الكاظمي يجدد تعهده إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها

الداخلية العراقية توقع اتفاقاً مع مفوضية الانتخابات لتعزيز العملية الديمقراطية

متظاهرون ضد الفساد في ساحة التحرير ببغداد أول من أمس (أ.ب)
متظاهرون ضد الفساد في ساحة التحرير ببغداد أول من أمس (أ.ب)
TT
20

الكاظمي يجدد تعهده إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها

متظاهرون ضد الفساد في ساحة التحرير ببغداد أول من أمس (أ.ب)
متظاهرون ضد الفساد في ساحة التحرير ببغداد أول من أمس (أ.ب)

جدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي التزام حكومته بإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المحدد، في 6 يونيو (حزيران) 2021. وقال خلال اجتماع عقده، أمس، مع رؤساء الهيئات المستقلة غير المرتبطة بوزارة إن «الحكومة الحالية انتقالية، وتهدف للوصول إلى انتخابات مبكرة».
وكرر الكاظمي اتهامه لجهات لم يسمها، قال إنها «تسعى إلى وضع العقبات أمام إجراء الانتخابات»، لكنه شدد على أن حكومته «عازمة على إجراء انتخابات شفافة عادلة تحقق طموحات المواطنين، وتمضي بالبلد نحو الأفضل». وأضاف أن «هناك تحديات كبيرة تواجه البلد، ونبذل جهوداً على مدار الساعة لتجاوزها، ووضع البلد على الطريق الصحيح».
وفي وقت لاحق، أمس، اجتمع الكاظمي مع رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وعدد من أعضائها، ووزير المالية، والكادر المتقدم بالوزارة. وناقش الاجتماع السبل الكفيلة بتذليل العقبات أمام توفير الأموال اللازمة لإجراء الانتخابات المبكرة بموعدها المقرر. وطبقاً لبيان صادر عن مكتبه، فإن الكاظمي «وجه وزارة المالية بضرورة تسهيل حصول مفوضية الانتخابات على التخصيصات المالية، كونها من المتطلبات الأساسية لإجراء الانتخابات التي تشكل أهمية كبيرة لدى أبناء شعبنا»، وشدد على «تذليل كل العقبات البيروقراطية التي من شأنها أن تعرقل عمل المفوضية». وأشار إلى «أهمية العمل بالنظام البايومتري، وتوفير كل مستلزمات نجاحه»، موجهاً المفوضية بتسريع إصدار البطاقات الانتخابية للمواطنين.
ورغم الشهور الطويلة نسبياً التي تفصل الأحزاب والجماعات السياسية عن الانتخابات العامة في يونيو (حزيران) المقبل، فإن ثمة ما يوحي بوجود مخاوف عميقه تتعلق بإجرائها في الوقت المحدد، وطبيعة نتائجها، وقدرة الجهات الرسمية على ضبط إيقاعها، ومنع وقوعها في مطب الخروقات والتزوير الذي ارتبط بانتخابات عام 2018، والانتخابات التي سبقتها. ويشكك عدد غير قليل من الساسة والمراقبين بإجرائها في موعدها المحدد، خاصة مع المواقف المشككة التي تطلقها أحزاب وجماعات سياسية، حيث تحدث ائتلاف «دولة القانون»، قبل أيام، عن فقدان نحو 4 ملايين بطاقة انتخابية، في إشارة إلى إمكانية استخدامها للتزوير؛ الأمر الذي نفته مفوضية الانتخابات.
وحذر ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، أمس، من «مقاطعة» شعبية وسياسية للانتخابات المقبلة، في حال عدم ضمان «النزاهة والعدالة والمصداقية». وقال الائتلاف في بيان إن «الحكومة والبرلمان ومفوضية الانتخابات وبعثة الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة عن توفير معايير النزاهة والعدالة والمصداقية للانتخابات القادمة، وإلا ستشهد الانتخابات مقاطعة من الشعب ومن قوى سياسية مهمة، وستقود لأزمة كبيرة للنظام السياسي برمته».
ورغم محاولة بعض الشخصيات المحسوبة على جماعات الحراك الاحتجاجي استثمار «انتفاضة تشرين»، عبر تأسيس تكتلات شبابية لخوض الانتخابات المقبلة، فإن أعداداً غير قليلة منهم يشككون بقدرة الحكومة على إجراء انتخابات نزيهة قبل أن تقوم بنزع سلاح الميليشيات المنفلتة، وبينهم من أعلن صراحة مقاطعته المبكرة للانتخابات.
ومن جهة أخرى، وقعت وزارة الداخلية العراقية ومفوضية الانتخابات المستقلة، أمس، اتفاقا ًمشتركاً بشأن آليات إنجاح الانتخابات المبكرة. وقالت الداخلية في بيان إن «وزير الداخلية عثمان الغانمي وقع اتفاقية تعاون مع رئيس مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جليل خلف عدنان». وذكرت أن الاتفاقية «تضمنت ثمانية بنود الهدف منها إنجاح هذه العملية الديمقراطية في البلاد». وأضافت الوزارة: «من بين هذه البنود أيضاً أن تتولى وزارة الداخلية، ومن خلال مديرياتها المنتشرة في عموم محافظات العراق، وبحسب الرقعة الجغرافية، تأمين الحماية اللازمة لمرافقة الفرق الجوالة بعجلة لتهيئة تسجيل وتوزيع بطاقات الناخبين».
وأشارت إلى أن الطرفين اتفقا على «إنشاء منظومة وسطية في وزارة الداخلية - مديرية شؤون البطاقة الوطنية تكون مشابهة للمنظومة الأم، تعمل على تنفيذ الارتباط التشاركي للبيانات بين وزارة الداخلية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وتهيئة وتدريب الكوادر الفنية التي ستدير عمل المنظومة بين الطرفين».
ولأول مرة منذ عام 2005، سيخوض العراقيون الانتخابات العامة طبقاً لقانون الانتخابات الجديد الذي يقسم البلاد إلى 83 دائرة انتخابية موزعة على جميع المحافظات، يفوز خلالها 322 نائباً بواقع (3-5) نواب عن كل دائرة، فيما سيكون عدد النساء عن كل محافظة بعدد دوائرها الانتخابية على الأقل. وللعاصمة بغداد حصة الأسد من الدوائر الانتخابية (بواقع 17 دائرة)، نظراً للكثافة السكانية فيها. وما زال توزيع الدوائر الانتخابية جغرافياً يواجه عدم قبول ورفض من بعض الجهات السياسية، رغم إقراره بالقانون في البرلمان، ومصادقة رئاسة الجمهورية عليه.



خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.