لم يكن التراجع الطفيف الذي سجله عدد الإصابات بـ«كورونا» في معظم البلدان الأوروبية كافياً لبعث التفاؤل بقرب انحسار الموجة الثانية للوباء؛ فقد حذّر كبير الوبائيين الإيطاليين، آندريا كريزانتي، الذي يعتبر مرجعاً عالمياً في العلوم الوبائية، من الإفراط في التفاؤل بعودة سريعة إلى الحياة الطبيعية في ضوء الأنباء المتداولة عن اللقاحات التي قال إنها لا تزال لم تجب على أسئلة كثيرة حول فعاليتها ومدة هذه الفعالية، بحيث تعود دورة الحياة إلى طبيعتها. وأضاف أن تدابير الإقفال الجزئي الموزّعة على المناطق ليست كافية، وأنه لا بد من الإقفال العام لأسبوعين أو ثلاثة تحاشياً لموجة ثالثة للوباء مطلع العام المقبل.
وفيما أعلنت الوكالة الأوروبية للأدوية أنها تتوقّع المباشرة في توزيع الدفعات الأولى من اللقاحات مطلع العام المقبل، أشار بعض الاختصاصيين إلى عقبات لوجيستية تتعلق بلقاح شركة «فايزر» من حيث إجراءات نقله وحفظه وتوزيعه التي تتطلب معدات ومهارات ليست متوفرة بالقدر الكافي حالياً في معظم البلدان الأوروبية.
كما يعترف خبراء الوكالة بأنه لو كان اللقاح جاهزاً اليوم، فإن غالبية الدول لا تملك القدرة على حفظه في المستشفيات، مما جعل المفوضية الأوروبية تحضّ الدول الأعضاء على الإسراع في إنجاز خطط توزيع اللقاحات وتجهيز المنشآت اللازمة لها. وترددت أنباء بأن يوزّع لقاح «فايزر» بسعر 15 يورو للجرعة الواحدة، مقابل 2.5 يورو للقاحات أخرى.
في غضون ذلك، كانت النمسا أول دولة في أوروبا تعلن عن الإقفال العام (الاجتماعي والتجاري) اعتباراً من غد الثلاثاء حتى نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل، فيما كان وزير الاقتصاد الألماني يصرح بأن تدابير الإقفال الجزئي والمؤقت يجب أن تبقى سارية لفترة لا تقل عن خمسة أشهر، موضحاً أن التراخي في تطبيقها سيؤدي إلى خسارة المعركة ضد الفيروس.
وبعد أن تصدّرت النمسا ترتيب الدول الأوروبية من حيث معدل الإصابات اليومية مقارنة بعدد السكان، قال المستشار سيباستيان كورتز لدى إعلانه قرار الإقفال العام إن «هذه هي الوسيلة الوحيدة لاحتواء الوباء، ولا يوجد بديل آخر في الوقت الحاضر». وفي إسبانيا أعلنت السلطات الإقليمية الكاتالونية فرض تدابير الإقفال في عدد من البلدات والمدن الصغيرة في محيط برشلونة التي تخضع هي الأخرى للإقفال منذ أسبوعين. لكن العاصمة مدريد استأنفت بعض الأنشطة التجارية وحركة التنقّل بعد التراجع الذي سجلته الإصابات خلال الأيام الماضية.
وطالبت نقابة الأطباء الإسبانة أمس بإقالة فرناندو سيمون مدير الطوارئ الصحية الذي يشرف على الهيئة العلمية التي شكلتها الحكومة لإدارة الجائحة، بعد تعرضه على مدى أشهر لانتقادات شديدة من الأوساط العلمية بسبب سوء إدارة الأزمة. وأفاد استطلاع نُشرت نتائجه وسائل الإعلام الإسبانية أمس بأن 73 في المائة من السكان مستعدون للتضحية وتحمل المزيد من الخسائر المادية مقابل الحفاظ على الصحة، إذا اقتضى الوضع العودة إلى الإقفال العام مرة أخرى. كما قالت وزارة الصحة إن الجائحة قد خفّضت متوسط العمر 14 شهراً، وإن تداعياتها على الصحة النفسيّة قد تستمرّ لفترة لا تقلّ عن عشر سنوات.
وفي إيطاليا التي سجّلت تراجعاً طفيفاً في عدد الإصابات اليومية والتي أفاقت أمس على توسعة «المناطق الحمراء» لتشمل إقليمي توسكانة وكامبانيا، قال وزير الصحة روبرتو سبيرانزا: «علينا أن نكون واقعيين، فمن المستحيل أن نحتفل بأعياد نهاية السنة كالمعتاد وأرقام الوفيات اليومية تتجاوز 600».
وكانت روما من المدن الإيطالية القليلة جداً التي لم تُدرَج بعد على قائمة «المناطق الحمراء» وتشهد حركة شبه عادية، لكن مع إقفال المقاهي والمطاعم بعد الساعة السادسة مساء وحظر التجول ليلاً. كما بدأت مستشفياتها تواجه صعوبة في استقبال المرضى الوافدين من المدن الأخرى مثل نابولي التي أصبحت البؤرة الرئيسية لانتشار الوباء في إيطاليا بعد أن كانت أقل المدن تضرّراً خلال الموجة الأولى.
ومع تفاقم المشهد الوبائي في أوروبا والتوقعات بمزيد من الانهيارات الاقتصادية، دعا رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي إلى شطب كل الديون التي راكمتها الحكومات الأوروبية بسبب من الجائحة.
أوروبا تحذّر من الإفراط في التفاؤل أمام تراجع الإصابات
خبراء يشيرون إلى عقبات لوجيستية في نقل لقاح «فايزر» وحفظه
أوروبا تحذّر من الإفراط في التفاؤل أمام تراجع الإصابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة