«الأونروا» تحذر من «كارثة» في غزة ولبنان بسبب نقص الدعم المالي

امرأة فلسطينية ترفع العلم الفلسطيني خلال مظاهرة خارج مقر الـ«أونروا» في غزة احتجاجاً على تقليص المساعدات الغذائية للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية ترفع العلم الفلسطيني خلال مظاهرة خارج مقر الـ«أونروا» في غزة احتجاجاً على تقليص المساعدات الغذائية للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
TT

«الأونروا» تحذر من «كارثة» في غزة ولبنان بسبب نقص الدعم المالي

امرأة فلسطينية ترفع العلم الفلسطيني خلال مظاهرة خارج مقر الـ«أونروا» في غزة احتجاجاً على تقليص المساعدات الغذائية للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية ترفع العلم الفلسطيني خلال مظاهرة خارج مقر الـ«أونروا» في غزة احتجاجاً على تقليص المساعدات الغذائية للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)

حذّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» من أن «أسوأ أزمة مالية» في تاريخ وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا)، قد تؤدي إلى «كارثة» في قطاع غزة وتزيد من «انعدام الاستقرار» في لبنان.
تأسست وكالة الأونروا في عام 1949، وهي تدير مدارس وتقدم خدمات صحية ومساعدات مالية لنحو 5.7 مليون لاجئ فلسطيني.
وأعلن المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني الأسبوع الماضي، عن نقص في التمويل يقدر بسبعين مليون دولار، مما يعرض قدرتها على دفع رواتب الموظفين كاملة في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) للخطر.
ويؤثر نقص التمويل الحاصل على 28 ألف موظف معظمهم من اللاجئين، في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، وقطاع غزة ولبنان والأردن.
لكن عوامل عدة تزيد الوضع خطورة في قطاع غزة، حيث يعيش مليونا شخص، مع معدلات بطالة تزيد عن 50 في المائة وخفض السلطات لرواتب الموظفين في القطاع العام بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأكد لازاريني لوكالة الصحافة الفرنسية على أنه «ليس من مصلحة أحد تعليق عمل المدارس (...) وتعطل الخدمات الصحية (في غزة)، في الوقت الذي يصاب الناس فيه بالوباء».
وأضاف «ستكون كارثة كاملة».
تعتبر «الأونروا» الجهة الثانية المشغلة في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس، بعد السلطات المحلية، إذ يعمل معها نحو 13 ألف شخص.
وأوضح لازاريني «يعتمد هؤلاء السكان بشكل كامل على المساعدات الدولية»، محذراً من أن تعليق برامج الوكالة يمكن أن يعود بالأثر الاقتصادي والأمني «المدمر».
وأعرب المفوض العام لـ«الأونروا» عن مخاوفه من أن «يتكرر الأمر نفسه وبسهولة مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».
ويقيم أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، وبحسب المفوض العام فإن حقهم في العمل والتملك مقيد.
ويواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975 - 1990)، وارتفاع لمعدلات الفقر والبطالة.
وقال لازاريني إن الوضع «مخيف» في جميع أنحاء البلاد لكنه أسوأ في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً أن 80 إلى 90 في المائة منهم يعتمدون على الوكالة في الحصول على المساعدات.
وحذر لازاريني من أن تعليق برامج مساعدات الوكالة في لبنان قد يكون «مصدراً جديداً لانعدام الاستقرار».
وقال لازاريني: «نحن في وقت يتوقع فيه الناس أن تقدم الأونروا المزيد»، لكنها «تواجه في هذا الوقت أسوأ أزمة مالية في تاريخها».
عُين لازاريني في منصبه في مارس (آذار) الماضي، بعدما أضطر سلفه إلى الاستقالة أواخر العام الماضي بسبب اتهامات بسوء الإدارة دفعت المانحين الرئيسيين إلى وقف دعمهم.
وتفاقمت المشاكل المالية للوكالة بعدما قطع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساهمة الولايات المتحدة لـ«أونروا» بالكامل في عام 2018.
وكانت واشنطن قبل ذلك، تقدم أكثر من 300 مليون دولار سنوياً، أي تقريباً ثلث الميزانية السنوية الأساسية للوكالة.
العام الماضي، تمكنت نحو 40 دولة من سد الفجوة، قبل أن تتضاءل المساهمات لاحقاً، وخصوصاً بعد انتشار فيروس كورونا الذي ألحق خسائر مالية بالدول المانحة.
ويعلق بعض الفلسطينيين والعاملين في المجال الإنساني آمالهم على الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لإعادة ضخ الأموال في خزائن الـ«أونروا».
وأكد المفوض العام لـ«أونروا» أن «كل الرسائل تشير إلى أنه ستكون هناك رغبة في استعادة الشراكة طويلة الأمد بين الإدارة الأميركية والأنروا».
لكن ثمة حاجة إلى مناقشة كيف ومتى يمكن أن يترجم هذا إلى إجراءات ملموسة، بمجرد تولي الإدارة الأميركية المقبلة.
وستحاول الوكالة حتى يناير (كانون الثاني)، حث المانحين المنهكين على تغطية النقص حتى نهاية العام الحالي.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي فلسطينيون يجمعون الطعام المتبرع به في مركز توزيع أغذية في دير البلح وسط قطاع غزة، 2 يناير 2025 (أ.ب)

برنامج الأغذية العالمي يندد بهجوم إسرائيلي على قافلة له في غزة

قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، إن قوات إسرائيلية فتحت النار على قافلة تابعة له في غزة أمس الأحد في واقعة وصفها بأنها «مروعة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

الأمم المتحدة: أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى المساعدة

قالت الأمم المتحدة الاثنين إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهرا من الحرب المدمرة.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف إسرائيلي على مستشفى الوفاء وسط الحرب بقطاع غزة (رويترز)

الأمم المتحدة: الهجمات الإسرائيلية على مستشفيات غزة قد تشكل جرائم حرب

كشفت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم (الثلاثاء) أن الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات في قطاع غزة قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».