإسلامية الأصيلة، وافتخاراً بالتاريخ الوطني الزاخر بالإنجازات والمساهمات النبيلة في تحقيق العدل والأمن والسلام في العالم. ولفت عبد الغني إلى أن أوجه التفاعل لا يمكن حصرها، حيث توشحت منصات التواصل الاجتماعي باللون الأخضر وبشعار «العشرين» وصور الملك وولي عهده محملة بعبارات ورسائل سلام ومحبة للعالم مفادها أن «السعودية شريك عالمي في صناعة المستقبل المستدام عبر تبنيها للمبادرات الإنسانية المستدامة».
ويضيف عبد الغني أن تأثير الخطاب الرسمي الإنساني للقيادة السعودية انعكس في ترسيخ التفاهم بين الشعوب والحوار بين الثقافات، ورفع مستوى الوعي في لغة الحوار، حيث بات الشباب السعودي يقدمون أنفسهم على أنهم سفراء لهذا التوجه الإنساني، مستشهداً بالمستوى العالي الذي وصلت إليه الأفلام الممنتجة على منصات التواصل الاجتماعي.
- إدراك المسؤولية
وقال عبد الغني لـ«الشرق الأوسط» إن مظاهر استضافة القمة انعكست على الحياة اليومية في المملكة بشتى مناطقها، فتوشحت السيارات وحتى الطائرات وصولاً إلى النشاط الرياضي بشعار قمة العشرين، حيث تلونت الأماكن والمباني بألوان «السدو» الذي اتخذته المملكة شعاراً رسمياً لاستضافة القمة المنتظرة. وحسب عبد الغني، يُبرز مستوى تفاعل السعوديين مدى إدراكهم لمسؤولية قيادة المملكة تظاهرة دولية كمجموعة العشرين التي يترقب أن تصدر عنها توصيات ومبادرات تلعب دوراً في السياسات العالمية.


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.