مسؤول أميركي: مؤتمر اللاجئين السوريين بروباغندا وعلاقات عامة

جويل ريبيرن لـ«الشرق الأوسط»: السياسة الأميركية لن تتغير مع بايدن

TT

مسؤول أميركي: مؤتمر اللاجئين السوريين بروباغندا وعلاقات عامة

انتقد مسؤول أميركي رفيع المستوى القمة التي استمرت يومين، واستضافتها حكومة الأسد في دمشق، بشأن اللاجئين السوريين، ووصفتها بأنها «بروباغندا» و«حيلة علاقات عامة»، معتبراً أنها تهدف إلى صرف الانتباه عن حقيقة أن الروس ونظام الأسد لم يفعلوا ما كان المجتمع الدولي يضغط عليهم للقيام به.
وقال جويل ريبيرن، الممثل الخاص للولايات المتحدة بشأن سوريا، الخميس، في إحاطة صحافية مختصرة شاركت بها «الشرق الأوسط»، إن الرئيس بشار الأسد وحليفه الروسي لا يعملان من أجل إنهاء الحرب، والانتقال إلى حل سياسي، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254)، معتبراً أن المؤتمر الذي عقده نظام الأسد في دمشق عن اللاجئين عبارة عن بروباغندا واستعراض علاقات عامة، ووصفه بأنه «عرض الكلب والفرس»، وهو مثل أميركي شهير يستخدم من أجل وصف أداء أو عرض أكثر من اللازم، أو حدث مصمم للتأثير على الرأي والإقناع لأغراض سياسية.
وعد ريبيرن أن الاجتماع كان وسيلة لصرف الانتباه عن الحقيقة المعروفة، من أن حكومة الأسد تواصل مهاجمة المدنيين، ولم تتخذ تعهدات بإنهاء الهجمات على المدنيين السوريين، وهو ما يسبب أزمة اللاجئين في المقام الأول. كما أن الحكومة السورية لم تدعو إلى المؤتمر تركيا، الدولة التي يوجد بها أكبر عدد من اللاجئين السوريين، كذلك لم تحضر الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مضيفاً: «انضمت بعض الدول إلى التجمع في دمشق، واقترحت زوراً أن سوريا أصبحت الآن آمنة لعودة اللاجئين»، ومن الدول التي حضرت الاجتماع روسيا، وإيران، والعراق، ولبنان، وفنزويلا، والصين.
واتهم ريبيرن بعض الحاضرين بتمكين وحشية الأسد، إذ إن بعض الدول التي انضمت هي نفسها تواصل قتل وإصابة المدنيين في سوريا، وتلك التي تجبر الملايين على الفرار من بلادهم، مضيفاً: «أمام الحكومة السورية خيار: يمكنهم إما اتخاذ خطوات لا رجوع عنها نحو حل سلمي لهذا الصراع المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمان، أو يمكنهم مواجهة مزيد من العقوبات المعوقة والعزلة الدبلوماسية».
وفي جواب لـ«الشرق الأوسط» حول تخوف بعض الدول الإقليمية من السياسية الأميركية الجديدة تجاه سوريا، أجاب جويل ريبيرن، الممثل الخاص للولايات المتحدة بشأن سوريا، بأن «قانون قيصر» الذي أقره الكونغرس وافق عليه أكثر من 500 عضو تشريعي، وهو يمثل الاستراتيجية الأميركية الرسمية في معاقبة نظام الأسد على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، وستواصل الإدارة الأميركية الآتية ذلك، مهما كانت تلك الإدارة؛ أي أن أهداف السياسة الأميركية ستظل كما هي في سوريا.
وأفاد بأن روسيا ونظام الأسد يسعيان على وجه الخصوص إلى جمع الأموال لإعادة بناء سوريا التي هم أنفسهم مسؤولون عن تدميرها، بينما يواصل نظام الأسد تمويل العمليات العسكرية بملايين الدولارات شهرياً ضد مواطنيه، مؤكداً أن النظام يواصل إخفاء السوريين الذين يعودون بالفعل إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
وأضاف: «نحن ملتزمون بالهزيمة الدائمة لـ(داعش) و(القاعدة)، وحل سياسي لا رجوع فيه للصراع السوري، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254)، وإخراج جميع القوات المدعومة من إيران من سوريا، ومن المتوقع أن تزيد إدارة ترمب العقوبات على نظام الأسد في الشهرين المقبلين».
وبدوره، أكد ريتشارد أولبرايت، نائب مساعد وزير السكان واللاجئين والهجرة في الولايات المتحدة، لـ«الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة الأميركية استقبلت أكثر من 22 ألف لاجئ سوري منذ بداية الأزمة. كما أن الولايات المتحدة هي الدولة المانحة الرئيسية للاستجابة للأزمة الإنسانية السورية، مبيناً أن مجموع التبرعات التي أنفقتها أميركا على السوريين بلغ 1.7 مليار دولار، مؤكداً أنه «سنواصل دعم هذه الاستجابة، وبالتالي لدينا حل مستدام للأزمة».
وأفاد أولبرايت بأن أكثر من 5.6 مليون سوري أجبروا على الفرار من بلادهم منذ اندلاع الحرب في عام 2011، مضيفاً: «روسيا والأسد يستخدمان اللاجئين رهائن سياسية، معتقدين أنهم إذا عادوا إلى سوريا، فإنهم سيضفون الشرعية على النظام».
واتهم أيضاً روسيا والنظام السوري باستخدام اللاجئين «بيادق سياسية» لإضفاء الشرعية على النظام، قائلاً: «النازحون السوريون يعرفون ذلك، ولهذا السبب لن يعودوا؛ وهذا التجاهل الصارخ للأرواح المعرضة للخطر أمر يستحق الشجب»، مشيراً إلى أن موقف الأمم المتحدة هو أن الظروف في سوريا لم تفضِ بعد إلى عودة آمنة مستدامة للاجئين.
وأضاف أولبرايت: «قوبلت عمليات العودة القليلة التي حدثت في كثير من الأحيان بنزوح ثانوي، واستمرار الاعتماد على المساعدة الدولية، وفي بعض الحالات التجنيد الإجباري والاحتجاز والاختفاء القسري، وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».