أوروبا تحذّر من الإفراط في التفاؤل أمام تراجع الإصابات

خبراء يشيرون إلى عقبات لوجيستية في نقل لقاح «فايزر» وحفظه

إسبانية في مدريد تضع كمامة كتب عليها «الرعاية الصحية العامة» (رويترز)
إسبانية في مدريد تضع كمامة كتب عليها «الرعاية الصحية العامة» (رويترز)
TT

أوروبا تحذّر من الإفراط في التفاؤل أمام تراجع الإصابات

إسبانية في مدريد تضع كمامة كتب عليها «الرعاية الصحية العامة» (رويترز)
إسبانية في مدريد تضع كمامة كتب عليها «الرعاية الصحية العامة» (رويترز)

لم يكن التراجع الطفيف الذي سجله عدد الإصابات بـ«كورونا» في معظم البلدان الأوروبية كافياً لبعث التفاؤل بقرب انحسار الموجة الثانية للوباء؛ فقد حذّر كبير الوبائيين الإيطاليين، آندريا كريزانتي، الذي يعتبر مرجعاً عالمياً في العلوم الوبائية، من الإفراط في التفاؤل بعودة سريعة إلى الحياة الطبيعية في ضوء الأنباء المتداولة عن اللقاحات التي قال إنها لا تزال لم تجب على أسئلة كثيرة حول فعاليتها ومدة هذه الفعالية، بحيث تعود دورة الحياة إلى طبيعتها. وأضاف أن تدابير الإقفال الجزئي الموزّعة على المناطق ليست كافية، وأنه لا بد من الإقفال العام لأسبوعين أو ثلاثة تحاشياً لموجة ثالثة للوباء مطلع العام المقبل.
وفيما أعلنت الوكالة الأوروبية للأدوية أنها تتوقّع المباشرة في توزيع الدفعات الأولى من اللقاحات مطلع العام المقبل، أشار بعض الاختصاصيين إلى عقبات لوجيستية تتعلق بلقاح شركة «فايزر» من حيث إجراءات نقله وحفظه وتوزيعه التي تتطلب معدات ومهارات ليست متوفرة بالقدر الكافي حالياً في معظم البلدان الأوروبية.
كما يعترف خبراء الوكالة بأنه لو كان اللقاح جاهزاً اليوم، فإن غالبية الدول لا تملك القدرة على حفظه في المستشفيات، مما جعل المفوضية الأوروبية تحضّ الدول الأعضاء على الإسراع في إنجاز خطط توزيع اللقاحات وتجهيز المنشآت اللازمة لها. وترددت أنباء بأن يوزّع لقاح «فايزر» بسعر 15 يورو للجرعة الواحدة، مقابل 2.5 يورو للقاحات أخرى.
في غضون ذلك، كانت النمسا أول دولة في أوروبا تعلن عن الإقفال العام (الاجتماعي والتجاري) اعتباراً من غد الثلاثاء حتى نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل، فيما كان وزير الاقتصاد الألماني يصرح بأن تدابير الإقفال الجزئي والمؤقت يجب أن تبقى سارية لفترة لا تقل عن خمسة أشهر، موضحاً أن التراخي في تطبيقها سيؤدي إلى خسارة المعركة ضد الفيروس.
وبعد أن تصدّرت النمسا ترتيب الدول الأوروبية من حيث معدل الإصابات اليومية مقارنة بعدد السكان، قال المستشار سيباستيان كورتز لدى إعلانه قرار الإقفال العام إن «هذه هي الوسيلة الوحيدة لاحتواء الوباء، ولا يوجد بديل آخر في الوقت الحاضر». وفي إسبانيا أعلنت السلطات الإقليمية الكاتالونية فرض تدابير الإقفال في عدد من البلدات والمدن الصغيرة في محيط برشلونة التي تخضع هي الأخرى للإقفال منذ أسبوعين. لكن العاصمة مدريد استأنفت بعض الأنشطة التجارية وحركة التنقّل بعد التراجع الذي سجلته الإصابات خلال الأيام الماضية.
وطالبت نقابة الأطباء الإسبانة أمس بإقالة فرناندو سيمون مدير الطوارئ الصحية الذي يشرف على الهيئة العلمية التي شكلتها الحكومة لإدارة الجائحة، بعد تعرضه على مدى أشهر لانتقادات شديدة من الأوساط العلمية بسبب سوء إدارة الأزمة. وأفاد استطلاع نُشرت نتائجه وسائل الإعلام الإسبانية أمس بأن 73 في المائة من السكان مستعدون للتضحية وتحمل المزيد من الخسائر المادية مقابل الحفاظ على الصحة، إذا اقتضى الوضع العودة إلى الإقفال العام مرة أخرى. كما قالت وزارة الصحة إن الجائحة قد خفّضت متوسط العمر 14 شهراً، وإن تداعياتها على الصحة النفسيّة قد تستمرّ لفترة لا تقلّ عن عشر سنوات.
وفي إيطاليا التي سجّلت تراجعاً طفيفاً في عدد الإصابات اليومية والتي أفاقت أمس على توسعة «المناطق الحمراء» لتشمل إقليمي توسكانة وكامبانيا، قال وزير الصحة روبرتو سبيرانزا: «علينا أن نكون واقعيين، فمن المستحيل أن نحتفل بأعياد نهاية السنة كالمعتاد وأرقام الوفيات اليومية تتجاوز 600».
وكانت روما من المدن الإيطالية القليلة جداً التي لم تُدرَج بعد على قائمة «المناطق الحمراء» وتشهد حركة شبه عادية، لكن مع إقفال المقاهي والمطاعم بعد الساعة السادسة مساء وحظر التجول ليلاً. كما بدأت مستشفياتها تواجه صعوبة في استقبال المرضى الوافدين من المدن الأخرى مثل نابولي التي أصبحت البؤرة الرئيسية لانتشار الوباء في إيطاليا بعد أن كانت أقل المدن تضرّراً خلال الموجة الأولى.
ومع تفاقم المشهد الوبائي في أوروبا والتوقعات بمزيد من الانهيارات الاقتصادية، دعا رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي إلى شطب كل الديون التي راكمتها الحكومات الأوروبية بسبب من الجائحة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».