العقوبات الأميركية تُخرج إلى العلن الخلافات بين باسيل ومستشار عون

ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل الذي تستضيف مفاوضاته الأمم المتحدة في مقرها بالناقورة (الصورة) كان مصدر اتهامات متبادلة بين الرئاسة اللبنانية ومستشار سابق للرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل (أ.ف.ب)
ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل الذي تستضيف مفاوضاته الأمم المتحدة في مقرها بالناقورة (الصورة) كان مصدر اتهامات متبادلة بين الرئاسة اللبنانية ومستشار سابق للرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل (أ.ف.ب)
TT

العقوبات الأميركية تُخرج إلى العلن الخلافات بين باسيل ومستشار عون

ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل الذي تستضيف مفاوضاته الأمم المتحدة في مقرها بالناقورة (الصورة) كان مصدر اتهامات متبادلة بين الرئاسة اللبنانية ومستشار سابق للرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل (أ.ف.ب)
ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل الذي تستضيف مفاوضاته الأمم المتحدة في مقرها بالناقورة (الصورة) كان مصدر اتهامات متبادلة بين الرئاسة اللبنانية ومستشار سابق للرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل (أ.ف.ب)

تفاعلت قضية أنطوان حداد، المستشار السابق لرئيس الجمهورية ميشال عون، على خلفية كلامه عن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي كان بدوره قد اتهمه بالخيانة، من دون أن يسمّيه، في المؤتمر الصحافي الذي خصصه يوم الأحد الماضي للرد على العقوبات الأميركية التي فُرضت عليه.
وفي رد منها على تصريحات حداد في وسائل الإعلام، لا سيما تلك المتعلقة بترسيم الحدود مع إسرائيل، قالت رئاسة الجمهورية، في بيان أمس، إنها أنهت العقد معه في الشهر الماضي ومنعت دخوله إلى القصر الرئاسي وبالتالي «لم يعد في حوزته أي ملف من الملفات التي تحدث عنها في تصريحاته إلى وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين، و(لا) أي ملفات أخرى تخص رئاسة الجمهورية»، بحسب البيان.
والرد على حداد الذي كان ضمن الفريق الذي عمل على قضية ترسيم الحدود، لم يقتصر على رئاسة الجمهورية، بل إن المدير العام للرئاسة الدكتور أنطوان شقير الذي كان قد تحدث عنه أيضاً حداد وتحديداً في قضية ترسيم الحدود، أصدر بياناً بدوره متّهماً المستشار السابق بطرحه مسائل غير دستورية وغير قانونية.
وجاء في بيان الدكتور شقير: «نشرت وسائل إعلامية خلال اليومين الماضيين مقابلات وتصريحات للمستشار السابق للعلاقات العامة لرئيس الجمهورية، أنطوان حداد، تناول فيها مواضيع عدة؛ من بينها مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ونقاط أخرى مرتبطة بها، وقد أتى على ذكري أكثر من مرة في معرض كلامه عن هذه الموضوع». وأضاف: «إزاء هذا الأمر؛ يهمني التأكيد على أن حداد عمد خلال فترة وجوده في رئاسة الجمهورية وتعاطيه في ملف ترسيم الحدود البحرية إلى طلب مسائل غير دستورية وغير قانونية، وكان يضغط للسير بها ويصرّ عليها خلافاً لكل الأصول والأنظمة المرعية الإجراء؛ الأمر الذي دفعني إلى اقتراح رفض مخالفة القوانين والدستور، لا سيما أن توجيهات رئيس الجمهورية وقراراته لم تكن تأتلف مع ما كان يطلبه حداد من مسائل غير قانونية وغير دستورية».
ومعلوم أن حداد من مؤسسي «التيار الوطني الحر» ويقيم في الولايات المتحدة الأميركية حيث يتمتع بعلاقات سياسية واسعة. وكلامه الأخير في الإعلام الذي تحدث فيه للمرة الأولى عن علاقته بباسيل وما وصفه بتحكمه في القرارات والمراسيم التي يصدرها عون، جاء بعدما اتهمه رئيس «التيار الوطني الحر» بالخيانة، في مؤتمره الصحافي الذي رد فيه على العقوبات التي فرضتها أميركا عليه، متوعداً بمحاسبته. فرد حداد بأنه سيرفع دعوى ضد باسيل.
وأول ردّ لحداد كان عبر بيان مقتضب قبل أن يخرج في مقابلات إعلامية ويتحدث تفصيلياً عن مرحلة عمله مستشاراً، وعن دور باسيل في كل ما كان يحصل. وجاء في بيانه: «تناقلت وسائل إعلامية أخباراً تناولتني بأنني المقصود بكلام رئيس (التيار الوطني الحر) حول تعرّضه للخيانة. وإذ أستهجن زجّ اسمي في هذه الأخبار المتسرّعة، أذكّر بأنني كنت مكلّفاً بملف ترسيم الحدود من قبل رئيس الجمهورية، ولم يكن لي أي دور أو مهمة فيما يخص التواصل مع الإدارة الأميركية في ملف العقوبات».
أما في مقابلاته الإعلامية، فكشف حداد عن كثير من المعلومات المرتبطة بشكل مباشر بباسيل، قائلاً إن رئيس الجمهورية لا يصدر أي مراسيم من دون موافقة الأخير عليها، كما أنه في بعض الأحيان كان يتراجع عنها إذا رفضها باسيل، مضيفاً أن اثنين من هذه المراسيم مرتبطان بترسيم الحدود. وأضاف: «كنت في الفريق الذي عمل على المرسوم الخاص بترسيم الحدود، وتركت المهمة لأننا وضعنا خطاً لاسترداد كل المياه الإقليمية التي هي من حق لبنان، لكن باسيل طرح خطاً آخر لاسترداد نصف المساحة».
وعن العقوبات، قال حداد: «قمنا بأمور كثيرة لندافع عن باسيل، من أجل الرئيس عون، لكن الإجابات التي كانت تأتينا من الإدارة الأميركية هي أنه كاذب وفاسد... ولولا وجود أدلة لديهم عن فساده لما كانوا فرضوا العقوبات».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.