يخشى الخبراء في مركز إدارة الطوارئ التابع لمنظمة الصحة العالمية أن تؤدي أجواء التفاؤل التي أشاعتها الإعلانات الأخيرة المتتالية عن لقاحات عالية الفعالية على أبواب مرحلة الإنتاج، إلى التراخي في تدابير الوقاية والاحتواء التي تشدد المنظمة الدولية على أنها الوسيلة الوحيدة المضمونة النتائج لوقف انتشار الوباء إلى أن تعمم اللقاحات وتتأكد فعاليتها.
وتفيد آخر تقديرات المكتب الإقليمي الأوروبي للمنظمة بأن عدم احتواء الموجة الوبائية الثانية بشكل حاسم من شأنه أن يؤدي إلى موجة ثالثة قد تكون أشد وطأة أواخر فصل الشتاء المقبل أو مطلع الربيع. وعادت منظمة الصحة لتذكر أمس الخميس بأهمية تعزيز المنظومات الصحية استناداً إلى خطط طويلة الأمد تمكنها من مواجهة انتشار الوباء لفترة طويلة من المرجح أن تدوم حتى نهاية العام المقبل، مشددة على أن صمود هذه المنظومات في الأشهر المقبلة هو السبيل الوحيد لعدم اللجوء إلى تدابير الإقفال العام التي تحذر الوكالات الدولية من عواقبها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية الوخيمة، رغم أن الأوساط العلمية والصحية تلح في المطالبة بها لمنع انهيار الخدمات الاستشفائية التي ترزح تحت وطأة الموجة الوبائية الثانية.
وأمام الاكتظاظ المتزايد الذي تشهده المستشفيات الإيطالية باشرت وزارة الصحة منذ أيام بتحويل فنادق إلى مستشفيات مؤقتة وتخصيصها لمعالجة المصابين بفيروس كورونا في جميع المدن الكبرى، فيما تستعد لتوزيع الفحوصات على الصيدليات لإجرائها في المنازل بعد أن عجزت المختبرات عن تلبية الإقبال المتزايد عليها.
وعن أنباء اللقاحات التي تتعاقب منذ أيام، قال عالم الوبائيات الإيطالي الشهير ألبرتو مانتوفاني: «كل اللقاحات غير فعالة من دون سلوك صحي مسؤول». ودعا إلى «عدم التراخي في هذه المرحلة حتى وإن تراجعت أرقام الإصابات في الأيام المقبلة». وكشف مانتوفاني أن المختبر الذي يشرف على إدارته في ميلانو يوشك على إنهاء تطوير اختبار لا يحدد الإصابة بالفيروس فحسب، بل يحدد أيضا مدى خطورتها.
وفيما تعيش المناطق الجنوبية الإيطالية على أبواب كارثة صحية بعد أن بلغت مستشفياتها ذروة قدراتها الاستيعابية، قالت وزيرة الداخلية إنها تدرس احتمال طلب مساعدة القوات المسلحة على نطاق واسع تحسباً للمزيد من الاحتجاجات التي تعم عدداً من المدن الإيطالية منذ أيام إثر تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في أقاليم الجنوب مثل كامبانيا وكالابريا وجزيرة صقلية. وكان عدد الوفيات اليومية في إيطاليا قد تجاوز ٧٥٠ للمرة الثانية على التوالي هذا الأسبوع مع ارتفاع عدد الإصابات اليومية إلى ٣٥ ألفاً، بالتزامن مع ارتفاع حدة الخلافات السياسية بين الحكومة والمعارضة وتمرد بعض السلطات الإقليمية على القرارات المركزية بشأن إدارة الأزمة، وفي ظل أجواء مشحونة على الصعيد الأمني في العديد من المناطق.
وفي ألمانيا أثار التعديل الاشتراعي الذي اعتمده البرلمان أمس بهدف توفير التغطية القانونية للقيود التي فرضتها الحكومة على المواطنين لمواجهة الجائحة موجة واسعة من الاحتجاجات كانت أعنفها في العاصمة برلين. وكالعادة لعبت الأحزاب والتنظيمات اليمينية المتطرفة دوراً بارزاً في هذه الاحتجاجات التي أظهرت مجدداً مدى الصعوبات التي تواجه الحكومات الديمقراطية عند فرض تدابير الوقاية والاحتواء. وكانت الشعارات التي رفعها المتظاهرون هذه المرة تندد بإدراج هذه التدابير ضمن النصوص التشريعية، ما يتيح للحكومة منع المظاهرات والاحتجاجات غير المرخصة.
ورغم النجاح النسبي الذي أدارت به ألمانيا هذه الأزمة حتى الآن، تواجه المستشارة أنجيلا ميركل انتقادات حتى من شركائها الليبراليين في الحكومة الذين يطالبون بدور أكثر فعالية للبرلمان في إدارتها. أما القوى والأحزاب اليمينية المتطرفة فهي تنادي منذ أشهر بإلغاء جميع التدابير التي فرضتها الحكومة لتقييد الحركة وإقفال المقاهي والمطاعم والعديد من الأنشطة التجارية الأخرى، وتشبه هذه التدابير بالقانون الذي اعتمده الرايخ الثالث في العام ١٩٣٣ مفوضاً إلى أدولف هتلر كامل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية.
وفيما ترزح البلدان الأوروبية، صحياً واقتصاديا، تحت وطأة الموجة الثانية وتدق نواقيس الإنذار التي وصلت إلى مستشفيات سويسرا التي بدت لأشهر كأنها خارجة المشهد الوبائي، فتحت الصين جبهة جديدة في معركتها ضد الفيروس، الذي منذ شهرين لا تسجل سوى إصابات مستوردة به، معلنة إخضاع جميع المواد الغذائية المستوردة للفحص الوبائي بعد أن رصدت عدة حالات على أسماك مجلدة وأغذية أخرى مستوردة من دول لم تحددها.
ورغم أن السلطات الصحية الصينية ما زالت تعتبر الإصابة بالفيروس عن طريق الأغذية في باب الاحتمال، فرضت الحكومة تدابير المراقبة على جميع المواد الغذائية المستوردة ما أثار موجة واسعة من الاستياء في أوساط الحكومات والشركات الأجنبية التي رأت في هذه التدابير حواجز ضد حرية التجارة.
يذكر أن منظمة الصحة العالمية تعتبر أن «الأغذية لا تشكل ناقلاً معروفاً للفيروس»، كما أن المركز الأميركي لمكافحة الأمراض السارية يعتبر أن «خطر السريان عن طريق الأغذية ضئيل جدا». وفي روما أكد كبير خبراء منظمة الأغذية والزراعة ماكسيمو توريرو أنه «لا توجد أدلة علمية يعتد بها على سريان فيروس كورونا عبر الأغذية»، داعياً إلى «التقليل من أهمية هذه الأنباء».
الهيئات العلمية تحذر من التراخي في الوقاية على وقع أنباء اللقاحات
مخاوف من موجة ثالثة أشد وطأة مطلع الربيع
الهيئات العلمية تحذر من التراخي في الوقاية على وقع أنباء اللقاحات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة