دعوات إلى وقف «التحريض» لإنجاح وقف النار في ليبيا

سياسيون يطالبون بقانون «يردع المخالفين» والحفاظ على الخطاب التصالحي

TT

دعوات إلى وقف «التحريض» لإنجاح وقف النار في ليبيا

يأمل كثير من الليبيين في توقف اللغة التحريضية المتبادلة بين شرق البلاد وغربها التي تعكسها «الأذرع الإعلامية» هناك، مثلما نجحت الجهود الأممية في توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين المتنازعين بالبلاد؛ لكنهم تخوفوا من أن تمسك بعض السياسيين والإعلاميين بأسماء مثل «حكومة غير شرعية»، وأخرى «مؤقتة» أو ترديد كلمة «المتمرد» من شأنها الإبقاء على نيران الخلاف متقدة بينهما.
بجانب ذلك «يتشكك البعض» في قدرة تعاطي بعض الميليشيات في طرابلس مع الحل السياسي، في ظل إقدام إحداها نهاية الأسبوع الماضي بخطف عدد من المواطنين من على متن طائرة قادمة من مطار بنينا ببنغازي، مما يراه البعض «تهديداً لأي عملية سياسية قد يتم الاتفاق عليها».
وطالبت الأمينة العامة لحزب «الجبهة الوطنية» فيروز النعاس، بإيجاد ما سمته «قوة ردع» للتصدي لمثل هذه التجاوزات: «وإلا بقي اتفاق جنيف وغدامس حبراً على ورق». وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر يحتاج لإيمان الجميع بإنهاء الصراع، وبأننا اقتربنا فعلياً من فكرة وجود دولة ليبية موحدة، خاضعة للقانون، يعلم فيها المخطئ والمحرض في أي وسيلة إعلامية بأنه سيعاقب». وأضافت: «من دون عقاب سيستمر الحال كما هو الآن. قد يلتزم بعض السياسيين بحديث معتدل لا يشعر أحد بتأثيره؛ لكن المتطرفين منهم يسيطرون على المنصات ووسائل الإعلام المختلفة من قنوات فضائية وصحف، لذا فإن الخطاب العدائي مستمر».
في السياق ذاته، أعربت عضو مجلس النواب الليبي، انتصار شنيب، عن تفاؤلها بقدرة كثير من السياسيين في البلاد «على ضبط مفردات لغتهم وخطابهم، مما ينعكس تدريجياً على لغة الإعلام والشارع، وإن كان ذلك قد يستغرق بعض الوقت»، بحسب قولها.
ورأت شنيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في حالة عدم الالتزام بما تم التوصل إليه في مؤتمر جنيف، فهناك إمكانية لتوصل أعضاء مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) لسن تشريع قانوني لضبط لغة الخطاب الإعلامي يتعرض مخالفوه لعقوبات رادعة»، داعية «الجهات التنفيذية في الجانبين إلى حث القنوات التلفزيونية على بث رسالة إعلامية تعلي من قيمة السلام».
وكانت لجنة «العشرة» انتهت إلى الاتفاق على ضرورة وضع حد للتحريض والتصعيد الإعلامي، ووقف خطاب الكراهية، وحثت السلطات القضائية على ضرورة اتخاذ الإجراءات الرادعة التي تكفل مساءلة القنوات الإعلامية، ومواقع التواصل الاجتماعي التي تبث خطاب الكراهية، وتحرض على العنف.
غير أن النعاس أكدت رفضها اعتبار «التذكير الإعلامي وتسليط الضوء على الجرائم التي ارتكبت» خلال فترة الحرب على طرابلس، خطاباً تحريضياً، لافتة إلى «قضية (المقابر الجماعية) التي عثر عليها في ترهونة في أعقاب انسحاب (الجيش الوطني) من المدينة، وتحقق منظمات أممية فيها».
وأعرب عضو مجلس النواب الليبي سعيد أمغيب، عن تخوفه من «احتمالية تفجير البعض بالغرب الليبي للمشهد التصالحي برمته»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «البعض في غرب البلاد يسعون لتسخير الإعلام في خدمتهم، ويكيلون الاتهامات للقيادات العسكرية بالشرق الليبي، ويحملونها مسؤولية ارتكاب الانتهاكات، دون انتظار لنتائج تحقيق البعثة الأممية حول تلك الانتهاكات مما قد يفسد الأمر». وتابع: «الميليشيات و(المرتزقة) وداعموهم بالخارج لم يتوقفوا منذ توقيع الاتفاق عن مهاجمته عبر شاشات المحطات الفضائية، وبالكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي، وباعتقادي سيقومون بشيء ما على الأرض لإعلان رفضهم له (الاتفاق)، وإفساد المشهد كونهم أكثر المتضررين»؛ لكن في المقابل رأى أمغيب النائب عن مدينة الكفرة بجنوب البلاد، أن «وسائل الإعلام بالمناطق الخاضعة لسيطرة (الجيش الوطني) والحكومة المؤقتة تتبنى خطاباً إعلامياً موضوعياً».
وأشار إلى أن «أغلب القوى السياسية بالشرق أعلنت تأييدها للاتفاق، مما يمهد لتبني الجميع هناك لخطاب يراعي ويعلي مصلحة الوطن، أملاً في تنفيذ الاتفاق بالكامل». واستكمل: «نتحدث عن الميليشيات المسلحة الإجرامية والخارجة عن القانون الموجودة بطرابلس والغرب عموماً، وهذه ظاهرة يقر بها وزراء حكومة (الوفاق) أنفسهم وفي مقدمتهم وزير الداخلية المفوض فتحي باشاغا، كما تحدثنا عما جلبته تركيا من مرتزقة سوريين لبلدنا، وهذا معروف للجميع؛ سواء الولايات المتحدة، أو البعثة الأممية والاتحاد الأوروبي».
وذهب الناشط المدني مدير منظمة «مبادرون» بطرابلس، محمد عبيد، إلى أن «توقف الدعم الخارجي المقدم لطرفي الصراع هو العامل الأهم لضمان نجاح الاتفاق الأخير، وخصوصاً على صعيده الإعلامي»، داعياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة إيجاد آلية تضمن التزام القنوات الفضائية التي تبث من خارج ليبيا بلغة المصالحة».
ولفت إلى أن «الإعلان عن عقوبات دولية محتملة قد تتخذ بحق أي جهة تعمل على خرق الاتفاق قد تكون مفيدة بدرجة كبيرة، ومع التزام السياسيين والإعلام تدريجياً يلتزم الشارع أيضاً، وينشط المجتمع المدني في الشرق والغرب ويقدم مبادرات لتعزيز المصالحة ولم الشمل».
ونوهت النعاس في نهاية حديثها إلى أن التصدي للخطاب التحريضي «لا يجب أن يقتصر على معالجة الأوضاع بين الشرق والغرب الليبي. يجب التطرق إلى لغة الخطاب العدائي بين المدن الليبية، وما ترتب عليه من شروخ كبيرة بالنسيج الاجتماعي تجب معالجتها من الآن، سواء عبر مضمون الوسائل الإعلامية من قنوات وصحف ومواقع إلكترونية أو مناهج تعليمية».



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.