الهيئات العلمية تحذر من التراخي في الوقاية على وقع أنباء اللقاحات

مخاوف من موجة ثالثة أشد وطأة مطلع الربيع

مسؤولون برازيليون يحملون جرعات من اللقاح الصيني (رويترز)
مسؤولون برازيليون يحملون جرعات من اللقاح الصيني (رويترز)
TT

الهيئات العلمية تحذر من التراخي في الوقاية على وقع أنباء اللقاحات

مسؤولون برازيليون يحملون جرعات من اللقاح الصيني (رويترز)
مسؤولون برازيليون يحملون جرعات من اللقاح الصيني (رويترز)

يخشى الخبراء في مركز إدارة الطوارئ التابع لمنظمة الصحة العالمية أن تؤدي أجواء التفاؤل التي أشاعتها الإعلانات الأخيرة المتتالية عن لقاحات عالية الفعالية على أبواب مرحلة الإنتاج، إلى التراخي في تدابير الوقاية والاحتواء التي تشدد المنظمة الدولية على أنها الوسيلة الوحيدة المضمونة النتائج لوقف انتشار الوباء إلى أن تعمم اللقاحات وتتأكد فعاليتها.
وتفيد آخر تقديرات المكتب الإقليمي الأوروبي للمنظمة بأن عدم احتواء الموجة الوبائية الثانية بشكل حاسم من شأنه أن يؤدي إلى موجة ثالثة قد تكون أشد وطأة أواخر فصل الشتاء المقبل أو مطلع الربيع. وعادت منظمة الصحة لتذكر أمس الخميس بأهمية تعزيز المنظومات الصحية استناداً إلى خطط طويلة الأمد تمكنها من مواجهة انتشار الوباء لفترة طويلة من المرجح أن تدوم حتى نهاية العام المقبل، مشددة على أن صمود هذه المنظومات في الأشهر المقبلة هو السبيل الوحيد لعدم اللجوء إلى تدابير الإقفال العام التي تحذر الوكالات الدولية من عواقبها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية الوخيمة، رغم أن الأوساط العلمية والصحية تلح في المطالبة بها لمنع انهيار الخدمات الاستشفائية التي ترزح تحت وطأة الموجة الوبائية الثانية.
وأمام الاكتظاظ المتزايد الذي تشهده المستشفيات الإيطالية باشرت وزارة الصحة منذ أيام بتحويل فنادق إلى مستشفيات مؤقتة وتخصيصها لمعالجة المصابين بفيروس كورونا في جميع المدن الكبرى، فيما تستعد لتوزيع الفحوصات على الصيدليات لإجرائها في المنازل بعد أن عجزت المختبرات عن تلبية الإقبال المتزايد عليها.
وعن أنباء اللقاحات التي تتعاقب منذ أيام، قال عالم الوبائيات الإيطالي الشهير ألبرتو مانتوفاني: «كل اللقاحات غير فعالة من دون سلوك صحي مسؤول». ودعا إلى «عدم التراخي في هذه المرحلة حتى وإن تراجعت أرقام الإصابات في الأيام المقبلة». وكشف مانتوفاني أن المختبر الذي يشرف على إدارته في ميلانو يوشك على إنهاء تطوير اختبار لا يحدد الإصابة بالفيروس فحسب، بل يحدد أيضا مدى خطورتها.
وفيما تعيش المناطق الجنوبية الإيطالية على أبواب كارثة صحية بعد أن بلغت مستشفياتها ذروة قدراتها الاستيعابية، قالت وزيرة الداخلية إنها تدرس احتمال طلب مساعدة القوات المسلحة على نطاق واسع تحسباً للمزيد من الاحتجاجات التي تعم عدداً من المدن الإيطالية منذ أيام إثر تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في أقاليم الجنوب مثل كامبانيا وكالابريا وجزيرة صقلية. وكان عدد الوفيات اليومية في إيطاليا قد تجاوز ٧٥٠ للمرة الثانية على التوالي هذا الأسبوع مع ارتفاع عدد الإصابات اليومية إلى ٣٥ ألفاً، بالتزامن مع ارتفاع حدة الخلافات السياسية بين الحكومة والمعارضة وتمرد بعض السلطات الإقليمية على القرارات المركزية بشأن إدارة الأزمة، وفي ظل أجواء مشحونة على الصعيد الأمني في العديد من المناطق.
وفي ألمانيا أثار التعديل الاشتراعي الذي اعتمده البرلمان أمس بهدف توفير التغطية القانونية للقيود التي فرضتها الحكومة على المواطنين لمواجهة الجائحة موجة واسعة من الاحتجاجات كانت أعنفها في العاصمة برلين. وكالعادة لعبت الأحزاب والتنظيمات اليمينية المتطرفة دوراً بارزاً في هذه الاحتجاجات التي أظهرت مجدداً مدى الصعوبات التي تواجه الحكومات الديمقراطية عند فرض تدابير الوقاية والاحتواء. وكانت الشعارات التي رفعها المتظاهرون هذه المرة تندد بإدراج هذه التدابير ضمن النصوص التشريعية، ما يتيح للحكومة منع المظاهرات والاحتجاجات غير المرخصة.
ورغم النجاح النسبي الذي أدارت به ألمانيا هذه الأزمة حتى الآن، تواجه المستشارة أنجيلا ميركل انتقادات حتى من شركائها الليبراليين في الحكومة الذين يطالبون بدور أكثر فعالية للبرلمان في إدارتها. أما القوى والأحزاب اليمينية المتطرفة فهي تنادي منذ أشهر بإلغاء جميع التدابير التي فرضتها الحكومة لتقييد الحركة وإقفال المقاهي والمطاعم والعديد من الأنشطة التجارية الأخرى، وتشبه هذه التدابير بالقانون الذي اعتمده الرايخ الثالث في العام ١٩٣٣ مفوضاً إلى أدولف هتلر كامل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية.
وفيما ترزح البلدان الأوروبية، صحياً واقتصاديا، تحت وطأة الموجة الثانية وتدق نواقيس الإنذار التي وصلت إلى مستشفيات سويسرا التي بدت لأشهر كأنها خارجة المشهد الوبائي، فتحت الصين جبهة جديدة في معركتها ضد الفيروس، الذي منذ شهرين لا تسجل سوى إصابات مستوردة به، معلنة إخضاع جميع المواد الغذائية المستوردة للفحص الوبائي بعد أن رصدت عدة حالات على أسماك مجلدة وأغذية أخرى مستوردة من دول لم تحددها.
ورغم أن السلطات الصحية الصينية ما زالت تعتبر الإصابة بالفيروس عن طريق الأغذية في باب الاحتمال، فرضت الحكومة تدابير المراقبة على جميع المواد الغذائية المستوردة ما أثار موجة واسعة من الاستياء في أوساط الحكومات والشركات الأجنبية التي رأت في هذه التدابير حواجز ضد حرية التجارة.
يذكر أن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن «الأغذية لا تشكل ناقلاً معروفاً للفيروس»، كما أن المركز الأميركي لمكافحة الأمراض السارية يعتبر أن «خطر السريان عن طريق الأغذية ضئيل جدا». وفي روما أكد كبير خبراء منظمة الأغذية والزراعة ماكسيمو توريرو أنه «لا توجد أدلة علمية يعتد بها على سريان فيروس كورونا عبر الأغذية»، داعياً إلى «التقليل من أهمية هذه الأنباء».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.