عباس يعلن موافقته على انسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة

طالب بوجود «الناتو» واقترح حلا للسلام من أربعة بنود

فلسطينية تنتحب بينما يحاول آخران مساعدتها بعدما هدمت رافعات إسرائيلية منزلها في القدس الذي عدته البلدية غير مرخص (أ.ف.ب)
فلسطينية تنتحب بينما يحاول آخران مساعدتها بعدما هدمت رافعات إسرائيلية منزلها في القدس الذي عدته البلدية غير مرخص (أ.ف.ب)
TT

عباس يعلن موافقته على انسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة

فلسطينية تنتحب بينما يحاول آخران مساعدتها بعدما هدمت رافعات إسرائيلية منزلها في القدس الذي عدته البلدية غير مرخص (أ.ف.ب)
فلسطينية تنتحب بينما يحاول آخران مساعدتها بعدما هدمت رافعات إسرائيلية منزلها في القدس الذي عدته البلدية غير مرخص (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إنه «يوافق على انسحاب إسرائيلي تدريجي من الأراضي الفلسطينية يستمر نحو ثلاث سنوات بوجود قوات دولية قبل وأثناء وبعد الانسحاب».
وحدد عباس في مقابلة بثها موقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، وستبث هذا الأسبوع في إطار المؤتمر السنوي لمعهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل، أربعة شروط لصنع السلام الدائم. وقال: «المطلوب تثبيت رؤية الدولتين، دولة إسرائيلية تعيش بجانبها دولة فلسطينية على حدود 67، والبند الثاني: أن تكون عاصمتها القدس وأن تكون مدينة مفتوحة لكل الأديان وترتيبات بين البلدين، وثالثا: أن تكون الحدود ممسوكة من قبل الفلسطينيين وليس من قبل الجيش الإسرائيلي في أي موقع، ورابعا: موضوع اللاجئين، إذ يبحث على أساس المبادرة العربية للسلام والتي تقول حل عادل ومتفق عليه مع إسرائيل حسب القرار 194». وأضاف عباس: «إذا وجدت هذه العناصر في الحل أعتقد أنه سيكون حلا مقبولا ودائما ومشروعا».
وعد عباس هذا الحل فرصة لا تتكرر بالنسبة للإسرائيليين، وتوجه لهم بالقول: إن «الترتيب المقترح هو فرصة بالنسبة لكم». وأضاف: «الاتفاق سينطبق على الضفة وغزة وبينهما ممر آمن وهذه فرصة لكم أن نعقد اتفاق سلام وقد لا تتكرر».
وتابع: «هذا الحل سيأتي لإسرائيل باعتراف 57 دولة عربية وإسلامية اعترافا رسميا وصريحا، وأرجو أن يفهم الشعب الإسرائيلي ما يعني أن يكون في محيط سلام من موريتانيا حتى إندونيسيا بدلا من أن يكون في جزيرة سلام».
وردا على انتقادات إسرائيلية بأنه لا يمثل كل الفلسطينيين، قال عباس: «نحن نتكلم باسم الشعب الفلسطيني كله في الضفة وغزة ومناطق الشتات أينما كان». وأضاف: «ثمة اتفاق رسمي خطي بيننا وبين حماس، يوافقون على المفاوضات التي نجريها على حدود 1967، ويوافقون معنا على وجود مقاومة شعبية سلمية، وأيضا على أن نشكل حكومة تكنوقراط ونجري انتخابات. حماس ليست مشكلة اتركوها لنا».
ورفض عباس انسحابا إسرائيليا طويل الأمد من الضفة الغربية ومنطقة الأغوار. وقال: «من يقترح 10 سنوات و15 سنة لا يريد أن ينسحب، نحن نقول في مدة معقولة لا تزيد على ثلاث سنوات أن تنسحب إسرائيل تدريجيا ولا مانع لدينا أن يكون هناك طرف ثالث، قبل وأثناء وبعد انسحاب إسرائيل ليطمئن الإسرائيليون ويطمئنا على أن الأمور ستكون على ما يرام، ونعتقد أن (حلف شمال الأطلسي) الناتو هو الطرف المناسب لمثل هذه المهمة».
وتطرق عباس إلى عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مؤكدا أنها تعمل على منع تهريب أسلحة ومنع استخدامها في الأراضي الفلسطينية وفي إسرائيل. وقال: «هذا شغلهم الشاغل الذي تنفذه الأجهزة الأمنية ولا أخفي سرا، هذا يجري بالتعاون الكامل بيننا وبين الأجهزة الإسرائيلية والأميركية، وأريد أن أقول إن كل الأسلحة التي نضع أيدينا عليها، كلها مهربة عبر الحدود بيننا وبين إسرائيل».
وأكد عباس أنه جاهز للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أي وقت، لكنه قال إن ذهابه إلى مقر الكنيست لإلقاء خطاب أو حضور نتنياهو إلى مقر المجلس التشريعي الفلسطيني لنفس السبب، يحتاج إلى دراسة وبحث.
ووجه عباس كلمة للشعب الإسرائيلي، قال فيها: «نحن جيران وتحاربنا كثيرا وأرجو الله أن تكون الحرب قد انتهت. نحن نعد أن الحروب أصبحت وراء ظهرنا، ونحن نريد السلام مع إسرائيل ونحن الذين سنجلب 57 دولة عربية وإسلامية لتصنع السلام معكم».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.