فهد المبارك وحكاية «الشربا» الموثوق

يكتنز خبرات السنين في السياسات النقدية وتطوير الصناعة المالية

الشربا السعودي د. فهد المبارك (الشرق الأوسط)
الشربا السعودي د. فهد المبارك (الشرق الأوسط)
TT

فهد المبارك وحكاية «الشربا» الموثوق

الشربا السعودي د. فهد المبارك (الشرق الأوسط)
الشربا السعودي د. فهد المبارك (الشرق الأوسط)

في وقت اختارت فيه الدكتور فهد المبارك ممثلاً للسعودية فيما يتعارف عليه «الشربا»، ساهمت رئاسة المملكة لمجموعة العشرين في تسليط الضوء على المعبر الرسمي الذي تعارفت عليه أوساط تجمعات الدول العشرين الكبرى لممثلي القادة بمصطلح «الشربا»، الذي حير الكثيرين إلى ماذا يشير وما معناه.
و«شربا السعودية» في العشرين، هو كفاءة سعودية، إذ تسنم المبارك مسؤوليات كبرى في الاقتصاد السعودي، فبعد خبرات تراكمية من خلال عقدين من الزمن في القطاع الخاص، حاز ثقة الحكومة في تولي حقائب أجهزة اقتصادية مهمة، حيث ساهم في أنظمة تطوير السوق المالية للبلاد، وأدار البنك المركزي والسياسات النقدية لسنوات، واختير عضواً لمجلس الشورى في المملكة. وتنطلق إشكالية المصطلح «الشربا»، الذي ارتبط بالدكتور المبارك، في أنه ليس كلمة تختصر مجموعة عبارات أو مسمى طويلاً، كما جرت العادة لاختصار الحروف الأولى لمجموعة كلمات تمثل مسمى رسمياً لجهة أو منظمة ما، ولا لأنها مفردة متداولة في أروقة المهنيين، بل هي الكلمة التي تم اختيارها لتشير إلى ممثلي قادة الدول الأعضاء لأكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وتتفرع منها إلى ممثلي مجموعات التواصل الثماني: الأعمال، المجتمع الحضري، الشباب، الفكر، الصحة، المرأة، والمجتمعات، والعلوم، إذ لدى كل واحدة منها ممثل رسمي يدعى «شربا» المجموعة.

- مصطلح «الشربا»
من «الشربا» البداية، خلصت اجتهادات تفسيرات المعاني لكلمة «شربا» إلى أنه «المبعوث الموثوق» أو «الدليل إلى القمة»، حيث يعبر عن المبعوث الدبلوماسي الممثل لقادة حكومة بلاده في التحضير للمفاوضات والاتفاقيات الرئيسية قبيل انعقاد القمم الدولية، حيث ظهر بالتحديد، بشكل غير منتظم، في قمم مجموعة الدول الصناعية السبع والمؤتمرات التابعة لها، ليمتد إلى قمة مجموعة العشرين وقمة الدول الصناعية السبع، ليستخدم في التجمع الذي ينعقد بمشاركة رؤساء الدول. ويهدف اعتماد الدول على المبعوث الموثوق «شربا» لتوفير الوقت والتمهيد للمفاوضات بين رؤساء الدول في القمة المنعقدة، وتقتصر مهامه على التفاوض والتحضير. وترجع مصادر - متداولة غير رسمية - تاريخ استخدام المصطلح لأول مرة إلى عام 2005 عندما تم إطلاق المصطلح ممثلاً للمجموعات الفرعية، تحديداً للفريق رفيع المستوى المعني بـ«القدرة التنافسية» لصناعة المواد الكيميائية في الاتحاد الأوروبي.

- أصل المصطلح
لا يعلم الكثير أن أصل المصطلح له حكاية أخرى، ومنبعه دولة فقيرة قابعة في جنوب شرقي آسيا، إذ تورد مصادر تابعة لمنظمات دولية ومطبوعات عالمية، أن كلمة «شربا» هي جماعة نيبالية مهمتها حماية جبال الهمالايا وقيادة المتسلقين للوصول إلى قمم الجبل، ومن هنا استخدم المصطلح إشارة إلى الدور الذي يقوم به مبعوث الحكومات «شربا» في تهيئة القمة النهائية والتحضير لها.
وتذكر المصادر التي أوردها موقع «ويكيبيديا»، أنه غالباً لدى كل دولة مشاركة في قمة دولية فريق «شربا» متخصص في الشؤون الخارجية والمالية، حيث يبدأ دور الفريق عندما يقوم قائد الدولة المستضيفة بدعوة ممثلين عن الدول الأعضاء في القمة، للمشاركة في وضع جدول الأعمال والاقتراحات والقضايا الواجب طرحها، إلى جانب حضور الاجتماعات والجلسات مع نظيره في الدول الأعضاء المشاركة، والتحضير للمفاوضات وإعداد بيانات القادة. وقبل انعقاد القمة، يقوم «الشربا» برفع التقارير لرئيس الدولة التي توضح الوضع القائم للمفاوضات والاتفاقيات والمواضيع المطروحة.
ويميل لهذه المهام والتعريف، «شربا» مجموعة الأعمال في العشرين والأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات «جيبكا» الدكتور عبد الوهاب السعدون، حيث أشار إلى استخدام المصطلح خلال لقاء افتراضي بعنوان: «مجموعة تواصل الأعمال: دورها وأهدافها» عقده مركز التواصل والمعرفة المالية التابع لوزارة المالية أغسطس (آب) الماضي. وقال السعدون: «(الشربا) مصطلح استخدم اقتباساً من عبارة تعني الدليل الذي يقود إلى الرحلات الاستكشافية في جبال الهمالايا، ومن هنا هو عبارة عن قائد الفريق في الطريق للوصول إلى القمة».

- «الشربا» السعودي
بالعودة إلى «شربا» السعودية، فالدكتور فهد المبارك يتكنز خبرات السنين في السياسات النقدية، وتطوير الصناعة المالية، مدعوماً بمؤهلات علمية وخبرات عملية طويلة جعلت منه «شربا» مجموعة العشرين ممثلاً عن المملكة. وتشير سيرته الذاتية إلى أنه كان عضواً لمجلس إدارة الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، فيما شغل منصب مستشار في الديوان الملكي، والأمين العام في الأمانة السعودية لمجموعة العشرين.
وقبل ذلك تولى فهد المبارك منصب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي خلال الفترة لقرابة 6 سنوات (2011 - 2016)، كما شغل منصب عضو مجلس الشورى خلال الفترة من 1999 وحتى عام 2005، تسلم خلالها أيضاً رئاسة مجلس إدارة شركة السوق المالية «تداول» خلال الفترة بين 2003 و2011.
وكان قبل ذلك عضواً في مجلس إدارة شركة الاتصالات السعودية في الفترة من 1998 وحتى 2003، ورئيس مجلس إدارة شركة «مورغان ستانلي السعودية» (2005 - 2011)، وعضو مجلس إدارة شركة مجموعة «الملز» المالية (2000 - 2002). وعمل الدكتور فهد مديراً عاماً لشركة «رنا للاستثمار» من 1992 وحتى 2000، وعضو مجلس إدارة «العالمية للتأمين» بين 1996 و1997.
وفي ميدان الأكاديميا، يحمل المبارك درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال منذ عام 1991 من جامعة هيوستن بالولايات المتحدة الأميركية. كما حصل على 3 شهادات ماجستير في تخصصات المحاسبة المالية والضرائب، وإدارة الأعمال، من الجامعة نفسها في عامي 1989 و1990 على التوالي.
كما حاز الدكتور المبارك على درجة الماجستير في الهندسة الصناعية من جامعة «ساوثرن ميثوديست» في الولايات المتحدة في عام 1982، وذلك بعد أن حاز على البكالوريوس في الهندسة المدنية من الجامعة نفسها في عام 1981.


مقالات ذات صلة

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.