أسطورة ميراث الأجداد في مرآة السرد

أحمد القرملاوي في روايته «ورثة آل الشيخ»

أسطورة ميراث الأجداد في مرآة السرد
TT

أسطورة ميراث الأجداد في مرآة السرد

أسطورة ميراث الأجداد في مرآة السرد

تستعيد رواية «ورثة آل الشيخ» للكاتب الروائي المصري أحمد القرملاوي، وهج الأساطير المرتبطة بالكنوز المخبوءة في باطن الأرض، وما تفرضه من طبيعة خاصة، تتجسد في طرق حراستها، ونداءاتها المكتومة التي قد تُنذر بالشر لمن يقترب منها، أو يحاول هتك أسرارها.
تقود حكاية بملامح أسطورية دفة الأحداث والسرد، وذلك عبر زمنية مُترامية الضفاف، مُتمثلة في نبوءة عن قرد حارس لكنز قابع منذ دهر في أعماق أرض بيت العائلة، لن يستطيع العثور عليه سوى أحد أبناء عائلة البطل الراوي، لتتداخل خيوط الواقع والخيال منذ العتبة التمهيدية الأولى للرواية، الصادرة أخيراً عن الدار المصرية اللبنانية، حيث يجد البطل في تاريخ عائلته مناهل إلهام شتى تقوده لكتابة رواية عنها، يسعفه في ذلك شغفه المُبكر بالكتابة القصصية، وعين مشدودة لتفاصيل الدهشة، وفضول كبير أتاحته له سيرة عائلته المُتحدرة من سلالة جده الأكبر «الشيخ» الذي كان شيخ الأزهر وقت الحملة الفرنسية على مصر، ويعثر في رحلة كتابته على عشرات الحكايات الحميمية والعجيبة في آن واحد، لبشر من لحم ودم تجمعهم به شجرة عائلة واحدة متجذرة في أعماق الأرض.

مفتاح الأسطورة
يجد البطل في حكايات العائلة التي ينتمي لها أسباباً للتشبث تُنازع مشاعره بالرغبة في الهجرة، في مقاومة تستمر على مدار السرد بين نوستالجيا الجذور ووعود البدايات الجديدة، يسمع كسائر أبناء العائلة عن الحكاية الأشهر التي تتداولها الأجيال على طريقة حكايات «ألف ليلة وليلة» عن «كنز مفقود من أيام الشيخ، جدنا الكبير... سبع زلعات (جرار) من الفخار، مسدودة الأفواه بقش ذهبي، مملوءة حتى فمها بجنيهات الذهب... يحرسها قرد أجرب منحول الشعر، حتى يكتشفها سابع المحمدات»، لتدور رحى الحكاية بين أبناء العمومة عن كنز سيخضع ذات يوم لابن من أبناء العائلة يُدعى «محمد»، كأنه يجسد بدوره مفتاح الأسطورة والكنز معاً. ويتفتح وعي البطل على عائلة يحمل كل الإخوة بها من أعمامه اسم «محمد»، ليُعيد سؤال الأبناء عن سر هذا التكرار في التسمية، وفي كل مرة ينبعث سحر الحكاية من جديد ومعها أسطورة القرد وكنزه، وشرود يتكرر عبر السنوات عمن قد يكون هو ذاته «محمد» الموعود، الذي سيخضع له الكنز ومفتاح الأسطورة «كم جيل سيمضي حتى نكتشف الكنز؟».
تفقد الحكاية عبر السنوات بريقها وأسطوريتها، ليستعيدها بطل الرواية الذي يجد نفسه في غمرة كتابة رواية عنها، يقتفي آثارها عبر شذرات من حكايات الأب، وتتبع صور العائلة وألبوماتها القديمة، بعين متلصصة محمومة بالحكايات في محاولة لتلمس هذا الحضور الذي غيبه رحيل الأجيال على دُفعات من الزمن، والوصول لمنبت تلك الحكاية الأسطورية «كنت وحدي المهووس بأصل الحكاية، أتلمس منبتها في أفواه الكبار، أتساءل عمن أوجدها من العدم، قيل حُلم، وقيل رؤيا تُشارف الغيب».
يضع الكاتب في صدر الرواية واقعة عرض بيت الجد للبيع كأحد ركائز السرد، ومن خلاله يقود حواراً مفتوحاً على براح الزمن وتحولاته وآثاره على المكان وأصحابه: «بيت البلدة البعيدة، المهجور منذ سنوات لم نعد نُحصيها، وبرج الحمام الذي صار وكراً للبومات والحيات». إنها مفردات بيت الجد الذي جف من هواء الأبناء، وهُجر لسنوات ومعه أسطورة القرد، يستدعيها أحد أبناء العمومة مع خبر عرض البيت للبيع، ويتعجب الجيل الجديد من قدرة الحكاية على التحليق رغم ذهاب الجد وتحول بيته المهجر إلى مجرد ذكرى وطلل لماض بعيد، لكنه عصي على مغادرة مُخيلة عائلة آل الشيخ: «ومن ينساها، هل أرعبتنا وأرقتنا حكاية مثلها؟».

مرايا الميراث
تجعل الرواية، التي تقع في 278 صفحة، من فكرة الميراث ثيمة منفتحة على الكثير من المشاهدات والأسئلة، بداية من صيغتها المباشرة التي تجمع العائلة في انتظار مصير ميراث الجد المُعلق، مروراً برمزيات الميراث التي تتشكل في تفاصيل ملامح الأبناء والجدود، ومرايا أرواحهم، وإشكالياتهم الذاتية، مروراً بوقع الميراث الأقرب لفعل الحصاد: «جيل يحصد ما أنتجه السلف. نحن الجيل الحاصد يا أبتاه نحصد كل شيء، ليس المال فقط، ولا الأرض، ولا البيوت، بل الهزيمة، وغمامات الأعين، والهتاف الضائع في الفراغات. حتى الجينات نحصدها، والدماء المسممة بهوس البحث عن الكنوز، عن الوعود الجسام، عن المذنبات الضائعة في الفضاء، والأيام تحملنا كما عربة قطار، نشعر داخلها باستقرار نسبي، بعض الخضخضة ربما، الاهتزاز، هذا كل شيء... بعض الروائح النتنة بين الحين والآخر، أو الصدمات العابرة، لكن ثمة بطء وسكون يسمح لنا بالبحث في دورات المياه الآسنة، وأسفل المقاعد المخلعة، علنا نجد الكنز مختبئاً هنا، أو هناك».
ومن ثم، تبرز الحركة، والسكون، والرحيل، تتسرب عبر السرد وتنميه عبر دينامكيات يعج بها النص الروائي في طور تنقيب البطل عن الكنز أو التشبث بظل الأسطورة ونثارها الغامض الموحي كسبب للتشبث بالحياة، وتلمس أحلامه الخاصة في أحلام من سكنوا الأرض، محاولاً القفز بوجودهم الأول إلى سطح الحكاية، نافذاً إلى أعماقها، لتتراءى له انعكاسات وجوه العائلة وحضور أجيالها بملامحهم وصورهم الخاصة في مخطوطة روايته، التي كأنما اغترف أحداثها من كوة سحرية للتاريخ حيث القدر يختبئ خلف الزوايا، وخلف جذوع الشجر، لتصير روايته نصا موازياً مُعاصراً للغز الكنز، يقوده لمصائر أكثر غرائبية من حكاية القرد، وتتركه في قبضة أسئلة وتداعيات، كأن الذات محض أثر مترامي الأبعاد، أو رحلة لا نهائية في الزمن وميراث الحياة.



ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

حصلت الممثلة ديمي مور على جائزة «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في فئة الأفلام الغنائية والكوميدية عن دورها في فيلم «ذا سابستانس» الذي يدور حول ممثلة يخفت نجمها تسعى إلى تجديد شبابها.

وقالت مور وهي تحمل الجائزة على المسرح: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا (ممارسة التمثيل) لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الممثلة ديمي مور في مشهد من فيلم «ذا سابستانس» (أ.ب)

تغلبت الممثلة البالغة من العمر 62 عاماً على إيمي آدمز، وسينثيا إيريفو، ومايكي ماديسون، وكارلا صوفيا جاسكون وزندايا لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي، وهي الفئة التي كانت تعدّ تنافسية للغاية.

وقالت مور في خطاب قبولها للجائزة: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة وأنا متواضعة للغاية وممتنة للغاية».

اشتهرت مور، التي بدأت مسيرتها المهنية في التمثيل في أوائل الثمانينات، بأفلام مثل «نار القديس إلمو»، و«الشبح»، و«عرض غير لائق» و«التعري».

وبدت مور مندهشة بشكل واضح من فوزها، وقالت إن أحد المنتجين أخبرها ذات مرة قبل 30 عاماً أنها «ممثلة فشار» أي «تسلية».

ديمي مور تحضر حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت مور: «في ذلك الوقت، كنت أقصد بذلك أن هذا ليس شيئاً مسموحاً لي به، وأنني أستطيع تقديم أفلام ناجحة، وتحقق الكثير من المال، لكن لا يمكن الاعتراف بي».

«لقد صدقت ذلك؛ وقد أدى ذلك إلى تآكلي بمرور الوقت إلى الحد الذي جعلني أعتقد قبل بضع سنوات أن هذا ربما كان هو الحال، أو ربما كنت مكتملة، أو ربما فعلت ما كان من المفترض أن أفعله».

وقالت مور، التي رُشّحت مرتين لجائزة «غولدن غلوب» في التسعينات، إنها تلقت سيناريو فيلم «المادة» عندما كانت في «نقطة منخفضة».

وأضافت: «لقد أخبرني الكون أنك لم تنته بعد»، موجهة شكرها إلى الكاتبة والمخرجة كورالي فارغيت والممثلة المشاركة مارغريت كوالي. وفي الفيلم، تلعب مور دور مدربة لياقة بدنية متقدمة في السن على شاشة التلفزيون تلتحق بنظام طبي غامض يعدها بخلق نسخة مثالية من نفسها.