بحث حول تصور المغاربة لـ«كوفيد - 19» يؤكد ثقتهم في مؤسسات الدولة

مغاربة يلتزمون بالإجراءات الوقائية في مسجد الحسن الثاني الكبير بالدار البيضاء (أ.ب)
مغاربة يلتزمون بالإجراءات الوقائية في مسجد الحسن الثاني الكبير بالدار البيضاء (أ.ب)
TT

بحث حول تصور المغاربة لـ«كوفيد - 19» يؤكد ثقتهم في مؤسسات الدولة

مغاربة يلتزمون بالإجراءات الوقائية في مسجد الحسن الثاني الكبير بالدار البيضاء (أ.ب)
مغاربة يلتزمون بالإجراءات الوقائية في مسجد الحسن الثاني الكبير بالدار البيضاء (أ.ب)

بهدف تحليل تصور المغاربة لوباء «كوفيد - 19» والسياسات العامة الساعية إلى كبح جماحه، أجرى مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد تحقيقاً بخصوص هذا الوباء الذي بدأ انتشاره بالمغرب في شهر مارس (آذار) الماضي؛ وبعد فترة من الحجر الصحي امتدت إلى يونيو (حزيران) الماضي، استؤنف العمل تدريجياً في البلاد مع استمرار انتشاره.
واستندت هذه الدراسة، التي حملت عنوان «المغرب في مواجهة وباء (كوفيد – 19) من الثقة إلى القلق»، إلى بيانات مستمدة من ثلاث موجات استطلاعية أنجزت من طرف «إيبسوس المغرب»، خلال أشهر يونيو ويوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، كما تندرج ضمن برنامج البحث «المواقف تجاه كوفيد - 19» الذي تم إنجازه مع مجموعة من الشركاء الدوليين من أكاديميين ووكالات تضم معهد «ساينس بو»، ومعهد الأعمال بجامعة هارفارد، وجامعة باكوني، والبنك الدولي، وجامعة ماك ڭيل، ومعهد تولوز للاقتصاد، والوكالة الفرنسية للتنمية، ومؤسسة الابتكار السياسي، وكذا جامعة هانوفر.
وهدف البرنامج إلى مقارنة البيانات التي تم تجميعها في ثماني دول أوروبية وسبع دول أفريقية بما فيها المغرب، بالإضافة إلى البرازيل، وكندا، والولايات المتحدة، وأستراليا، ونيوزلندا.
ورحب المغاربة، في بداية انتشار الوباء، بتدخل العاهل المغربي الملك محمد السادس لتعبئة الدولة ضد الوباء. كما أشادوا بالتوجيهات التي قدمها للحكومة لدعم الفئات الضعيفة من السكان والاقتصاد الوطني والتعليمات التي وجهها للقوات المسلحة الملكية من أجل دعم السلطات الصحية بالمعدات اللوجيستية الضرورية.
وكشفت موجات الاستطلاع الثلاث، الممتدة من شهر يونيو إلى شهر سبتمبر، عن جملة من المؤشرات، أظهرت أن المغاربة أبدوا في نهاية الحجر الصحي «ثقتهم في كيفية تدبير الوباء من طرف مؤسسات الدولة السيادية (الشرطة والدرك) والطاقم الطبي (المدني والعسكري)، وكذا في السياسات الاقتصادية التي نفذت لمواجهته»، كما أبدوا «تخوفات محدودة نسبياً» من استفحال الجائحة.
ويبقى الـدرس الرئيسـي الـذي يسـتخلص مـن الموجـة الاسـتطلاعية الأولـى هـو الثقـة التي عبـّر عنها المسـتجوبون قبــل انتهــاء الحجــر الصحــي فــي المؤسســات المشــاركة بصفــة مباشــرة فــي مكافحــة الوبــاء، وكــذا فــي التدابيــر التــي اتخذتهــا الســلطات لاحتوائــه. كمــا تظهــر مخــاوف بشــأن المســتقبل الاقتصــادي ونــوع مــن القلـق فـي هـذا السـياق الصعـب، حيث تعكـس البيانـات المسـتخلصة بـكل وضـوح الثقـة فـي مؤسسـات الدولـة والطاقـم الطبي (المدنــي والعســكري). وهكــذا، فــإن 71 في المائة مــن الأشــخاص الذيــن تــم استجوابهم صرحــوا بأنهــم «يثقــون تمامــاً» أو «يميلــون إلــى الثقــة» فــي الشــرطة والــدرك، و86 في المائة منهــم لهــم الــرأي نفــسه حـول الأطبـاء و91 في المائة إزاء العلمـاء المختصيـن. أمـا معـدل الثقـة فـي الزعمـاء التقليدييـن أو فـي المنتخبيــن مثــل رؤســاء البلديــات فيبلغ علــى التوالــي 41 و47 في المائة.
وابتـداءً مـن شـهر يوليـو (تموز)، مع تزايـد عـدد حـالات الإصابـة والوفيـات بسـبب فيـروس «كوفيـد – 19» فـي المغرب، وفـي اقتـران بهـذا التطـور، تظهـر موجـة الاسـتطلاع الثانيـة، بـل والثالثـة بشـكل كبيـر، أن هنـاك تراجـعاً فـي كل مؤشـرات الثقـة تقابلـه زيـادة فـي قلـق السـكان المسـتجوبين. غيـر أن هـذا التطـور يختلـف مـن حيـث الحجـم حسـب المؤسسـات والمجموعـات والمجـالات المعنيـة. لكن، علــى الرغــم مــن تراجــع الثقــة فــي مؤسســات الدولــة الســيادية (الشــرطة والــدرك) والهيئــة الطبيــة (المدنيـة والعسـكرية) والعلمـاء المختصيـن، فإن هـذه الثقـة ظلـت مـع ذلـك فـي مسـتوى عـال.
وأظهر المغاربة «تخوفات بشأن التداعيات الاقتصادية للوباء»، وأبدوا خلال بعض الفترات عن «عدم استقرار راحتهم النفسية». وخلال الفترة التي أعقبت ذلك، والتي تمتد من يونيو إلى النصف الثاني من شهر سبتمبر «تزايدت الشكوك حول فاعلية التدابير المتخذة لمواجهة الجائحة»، كما «تزايد القلق بشأن التداعيات الاقتصادية على نطاق أوسع». وهو التطور نفسه الذي حصل في بلدان أخرى، مع تفاقم انتشار «كوفيد – 19» مع ما لذلك من تداعيات صحية واقتصادية واجتماعية ونفسية.
لكن، وبصرف النظر عن تطور الوباء والعواقب الناجمة عنه، فقد أبدى المغاربة «ثقتهم في مؤسسات الدولة وفي الهيئة الطبية المدنية والعسكرية».
يشار إلى أن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، الذي أطلق في 2014 بالرباط بمشاركة نحو 40 باحثاً من دول الشمال والجنوب، يشكل منبراً منفتحاً لـبلورة منظور الجنوب للرهانات التي تواجهها البلدان النامية، في حين يهدف إلى تيسير القرارات الاستراتيجية والسياسات العمومية المتعلقة ببرامجه الرئيسية التالية: أفريقيا، الجيو سياسة والعلاقات الدولية، الاقتصاد والتنمية الاجتماعية، الفلاحة، البيئة والأمن الغذائي والمواد الأولية والمالية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».