المتحف المصري يعرض «مضبوطات أثرية» في ذكرى افتتاحه الـ118

السعودية تتسلّم 65 عملة معدنية صُودرت في مطار القاهرة

السفير السعودي في القاهرة يتسلم عملات معدنية أثرية من وزير السياحة والآثار المصري
السفير السعودي في القاهرة يتسلم عملات معدنية أثرية من وزير السياحة والآثار المصري
TT

المتحف المصري يعرض «مضبوطات أثرية» في ذكرى افتتاحه الـ118

السفير السعودي في القاهرة يتسلم عملات معدنية أثرية من وزير السياحة والآثار المصري
السفير السعودي في القاهرة يتسلم عملات معدنية أثرية من وزير السياحة والآثار المصري

في ذكرى افتتاحه الـ18 بعد المائة، يحتفي المتحف المصري بالتحرير، بعشرات القطع النادرة من المضبوطات الأثرية التي ضُبطت في الموانئ المصرية خلال السنوات الأخيرة، عبر معرض مؤقت يعد الثاني من نوعه في تاريخ المجلس الأعلى للآثار في مصر.
وافتتح المعرض مساء أول من أمس وزير السياحة والآثار المصري وعدد من سفراء الدّول العربية والأجنبية لدى مصر، حيث سُلّمت السعودية والصين والهند عملات أثرية تخصّ بلادها وكانت قد ضُبطت في المنافذ المصرية، كما ضمّت الاحتفالية افتتاح معرض دائم عن الخبيئات «الكنوز الخفية» الذي يضم عشرات التوابيت النادرة، في نفس القاعة التي كانت تستضيف المومياوات الملكية.
معرض «المضبوطات الأثرية» يضمّ عشرات القطع النّادرة التي تعرض للمرة الأولى وترجع لعصور تاريخية مختلفة، وهي قطع وقع الاختيار عليها من بين آلاف القطع التي تمكنت الإدارة المركزية للمنافذ والوحدات الأثرية في الموانئ المصرية من ضبطها خلال السنوات الماضية.
وبدأت فكرة إنشاء وحدات في الموانئ المصرية لمكافحة تهريب الآثار عام 1986 بتدشين وحدة أثرية بمطار القاهرة الدولي، قبل أن تُنشئ الإدارة العامة للوحدات الأثرية بالموانئ المصرية ويُعمّم نظام العمل القائم بالوحدة الأثرية في مطار القاهرة على جميع المنافذ المصرية القائمة (الموانئ الجوية والبحرية والبرية المصرية)، والتي تغطي معظم منافذ الجمهورية التي تصل إلى نحو 40 منفذا رئيسيا.
وتقول صباح عبد الرازق، مدير المتحف المصري بالتحرير لـ«الشرق الأوسط»: «من بين أبرز القطع الأثرية التي تعرض حالياً بمعرض (المضبوطات الأثرية) قطع نحتية لرؤوس الأباطرة الرومان، وعملات ذهبية وأدوات فلكية ومصاحف أثرية ونياشين تعود لعصر الأسرة العلوية، والأواني الفخارية وبعض التماثيل التي تعود للعصر اليوناني الروماني».
وتثمن عبد الرازق «وضع مقتنيات نادرة وجذابة في نفس القاعة التي كانت توجد بها المومياوات الملكية، التي كانت تعد أحد مصادر جذب السائحين للمتحف»، مؤكدة أن «طريقة العرض الحديثة وألوان التوابيت وأهميتها الأثرية سوف تجتذب الزائرين لمعرض (الكنوز الخفية)»، مشيرة إلى «أنه تم وضع تابوت من بين التوابيت المكتشفة أخيرا بمنطقة سقارة وبداخلها مومياء بشرية في حالة جيدة من الحفظ بالمعرض الدائم».
وعُثر على أشهر المومياوات والتوابيت المصرية القديمة في خبيئات البر الغربي في مدينة الأقصر (جنوب مصر)، وتعدّ خبيئة كهنة المعبود مونتو التي اكتشفها مارييت عامي 1857 - 1858 حول معبد الملكة حتشبسوت في وادي الدير البحري، من بين أشهر الخبيئات الأثرية المصرية، بجانب الخبيئة الملكية وهي مقبرة عميقة منحوتة في الصخر رقم 320 في واد يقع جنوب معبد الدير البحري، بالإضافة إلى خبيئة كهنة آمون المعروفة بمقبرة باب الجسس وهي أكبر مقبرة سليمة وجدت في مصر في القرن الـ19.
ووفق وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني فإنّ «المتحف المصري بالتحرير سيشهد منافسة شديدة خلال الفترة المقبلة، خصوصا مع افتتاح القاعة المركزية وقاعة المومياوات الملكية بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط خلال الأسابيع المقبلة»، مشيرا إلى أنّ القطع الأثرية الرئيسية التي يضمّها المتحف المصري بالتحرير، باستثناء قطع الملك توت عنخ آمون والمومياوات الملكية، باقية كما هي على غرار لوحة نرمز وتماثيل زوسر وخفرع وغيرها من القطع الأثرية.
في السياق، سلّم العناني خلال احتفالية مرور 118 عاما على افتتاح المتحف المصري بالتحرير، 65 عملة معدنية إلى السفير السعودي في القاهرة، تتضمّن عددا من العملات الذهبية والمعدنية التي ضُبطت في مطار القاهرة الدّولي، كما سُلّمت 31 عملة معدنية صينية قبل تهريبها في مطار برج العرب الدّولي، و4 عملات معدنية هندية ضُبطت في جمرك البريد المصري.
وقال أسامة بن أحمد نقلي سفير السعودية في القاهرة، إنّ «تسليم مصر للعملات الأثرية للدولة الأصل، ينطلق من إدراكها لأهمية تلك القطع باعتبارها بلد حضارة»، مشيرا إلى «أنّ تسليم القطع الأثرية اليوم للمملكة لا يشكّل إلّا جزءا يسيرا من حجم التعاون الكبير في إطار العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين، وهي علاقات تمتد لتشمل جميع جوانب التعاون خاصة التعاون في مجال الآثار والسياحة»، لافتا إلى أنّ «المملكة ومصر ستشتركان في معرض تاريخي تراثي بمجموعة قيّمة من القطع الأثرية الحضارية والتاريخية». حسب بيان وزارة السياحة والآثار المصرية.
ووصف سفير الصين لدى مصر، تسلم تلك العملات نيابة عن الحكومة الصينية بـ«الشرف العظيم»، مؤكدا أنّ هذه «هي المرة الثّانية التي تعيد فيها مصر للصين عملات أثرية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».