المركزي الأوروبي يبحث هدفاً جديداً للتضخم

مخاوف من استمرار الركود وانهيار عدة قطاعات

تتزايد المخاوف من استمرار الركود وتقييد السلوك الاستهلاكي على مدى طويل في أوروبا (أ.ف.ب)
تتزايد المخاوف من استمرار الركود وتقييد السلوك الاستهلاكي على مدى طويل في أوروبا (أ.ف.ب)
TT

المركزي الأوروبي يبحث هدفاً جديداً للتضخم

تتزايد المخاوف من استمرار الركود وتقييد السلوك الاستهلاكي على مدى طويل في أوروبا (أ.ف.ب)
تتزايد المخاوف من استمرار الركود وتقييد السلوك الاستهلاكي على مدى طويل في أوروبا (أ.ف.ب)

قال أولي رين، محافظ البنك المركزي الفنلندي، الجمعة، إن المركزي الأوروبي سيبحث تعديلات محتملة على هدفه للتضخم في ندوة الأسبوع المقبل، مما يعزز توقعات بأن الهدف ربما يتم الانتهاء منه قبل مراجعة استراتيجية تنتهي في منتصف 2021.
وقال رين للصحافيين: «على مدى الخريف، تسارعت وتيرة عملنا الاستراتيجي... الأسبوع المقبل، سنركز على هدف استقرار الأسعار، وهو صميم السياسة النقدية».
ومن المتوقع أن يستهدف البنك المركزي الأوروبي الذي يستهدف حالياً تضخماً «قرب 2 في المائة، لكن أقل من ذلك»، في المستقبل 2 في المائة، مع الالتزام بالتناظر الصريح، مما يشير إلى أنه سيكافح الارتفاع عن الهدف، والانخفاض دونه بالقوة نفسها.
وقد يعني ذلك أنه بعد فترة من وصول التضخم لمستوى أقل من المستهدف، فإن البنك سيسمح له بتجاوز المستوى المستهدف لبعض الوقت. وستستمر المراجعة الاستراتيجية التي يقوم بها البنك المركزي الأوروبي حتى منتصف 2021، لكن بعض صانعي السياسات يقولون في أحاديث خاصة إن مكون هدف التضخم قد يتم الانتهاء منه في وقت أقرب، ربما حتى في يناير (كانون الثاني)، وإن الجزء اللاحق من المراجعة سيركز على أهداف ثانوية.
ويأتي ذلك فيما كشف تقدير ثانٍ من مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات)، الجمعة، أن اقتصاد منطقة اليورو قفز بوتيرة أقل قليلاً من المُعلن سابقاً في الربع الثالث، في مقابل الأشهر الثلاثة السابقة، مما تمخض عنه انكماش أكبر على نحو طفيف على أساس سنوي.
وقال «يوروستات» إن الناتج الاقتصادي لدول منطقة اليورو، البالغ عددها 19 دولة، ارتفع 12.6 في المائة على أساس فصلي في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، في مراجعة نزولية من قفزة 12.7 في المائة أُعلنت في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ويعني ذلك أنه على أساس سنوي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو 4.4 في المائة في الربع الثالث، بدلاً من 4.3 في المائة في الإعلان السابق.
ورغم ذلك، تتوقع شركة الاستشارات الإدارية «برايس ووترهاوس كوبرز» استمرار الركود، وتقييد السلوك الاستهلاكي على مدى طويل في أوروبا. وأعلنت الشركة أنه عقب تراجع في الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا بنسبة 9 في المائة العام الحالي، من المرجح أن يرتفع الناتج الاقتصادي بنسبة 5.5 في المائة العام المقبل.
وتتوقع الشركة أن تبلغ نسبة الانكماش الاقتصادي في ألمانيا هذا العام 7 في المائة، بينما سيرتفع الأداء الاقتصادي العام المقبل إلى 98.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الذي وصلت إليه البلاد قبل أزمة جائحة كورونا.
وبحسب التقرير، تضرر قطاع الصناعة بشدة من الأزمة، حيث تراجعت استثمارات الشركات. وتتوقع الشركة أن تشهد صناعة السيارات انتعاشاً بطيئاً، أو في أسوأ الأحوال عدم انتعاش على الإطلاق على مدار السنوات الثلاث المقبلة، وأن تظل القيمة المضافة دون مستويات ما قبل الأزمة لفترة طويلة. وترى الشركة أن ارتفاع ديون الدولة والشركات خلال أزمة كورونا يلقي بثقله على التعافي.
وقال رئيس الاستشارات الأوروبية في الشركة، يواخيم إنغلرت: «لقد عانت كثير من نماذج الأعمال الحالية بالفعل بشكل كبير من آثار الموجة الأولى من الجائحة. ومن المحتمل أن تؤدي عواقب الموجة الثانية إلى تفاقم هذا التطور».
وبحسب البيانات، لا يزال قطاع السفر والسياحة وقطاع الترفيه يكافح لمقاومة تداعيات إجراءات احتواء كورونا، ومن المرجح أن تنهار المبيعات في قطاع الخدمات الألمانية بوجه عام بنسبة 10 في المائة هذا العام. كما من المرجح أن تتراجع مبيعات قطاع التكنولوجيا الطبية وصناعة الأدوية بنحو 6 في المائة في العام الحالي، وأن تنمو بنسبة 3 في المائة في عام 2021.
وتعد تجارة التجزئة في مجال المواد الغذائية مستقرة تقريباً، ومن المرجح أن تكون واحدة من الصناعات القليلة التي ستحقق قيمة ربحية أكبر في نهاية عام 2021، في مقابل نهاية عام 2019. ويعد البيع بالتجزئة عبر الإنترنت فائزاً واضحاً. كما أظهر قطاع الاتصالات أيضاً مقاومة للأزمة، حيث توقعت دراسة «برايس ووترهاوس كوبرز» أن ينمو هذا القطاع عام 2020 بنسبة 1 في المائة، و2 في المائة العام المقبل.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).