المغرب يُطلق عملية عسكرية في المنطقة العازلة بالصحراء

«البوليساريو» تعلن «بدء الحرب»... والرباط أبلغت نواكشوط قبل تحرك قواتها لـ«إعادة الأمور إلى نصابها» عند معبر الكركرات

أطلق المغرب عملية عسكرية لإعادة فتح معبر الكركرات في المنطقة العازلة بالصحراء
أطلق المغرب عملية عسكرية لإعادة فتح معبر الكركرات في المنطقة العازلة بالصحراء
TT
20

المغرب يُطلق عملية عسكرية في المنطقة العازلة بالصحراء

أطلق المغرب عملية عسكرية لإعادة فتح معبر الكركرات في المنطقة العازلة بالصحراء
أطلق المغرب عملية عسكرية لإعادة فتح معبر الكركرات في المنطقة العازلة بالصحراء

تدخل المغرب أمس لـ«إعادة الأمور إلى نصابها» عند معبر الكركرات الحدودي الرابط بين المغرب وموريتانيا، بعدما أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، بتدخل الجيش المغربي لوضع حد لعرقلة حركة النقل المدني والتجاري من عناصر في جبهة «البوليساريو» المدعومة من الجزائر، منذ 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعودة الوضع إلى طبيعته السابقة.
وقال بيان لوزارة الخارجية المغربية، صدر صباح أمس (الجمعة)، «إنه أمام الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة لميليشيات (البوليساريو) في المنطقة العازلة بالكركرات في الصحراء المغربية، قرر المغرب التحرك، في احترام تام للسلطات المخولة له»، بينما أعلنت جبهة «البوليساريو» أن «الحرب بدأت»، معتبرة أن المغرب ألغى وقف النار المبرم عام 1991.
بدوره، ذكر بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية، صباح أمس، أن القوات المغربية أقامت، الليلة قبل الماضية، حزاماً أمنياً من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة بالكركرات.
وأوضح البيان ذاته أنه «على أثر قيام نحو 60 شخصاً مؤطرين من ميليشيات مسلحة تابعة لجبهة البوليساريو بعرقلة المحور الطرقي العابر للمنطقة العازلة للكركرات التي تربط بين المغرب وموريتانيا، ومنع الحق في المرور، أقامت القوات المسلحة الملكية حزاماً أمنياً بهدف تأمين تدفق السلع والأفراد عبر هذا المحور».
واعتبر البيان أن هذه العملية «ليست لها نيات عدوانية، وجرت وفق قواعد التزام واضحة، تقوم على تجنب أي احتكاك مع أشخاص مدنيين وعدم اللجوء إلى استعمال السلاح إلا في حالة الدفاع الشرعي».
وأبلغت مصادر متطابقة «الشرق الأوسط» بأن معرقلي حركة التنقل في الكركرات، الموالين لجبهة «البوليساريو»، غادروا المنطقة في حالة فرار بمجرد ما بدأت طلائع القوات المغربية تصل إلى مكان تجمعهم. وأضافت أنه لم يقع احتكاك معهم، وهو ما سجلته عناصر بعثة «مينورسو» الأممية التي تابعت العملية المغربية برمّتها وسجّلتها بالصوت والصورة.
وذكر مصدر في الخارجية المغربية لـ«الشرق الأوسط» أن الرباط أبلغت موريتانيا ودولاً أخرى معنية بنزاع الصحراء بالعملية قبل إطلاقها.
وفي الوقت الذي أوضح بيان لوزارة الخارجية المغربية أن المغرب بعد أن التزم بأكبر قدر من ضبط النفس، لم يكن أمامه خيار آخر سوى تحمل مسؤولياته من أجل وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري، أعلنت جبهة البوليساريو أن العملية التي قام بها المغرب أنهت وقف إطلاق النار الساري بين الجانبين منذ عام 1991 وأن «الحرب بدأت». وقال وزير خارجية الجبهة محمد السالم ولد السالك، في اتصال هاتفي من العاصمة الجزائرية مع وكالة الصحافة الفرنسية إن قوات الجبهة ستردّ على الجيش المغربي بعد إطلاقه العملية العسكرية في منطقة الكركرات.
وفي رد فعل ميداني على العملية المغربية، أقدمت جبهة «البوليساريو» أمس، على إطلاق نار محدود على القوات المغربية المرابطة في منطقة المحبس القريبة من الجدار الأمني، الذي شيّده المغرب في الصحراء ما بين 1980 و1987 على امتداد 2720 كيلومتراً. واستمر إطلاق النار من طرف عناصر «البوليساريو» لوقت وجيز، بعدما ردّت المدفعية المغربية بسرعة وبلا تردد على تحرشات الجبهة. ولم يصدر أي بيان رسمي عن المغرب أو جبهة «البوليساريو» عن هذا التراشق المحدود.
في غضون ذلك، ذكر بيان وزارة الخارجية المغربية أن جبهة «البوليساريو» وميليشياتها، التي تسللت إلى المنطقة منذ 21 أكتوبر الماضي، قامت بأعمال عصابات هناك، وعرقلت حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، وكذا التضييق باستمرار على عمل المراقبين العسكريين لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو».
وأوضح البيان أن هذه التحركات الموثقة «تشكّل بحق أعمالاً متعمَّدة لزعزعة الاستقرار وتغيير الوضع بالمنطقة، وتمثل انتهاكاً للاتفاقات العسكرية، وتهديداً حقيقياً لاستدامة وقف إطلاق النار».
واعتبر البيان ذاته أن هذه التحركات تقوّض أي فرص لإعادة إطلاق العملية السياسية المنشودة من المجتمع الدولي، مشيراً إلى أنه منذ 2016 ضاعفت جبهة «البوليساريو» هذه التحركات الخطيرة وغير المقبولة في هذه المنطقة، في انتهاك للاتفاقات العسكرية، ودون اكتراث لتنبيهات الأمين العام للأمم المتحدة، وفي خرق لقرارات مجلس الأمن التي دعت الجبهة إلى «وضع حد» لهذه الأعمال الهادفة إلى زعزعة الاستقرار. وأشار البيان أيضاً إلى أن المغرب نبّه في حينه الأمين العام للأمم المتحدة وكبار المسؤولين الأمميين، وأطلعهم بانتظام على هذه التطورات الخطيرة للغاية. كما طلب من أعضاء مجلس الأمن و«مينورسو»، وكذا عدة دول جارة، أن يكونوا شهوداً على هذه التحركات.
وكشف البيان أن المغرب منح الوقت الكافي للمساعي الحميدة للأمين العام للأمم المتحدة ولبعثة «مينورسو» من أجل حمل جبهة «البوليساريو» على وقف أعمالها الهادفة إلى زعزعة الاستقرار ومغادرة الكركرات. إلا أن دعوات «مينورسو» والأمين العام للأمم المتحدة، وكذا تدخلات العديد من أعضاء مجلس الأمن -يقول البيان- ظلت للأسف من دون جدوى، قبل أن يَخلص إلى أن القول إن جبهة «البوليساريو» تتحمل وحدها، كامل المسؤولية وكل عواقب هذه التحركات.
تجدر الإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في الصحراء عام 1991، الذي جرى التوصل إليه بعد 16 سنة من الحرب الضارية، ينص على أن المنطقة العازلة يجب أن تكون خالية من السلاح ومن أي وجود عسكري.
وقال مصدر جد مطلع على ملف نزاع الصحراء لـ«الشرق الأوسط» إن الملك الراحل الحسن الثاني هو صاحب فكرة إقامة منطقة عازلة في الصحراء نظراً لأنه لم يكن يرغب في أن تطارد قواته ميليشيات جبهة «البوليساريو» داخل الترابين الجزائري والموريتاني. ومن هنا جاءت فكرة إقامة جدار أمني دفاعي يفصل بين الصحراء المغربية والمنطقة العازلة والأراضي الجزائرية والموريتانية.
وحاولت جبهة «البوليساريو» في السنوات الأخيرة فرض أمر واقع في المنطقة العازلة بوصفها «أراضي محررة» بيد أنها ووجهت بصرامة من طرف الأمم المتحدة خصوصاً في تقريرَي مجلس الأمن الأخير وما قبل الأخير، وطالبتها بعدم تغيير الوضع القائم في المنطقة العازلة.
ورغم قرارات مجلس الأمن ونداءات أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، بادرت جبهة «البوليساريو»، جراء تداعيات أزمة داخلية تعيشها، بالدخول إلى الكركرات في المنطقة العازلة، وهو ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير يعلن أن الجبهة قامت بأكثر من 100 خرق لوقف إطلاق النار، ونص بشكل صريح على أنه لا يجب عليها عرقلة حركة النقل المدنية والتجارية في المعبر الحدودي. بيد أن الجبهة تمادت في إغلاق المعبر وعرقلة الحركة فيه بواسطة عناصرها الذين كانوا يرتدون لباساً مدنياً، ولم تؤدِّ محاولات قوات بعثة «مينورسو» اليومية لإقناعهم بالخروج من المعبر إلى أي نتيجة، وهو ما أدى إلى تدخل سلمي مغربي تحت مراقبة بعثة الأمم المتحدة.



شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
TT
20

شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)

تنافس أكثر من 20 روبوتاً في أول نصف ماراثون بشري في العالم في الصين اليوم (السبت)، ورغم تفوقها التكنولوجي المذهل، فإنها لم تتفوق على البشر في المسافة الطويلة.

وشارك أكثر من 12 ألف شخص في السباق الذي يمتد إلى 21 كيلومتراً. وفصلت حواجز مسار عدْو الروبوتات عن منافسيها من البشر.

وبعد انطلاقها من حديقة ريفية، اضطرت الروبوتات المشاركة إلى التغلب على منحدرات طفيفة، وحلبة متعرجة بطول 21 كيلومتراً (13 ميلاً) قبل أن تصل إلى خط النهاية، وفقاً لصحيفة «بكين ديلي» الحكومية.

شاركت فرق من عدة شركات وجامعات في السباق، الذي يُمثل عرضاً للتقدم الذي أحرزته الصين في تكنولوجيا الروبوتات، في محاولتها اللحاق بالولايات المتحدة، التي لا تزال تفخر بنماذج أكثر تطوراً، وفق ما أفادت شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وتم السماح للمهندسين بإجراء تعديلات على أجهزة التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بهم على طول الطريق، مع تحديد محطات مساعدة خاصة للروبوتات. ولكن بدلاً من الماء والوجبات الخفيفة، كانت المحطات تقدم بطاريات، وأدوات فنية للروبوتات.

روبوت يفقد السيطرة عند بداية أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)
روبوت يفقد السيطرة عند بداية أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)

ورغم منح الروبوت أقصى طاقة ممكنة، تأخر الروبوت «تيانغونغ ألترا» كثيراً عن أسرع رجل في السباق، الذي عبر الخط في ساعة واحدة و11 ثانية تقريباً. أول روبوت يعبر خط النهاية، تيانغونغ ألترا، من ابتكار مركز بكين لابتكار الروبوتات البشرية، أنهى السباق في ساعتين و40 دقيقة. وهذا يقل بنحو ساعتين عن الرقم القياسي العالمي البشري البالغ 56:42 دقيقة، والذي يحمله العداء الأوغندي جاكوب كيبليمو. أما الفائز بسباق الرجال اليوم (السبت)، فقد أنهى السباق في ساعة ودقيقتين.

وكان السباق بمثابة عرض فني، وقال رئيس الفريق الفائز إن روبوتهم -رغم تفوقه على البشر في هذا السباق تحديداً- كان نداً لنماذج مماثلة من الغرب، في وقتٍ يحتدم فيه السباق نحو إتقان تكنولوجيا الروبوتات البشرية.

المهندسون يتسابقون مع الروبوت «تيانغونغ ألترا» خلال نصف ماراثون «إي تاون» للروبوتات البشرية (رويترز)
المهندسون يتسابقون مع الروبوت «تيانغونغ ألترا» خلال نصف ماراثون «إي تاون» للروبوتات البشرية (رويترز)

وكانت الروبوتات، بأشكالها وأحجامها المتنوعة، تجوب منطقة ييتشوانغ جنوب شرقي بكين، موطن العديد من شركات التكنولوجيا في العاصمة.

خلال الأشهر القليلة الماضية، انتشرت مقاطع فيديو لروبوتات صينية بشرية وهي تؤدي حركات ركوب الدراجات، والركلات الدائرية، والقفزات الجانبية على الإنترنت.

روبوت يشارك في أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)
روبوت يشارك في أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)

في وثيقة سياسية لعام 2023، حددت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية صناعة الروبوتات البشرية باعتبار أنها «حدود جديدة في المنافسة التكنولوجية»، وحددت هدفاً بحلول عام 2025 للإنتاج الضخم، وسلاسل التوريد الآمنة للمكونات الأساسية.

وقال مهندسون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الهدف هو اختبار أداء الروبوتات، وما إذا كانت جديرة بالثقة. ويؤكدون أنّ الأولوية هي الوصول إلى خط النهاية، لا الفوز بالسباق. ورأى كوي وينهاو، وهو مهندس يبلغ 28 عاماً في شركة «نوتيكس روبوتيكس» الصينية، أن «سباق نصف الماراثون يشكل دفعاً هائلاً لقطاع الروبوتات بأكمله». وأضاف: «بصراحة، لا يملك القطاع سوى فرص قليلة لتشغيل آلاته بهذه الطريقة، بكامل طاقتها، على هذه المسافة، ولوقت طويل. إنه اختبار صعب للبطاريات، والمحركات، والهيكل، وحتى الخوارزميات». وأوضح أن روبوتاً تابعاً للشركة كان يتدرب يومياً على مسافة تعادل نصف ماراثون، بسرعة تزيد على 8 كيلومترات في الساعة.

منافسة مع الولايات المتحدة

وشدّد مهندس شاب آخر هو كونغ ييتشانغ (25 عاماً) من شركة «درويد آب»، على أن سباق نصف الماراثون هذا يساعد في «إرساء الأسس» لحضور هذه الروبوتات بشكل أكبر في حياة البشر. وشرح أنّ «الفكرة الكامنة وراء هذا السباق هي أنّ الروبوتات الشبيهة بالبشر يمكنها الاندماج بشكل فعلي في المجتمع البشري، والبدء بأداء مهام يقوم بها بشر». وتسعى الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى أن تصبح الأولى عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مما يضعها في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة التي تخوض معها راهناً حرباً تجارية. أصبحت الشركات الصينية، وتحديداً الخاصة منها، أكثر نجاحاً في استخدام التقنيات الجديدة.

في يناير (كانون الثاني)، أثارت شركة «ديب سيك» الناشئة اهتماماً إعلامياً واسعاً في الصحف العالمية بفضل روبوت محادثة قائم على الذكاء الاصطناعي، وتقول إنها ابتكرته بتكلفة أقل بكثير من تكلفة البرامج التابعة لمنافسيها الأميركيين، مثل «تشات جي بي تي».