سعد رمضان: عانيت فنياً بسبب «كورونا»

المطرب اللبناني أكد رفضه إعادة توزيع أغنيات عبد الحليم حافظ

الفنان سعد رمضان  (الشرق الأوسط)
الفنان سعد رمضان (الشرق الأوسط)
TT

سعد رمضان: عانيت فنياً بسبب «كورونا»

الفنان سعد رمضان  (الشرق الأوسط)
الفنان سعد رمضان (الشرق الأوسط)

كشف الفنان اللبناني سعد رمضان أنه عانى فنياً من وباء «كورونا» بعدما تسبب الوباء في عدم طرحه أغنيات جديدة، أو مشاركته في حفلات غنائية في لبنان أو خارجها، باستثناء مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة، وقال رمضان في حوراه «مع الشرق الأوسط» إن «الفنان مهما بلغ من العمر والنجاح والشهرة عليه أن يواصل البحث عن التعلم، ولا يكتفي بما تعلمه في صغره».
تحدث سعد رمضان عن مشواره الفني في عام 2020، قائلاً: «هذا العام يعد من أقل الأعوام نشاطاً في مسيرتي الفنية الممتدة لأكثر من 10 سنوات، فأنا لم أقدم خلاله سوى أغنية وطنية واحدة، عقب انفجار مرفأ بيروت، كما أن حفلاتي الغنائية الكبيرة والمتميزة كانت شحيحة للغاية باستثناء حفلي في مهرجان الموسيقى العربية بدورته الـ29، ولكن هذا العام كان سيئا على الجميع، وليس علي فقط، فالجميع عانى من جائحة كورونا مثلما عانيت».
وأشار إلى أن «النجوم الكبار كانوا مثلي غير قادرين على الإبداع، بسبب هذا الفيروس اللعين الذي توقفت بسببه الحفلات والمهرجانات».
وعن سبب تقديمه الدائم لأغنيات عبد الحليم حافظ وأم كلثوم في حفلاته الغنائية، قال: «عندما كنت صغيراً وجدت أمي الفنانة سوزان غطاس وهي تشدو دوما بأغنيات أم كلثوم لدرجة جعلتني أعتقد أن أغنيات أم كلثوم هي أغنيات والدتي وليس العكس، وتربيت طوال فترة مراهقتي وشبابي على أغنيات عبد الحليم حافظ وعشقته إلى حد الجنون، وعندما قررت احتراف الغناء لم أجد أفضل من أغنيات عبد الحليم حافظ لأبدأ بها، وبسبب ذلك أصبحت أنا الذي يحيي حفلات ذكرى ميلاد ورحيل العندليب في بيروت وهو شرف كبير لي».
ورفض رمضان فكرة إعادة تقديم أغنيات عبد الحليم حافظ بتوزيع جديد قائلاً: «أنا ضد فكرة إعادة تقديم وتوزيع أغاني المطربين الراحلين لأن سر نجاحها، يكمن في حفاظها على نجاحها نفسه رغم مرور كل تلك السنين، وأرى أن العبث بها قد يؤدي إلى تخربيها».
وأشار رمضان إلى أنه قرر التركيز على تقديم الأغنيات الرومانسية خلال الفترة المقبلة، قائلاً: «اكتشفت أن الجمهور يصدق الأغنيات الرومانسية أكثر ويتفاعل معها والدليل على ذلك هو النجاح الكبير الذي حققته أغنية (شو محسودين)».
وذكر رمضان أنه يقترب من طرح أغنية باللهجة المصرية ستكون مفاجأة، وذلك بعد طرحه أغنية خليجية بعنوان (قهوة وداع) وهي من الأغنيات التي أحبها كثيراً، فأنا بشكل عام أصبحت أحب تقدم الأغاني الخليجية، والوصول إلى الجمهور الخليجي، وقدمتها على البيانو وسعدت كثيرا بنجاحها، وأنا اعتدت البحث عن اللهجات المختلفة للغناء بها، مثل «الجزائرية والتونسية والمغربية لأصل لأكبر عدد من الجمهور».
وأشار رمضان إلى أن الفنان عليه أن يبحث دوما عن العلم مهما بلغ من نجاح وشهرة وذلك بعد حصوله مؤخراً على منحة لتعلم الموسيقى من جامعة روح القدس للكاثوليك، قائلاً: «منذ بدايتي الفنية وأنا أفكر في دراسة الموسيقى، ورغم أنني كنت أبحث عنها لكنها جاءت لي أسرع مني، ووافقت بالفور عليها، على رغم اعتراض البعض على الفكرة لكوني أصبحت مشهوراً ولدي رصيد كاف من الأغنيات وأغني في المسارح المعروفة كافة، ولكنني ما زلت مؤمنا بفكرة العلم، وهي أنني مهما بلغت من النجاح فلا بد أن أبحث عن العلم وأسعى له، فالعلم لن ينتهي حتى لو ظللت أدرس 100 عام».
وعن أعماله الجديدة التي يعمل عليها خلال الفترة المقبلة، قال: «طرحت قبل جائحة كورونا مع شركة (روتانا) ميني ألبوم ضم 4 أغنيات، لكن تعرضت بعض أغنياته للظلم، فاليوم نحن في عصر السينغل فالجمهور أصبح ميالاً لمثل هذه الأغنيات بدليل عدم توجهه لشراء الألبومات، وحالياً أحضر لأغنية مصرية وأغنيتين لبنانيتين وسأطرحها قريبا إذ لم يعد هناك وقت، فقد توقفت طويلا لأن الحالة العامة في لبنان لم تكن تسمح بالغناء».
وعبر عن أمنيته لتقديم «دويتو غنائي مع الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب بسبب حبه الشديد لصوتها»، بحسب تعبيره.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».